الفيلم السياسي.. تعدد الرؤى واستحالة التعريف

  • 7/20/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: الخليج يستهل محمود قاسم كتابه الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب تحت عنوان الفيلم السياسي في مصر، بالحديث عن صعوبة تعريف مصطلح الفيلم السياسي، فالسياسة موضوع متسع شديد المرونة، وهو يختلف كثيراً عن الفيلم التاريخي، الذي يتميز - إضافة إلى طبيعة الملابس - بضرورة أن يشير إلى حقبة زمنية معينة، والتداخل واضح بين الفيلمين، فيمكن لفيلم تاريخي أن تكون فيه إسقاطات واضحة على الحالة السياسية الراهنة، ويرى الناس أن ما حدث في الماضي تكرار لما يعيشون فيه الآن، باعتبار أن التاريخ أقرب إلى الدائرة، يكرر نفسه. في الدراسة التي يقدمها محمود قاسم عن الفيلم السياسي سوف نرى أننا وقعنا في مغالطات باعتبار أن فيلماً مثل الله معنا سياسي، فهذا الفيلم وغيره من أفلام أنتجت عن ثورة يوليو ليست أفلاماً سياسية تماماً، حيث إنها تتناول حدثاً سياسياً في الماضي، وتتوقف الأفلام التي تناقش هذا الموضوع عند مرحلة معينة من الزمن صارت تاريخاً، حتى لو مر على حدوثها ثلاث سنوات، وربما أقل، مثلما حدث في فيلم الله معنا، الذي عرض عام ،1955 وبدأ إنتاجه قبل ذلك بعامين ونصف العام. تم إنتاج هذا الفيلم في ظل نظام رأى أن العهد البائد كان ظالماً، وفاسداً، وجائراً، لذا فمن الطبيعي أن تكون الثورة قد تمت من أجل العدالة الاجتماعية وإصلاح السياسة بكل أشكالها، وقد حدث الشيء نفسه في السبعينات، من خلال مجموعة أفلام عن مراكز القوى والتعذيب في السجون. يشير قاسم إلى أن ميرامار، هو أحد الأفلام السياسية في عصر جمال عبد الناصر، فبعد الحديث عن الإنجازات، جاءت مرحلة النقد السياسي والاجتماعي، ويحسب لهذا العصر السماح بعرض الفيلم، فالفيلم السياسي فيلم مجابهة، ويعبر صنّاعه في المقام الأول عن أنهم سيدخلون في صدام مع النظام السياسي القائم.ولا يزال تعريف الفيلم السياسي مرناً، فالبعض يرى أن كل ما يتعلق بالحياة سياسي، ابتداءً من قصص الحب إلى شكل المجتمع والجريمة والبطالة والملابس، وهنا يستشهد المؤلف بما قاله المخرج سمير سيف في تحقيق صحفي: فالفيلم السياسي هو العمل الذي يتعرض للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبالتالي يتعرض لمؤسسات سياسية وأشخاص سياسيين، وهناك رأي آخر يقول إن أي فيلم في العالم سياسي حتى فيلم قصة حب، فالسياسة في الفيلم جزء من تفكير ووجهة نظر الفنان عموماً. تتنوع التعريفات وكلها لا تصل إلى تعريف جامع، فالسينما السياسية تشمل سينما الثورة وسينما المفاهيم البالية والسينما التي تقوم بالثورة نيابة عنك، والسينما التي تستخدم احتياجاتك البيولوجية في استعبادك، كلها سينما سياسية، والفرق بينها يكمن في الفرق بين الفكر السياسي الذي ينبثق من خلفيته العمل السينمائي، إلا أن لفظ السينما السياسية غالباً ما يطلق على السينما التي تتخذ أو تتبنى موقفاً اجتماعياً وسياسياً ثورياً، يناهض التخلف والاستخدام الاستغلالي للسلطة. وكما يذهب سامي السلاموني في دراسة له عن السينما في مصر، فإن السياسة كمضمون ووسيلة تناول كانت موجودة دائماً في السينما العالمية منذ ظهور هذا الاختراع في نهاية القرن الماضي، ليس فقط في الأفلام التي كانت تناقش قضايا سياسية في هذا البلد أو ذاك، ومن مختلف وجهات النظر المسرفة في الرجعية أو الثورية إلى درجة الدعوة إلى الفوضوية أو التحريضية، كما في الأفلام التي قد لا يخطر ببالنا أن لها علاقة بالسياسة. لقد تغيرت المفاهيم بما يجعل من الصعب صياغة تعريف ثابت ومحدد، لكن في كل الأحوال فإن السينما السياسية هي مجابهة بين السينمائيين والسلطة، التي تملك القدرة على الردع، وحسب التغييرات أيضاً فإن المجابهة لم تعد مع السلطة، بل مع المجتمع نفسه، الذي صارت فيه عناصر جماعية، بدأت السينما في مجابهتها مثل التيارات الظلامية.

مشاركة :