كل الوطن- هافنجتون بوست :خلال طفولته في السعودية، كان عامر عطار والد العداءة السعودية سارة -، يرى شيئاً على شاشات التلفزيون لم يره في الواقع، ألا وهو رؤية النساء من جميع بلدان العالم يمارسن الرياضة ويتبارين فيها. يروي في لقاء مع صحيفة The Washington Post الأميركية، تشاهد الدول الأخرى تتبارى نساؤها على الشاشة، وكان تعليق الناس على هذا (أوه إنه الغرب)، فتفصل نفسك وثقافتك عنه، لأنه لا يخطر ببال المرء أن نساءنا أو فتياتنا يستطعن فعل ذلك. غادر عطّار السعودية للدراسة الجامعية في الولايات المتحدة، وتزوج من زوجته الأميركية جودي في العام 1984 ليدرب ابنتيه إحداهما سارة وابنه على كرة القدم في كاليفورنيا. ويصف الأب مشاهدته ابنته الوسطى سارة عطار في أولمبياد لندن 2012 تمثل السعودية في سباق الـ800 متر بـ السحر. تغيّر على المجتمع السعودي لكن عائلة العطار وفي زياراتها المتكررة للسعودية بدأت تلاحظ شيئاً من التغيير يدور وينتشر في بلد هو أكثر بلدان الشرق الأوسط محافظةً وتمسكاً بالتقاليد. ففي زيارة في العام 2011 كما تروي العائلة -، رغبت سارة أن تخرج لتركض، فساعدها أبوها على ارتداء زي للركض كالعدائين الذكور، ثم اصطحبها إلى الكورنيش الساحلي في جدة. ويقول الأب، ارتدت قبعة وبنطالاً رياضياً وقميصاً ذا أكمامٍ طويلة، وقلت لها (اركضي وسأقود بجانبك، فإن تعرضت للمضايقات أو ما شابه سأتصرف)، ثم بدأت تركض، ثم بعد 5 دقائق أو 10 دقائق…. وهنا تسلّمتْ ابنته دفة الحديث لتقول، بعد 5 دقائق بالضبط من الركض جاءت سيارة محملة بشباب كلهم في العشرينات من العمر وبدأوا يقودون سيارتهم بجانبي ويهتفون بصوت عالٍ (ماذا تظنين أنك تفعلين؟) وما شابه. فاكتفينا بهذا القدر من الركض. لكن في ديسمبر/كانون الثاني 2015، وعندما كانت سارة وأختها تركضان مرتديتين عباءاتهما ووالدهما عامر يقود السيارة بمحاذاتهما، وصل إلى المشهد ضابط شرطة، إلا أنه لم يأت سوى ليتأكد من أن عامر ليس رجلاً يتحرش بهما. كذلك سعدت العائلة كثيراً بطرقات المشي الجديدة في جدة، ويصف الأب تلك الممرات والطرقات بعينين تلمعان سعادةً وهو يصف شعوره، لم يكن هنالك شيء من هذا القبيل فيما مضى. لم يكن هناك مجال لفعل ذلك ومضى يصف أزواج المشاة والنساء في عباءاتهن. وقال، رأيت رجلاً مع ما يبدو أنها زوجته يمسكان بأيدي بعضهما ويركضان معاً. كانت ترتدي العباية ومحجبة، لكنهما كانا فعلاً يركضان. مجموعات ركض.. وسارة صارت قدوة ثم اكتشفت سارة شيئاً جديداً؛ مجموعة للركض تسمى مجموعة الركض السعودية مؤسسها اسمه رود وهو سعودي مغترب يقول إنها تضم 120 عضواً نشطاً 80% منهم سعوديون ومنهم 8 فتيات سعوديات. الجديد في هذه المجموعة أن الرجال والنساء (بعباءاتهن) يركضون سوياً، وقد طلب رود الذي تحدث إلى The Washington Post عبر الهاتف ألا يُنشر اسم عائلته لأن طبيعة النادي ما تزال غير مألوفة في الثقافة السعودية حسب وصفه -. ورغم من أن نوادي النساء للرياضة موجودة، فإن رود يقول إن فكرة اللياقة لا يتبناها المجتمع كله تماماً، وفكرة إنشاء مجموعة للركض فكرة لم يسمع بها أحد. ومضي يشرح أن أعضاء المجموعة يركضون في الصحراء حيث لا أحد يراهم وأحياناً في المدينة، وفي أحد أيام الربيع وبينما هم أثناء تمرين إحماء في المدينة مرت بهم الشرطة. كنا نقوم بتمرين إحماء يسبق الركض، فجاءت الشرطة وقالوا أننا نقوم بأمر ملفت للانتباه وأن بعض الناس صوروا أعضاء مجموعتنا وهم يقومون بالتمطي والتمدد، وانتهى المطاف بأحد قادة مجموعتنا الشباب للاحتجاز في المخفر 6 ساعات قبل حضور محامٍ ليدافع عن المجموعة بالقول إنهم لم يخرقوا القانون. وتقول نسرين، إحدى عضوات المجموعة والتي طلبت من The Washington Post عدم ذكر اسم عائلتها، بالطبع الناس يحملقون وينظرون لأن البنات يقفزن إلى الأعلى والأسفل ويركضن. كثيراً ما ينظر الكل إلينا، والبعض يقول لنا أن هذا صعب، لكني لست وحدي وأتلقى الكثير من الدعم، وإذا كنت تحب ما تفعله فلا يهمك شيء. هذه بداية التغيير، وأنا أحب كوني جزءاً من هذه الحركة إن شئت القول، فهو أمر نبيل. وتتابع نسرين السيدة الأربعينية والأم لـ 4 أطفال، أن المجموعة غيرت حياتها فهي تمنحني شعوراً رائعاً بالحرية والإنجاز وتخطي الصعاب والتحديات والتغلب على العوائق. عندما أركض أشعر بالقوة. أتعلم؟ المرء لا يفكر بشيء عندما يركض. بل يركض حتى النهاية لينهي الركض. وقد طبقت ذلك على كل جوانب حياتي، المشاريع والعلاقات. ولذا أشعر أني إنسانة أسعد. تعطي مثيلات سارة عطار الأمل في التغيير، إذ تروي العداءة قصة زيارة قامت بها لمدرسة في جدة لتكلم التلميذات السعوديات؛ سألت المعلمة الفتيات كم منهن تود التنافس في الأولمبياد كما فعلت سارة، فارتفعت كل الأيادي إلى الأعلى.
مشاركة :