رغم كرهي للسياسة والحديث عنها، لم أستطع أن أدع هذا المقال يمر مرور الكرام دون الحديث عن الانقلاب التركي، ولكن سوف أتطرق حول ردود أفعالنا وانفعالاتنا والتفاوت الكبير بين أغلب أطياف المجتمع بين من يحب السيد أردوغان لدرجة التقديس وبين من يكرهه كره إبليس!! مع اللحظات الأولى للانقلاب الفاشل في تركيا، تكشفت أمور كثيرة محليا وإقليميا وعالميا من تلك المواقف الدولية والشعبية من سارع بمباركة الانقلاب كما حدث في بعض الدول، عندما أصدرت الصحف وبالخط العريض في الصفحات الأولى عناوين توحي بنجاح الانقلاب ولأنها صحف ورقية كانت تحلم بمجد السبق الصحفي على الصفحات الأولى مستغلة توقيت الانقلاب، فكانت صفعة لتلك الصحف وليس سبقا! أما على مستوى الأفراد من كتاب ومحللين وغيرهم فهناك من كانت فرحتهم غامرة وعامرة من خلال تغريداتهم ومنهم للأسف من «زودها» في عباراته في ذم أردوغان لدرجة «الوقاحة»! وهناك من بالغ في تقديس أردوغان وهذا تصديق على أن الحب أعمى، فالمحب لا يرى سوى كل جميل فيمن يحب وكذلك الكره أعمى ولذا كل من يكره أردوغان لا يرى في الرجل شيئا إيجابيا «مولية»! الاختلاف في وجهات النظر بين الناس طبيعي خصوصا في موضوع كبير مثل انقلاب تركيا، المؤسف أن يتعدى ذلك الاختلاف إلى خلاف بل ويذهب إلى أبعد من ذلك، البعض يبيع ويشتري في الوطنية ومنهم من جعل نفسه وكيلا شرعيا على عباد الله، وعليه أصبح يوزع الوطنية على من هم معه فيما يرى ويعتقد وكأن الوطنية هبة أو شرهة، ومن يقف على النقيض من وجهة نظره فلا وطنية يحمل في قلبه ولا حتى ولاء لولاة الأمر إلخ!!! يا ساتر ما أقساها من أحكام عندما تجرد شخصا من وطنيته وتتهمه بالعمالة لمجرد أنه يختلف معك، نسيت التصنيف، آه من التصنيف، فهذا إخواني، وذاك ليبرالي وهاتك تسميات وتحزبات! قد يرى البعض أن شخصية أردوغان أقرب للبرغماتية وآخرون يرون خلاف ذلك، بالمختصر لقد كثر الحديث بشقيه الإيجابي والسلبي عن هذا القائد، وفي الواقع أفعال الرجل تتحدث عنه، الحديث فيما يلي، حول تفاعل أفراد المجتمع الذين ينطبق عليهم المثل التالي «أهل الميت متصبرون والجيران يبكون»، ومن يشكك في هذه المقولة ومطابقتها لما مررنا به نحن أفراد المجتمع خلال فترة الانقلاب السريع، يعود للمجموعات «الواتسابية» والكم الهائل من الرسائل بين المجموعات وما أكثرها يعي جيدا أننا نعاني متلازمة العاطفة عند من يحب ومن يكره ومع هذه الآفة يغيب العقل والتعقل!! يبقى هناك العقلاء وما أكثرهم والحمد لله، لم ينجرفوا مع تيار ضد آخر والعكس ولم يتهموا ولم يصنفوا أحدا، بل تجدهم في المجالس والمنتديات أو من خلال مجموعات واتس اب يجيدون فنون الانصات، وهناك من لديه روح الدعابة والطرفة، مثل هؤلاء يضفون روح المرح ويخلقون أجواء الفرح أينما حلوا، ولا يكاد يمر حدث أو قضية مهما كانت دون أن نسمع طرائف ونكات «طازة» وحتى نخرج من أجواء الانقلاب والاتهامات والاختلاف، سوف أختم بطرفة حول أحداث تركيا، يقال عندما سألوا رئيساً كيف لم تستطع أن تقضي على الانقلاب طوال سنتين، بينما السيد أردوغان قضى عليه في أقل من ساعتين، قال: للأسف ما حملت «سكايب» في جهازي!.
مشاركة :