قال مدير مركز الدراسات والوثائق في رأس الخيمة، الدكتور علي فارس، إن «المرأة الإنجليزية، التي توفيت في 25 يونيو الماضي في بلادها إنجلترا، هي (أم دانيال )، التي عاشت في رأس الخيمة في الفترة من 1960 إلى 1970، واكتسبت شهرة واسعة بين الأهالي، نظراً لدورها غير المسبوق كـ(قابلة) تقدم خدمات في مجال الرعاية الصحية للنساء، خلال فترة الحمل، وأثناء الولادة، وخلال فترة ما بعد الولادة، ومساعدة الأمهات على ممارسة الرضاعة الطبيعية. وقد حظيت السيدة البريطانية بتقدير لدورها، واستقبلها صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة». شهادات تقول (أم عيسى): «كانت (أم دانيال) تتعامل بلطف مع النساء المواطنات في الفريج، وتحاول جاهدة لتكون جزءاً من مجتمعهن، فهي تكثر من زيارتهن في بيوتهن ومشاركتهن المناسبات، وتعود المرضى، وأحيانا تصطحبهن إلى مستشفى النخيل. أما (أم ناصر) ترى أن «(أم دانيال) كانت القابلة الوحيدة في المنطقة يومذاك، وقد أسهمت في إدخال بعض الوسائل الصحية غير المعروفة، مثل الكشف على الجنين، ومتابعة الحالة الصحية للأمهات الحوامل، وأيضا الرعاية الصحية للأطفال حديثي الولادة». وبحسب دكتور فارس، فإن (أم دانيال)، التي اكتسبت اسمها من ابنها، تماشياً مع عادات أهل رأس الخيمة، حيث ينادى الشخص باسم ابنه (العود)، لم تؤسس مستشفى في رأس الخيمة، بل هي زوجة ضابط المخابرات الإنجليزي (مستر آش)، الذي كان يعمل في رأس الخيمة قبل قيام دولة الاتحاد، ولأنها ممرضة فقد عملت في مستشفى النخيل، الذي أنشأه مكتب تطوير الإمارات المتصالحة في أوائل الستينات. وتصحيحاً لما قيل بأنها أول من أسس مستشفى عام في الإمارة، فإن مدير مركز الدراسات والوثائق يؤكد أن «أول من أسس مستشفى خاص هو وزوجها (مستر آش)، الذي أقام المستشفى في منطقة سدروه قرب بيت عبدالله فارس عام 1960. بينما كانت (أم دانيال) تعالج النساء الحوامل، وتولدهم من دون مقابل». ووفقاً لدكتور فارس، فإن (أم دانيال) كانت تحرص قبل الكشف على المريضات على إلقاء بعض الدروس الموجهة، بيد أن النساء لا يستمعن إليها، بل ينشغلن بالحديث مع بعضهن بعضاً في أمورهن الأسرية الخاصة، مثل: العيال، والمطبخ، وأخبار الأزواج، سواء في الغوص، أو الصيد، وعندما ما ينتابهن الشعور بالضيق من الانتظار طويلاً تعبّرن عن سخطهن بعبارات، مثل: (الله يغربلك خلصي)، بينما (أم دانيال)، التي لا تتحدث اللغة العربية، ربما ترى ذلك الضيق من خلال التعبيرات التي ترتسم على الوجوه، لكنها تقابل ما يحدث منهن بابتسامة وسعة البال. ولم تقتصر جهود (أم دانيال) على رأس الخيمة القديمة، وإنما فتحت فرعاً لأنشطتها في شعم، وأرسلت إلى هناك إحدى الممرضات. وأضاف فارس: «ابنها (دانيال)، الذي هو في سننا كان يملك مجموعة من الألعاب، التي لم تكن موجودة أو معروفة لدينا في ذلك الزمان، ما جعلنا نداوم مساءً بعد عودتنا من المدرسة في بيت (أم دانيال)، للعب مع ابنها، وقد استغلت أمه ذلك وكانت تجمعنا قبل اللعب لإلقاء بعض القصص الموجهة، وأثناء سرد القصة تتساقط الحلوى المتنوّعة علينا من سقف المكان.. وهكذا مضت سنواتها مقيمة بين أهالي رأس الخيمة، وتركت وراءها ذكريات راسخة وجميلة».
مشاركة :