برلين - لندن: «الشرق الأوسط» حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكثر الحكومات الأوروبية حماسا، وتخطيطا، لتعزيز حصة السيارات الكهربائية في السوق الألمانية في أقرب فرصة ممكنة، وأكثرها تشجيعا على زيادة عدد السيارات العديمة الانبعاثات على طرقاتها. في هذا السياق، حددت الحكومة الألمانية هدفا أوليا لها هو رفع عدد السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية في شوارع ألمانيا إلى مليون سيارة بحلول عام 2020. تمثل السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي، حاليا، نحو 97 في المائة من إجمالي عدد السيارات التي تباع على مستوى العالم. ويتوقع الخبراء الألمان أن يتراجع هذا العدد إلى 75 في المائة بحلول عام 2025 مما يعني أن شركات السيارات سوف تضطر إلى التوجه إلى عصر جديد من محركات الدفع. وفي إطار السعي الحثيث لتحقيق خطة الحكومة الألمانية في الموعد المقترح لها وجعل بنيتها التحتية في متناول الجميع، عمدت شركة النقل الألمانية «يوبتريسيتي» إلى تحويل أعمدة الإنارة في برلين إلى مواقع لإعادة شحن السيارات الكهربائية وذلك بتركيب مقبس كهربائي على هذه الأعمدة. وستعمد الشركة المزودة لهذه الخدمة، في مرحلة اختبار أولية، إلى إدخال تعديلات على مائة من أعمدة الإنارة في برلين من أجل هذا الغرض. وتقول الشركة إن عملية تعديل كل عمود ستتكلف أقل من 300 يورو (412 دولارا) مقارنة بـ10 آلاف يورو (13700 دولار) لكل نقطة إعادة شحن تقليدية. ويتكون شاحن عمود الإنارة من كابل كهربائي بسيط وعداد مهمته احتساب كمية الطاقة المستخدمة بمجرد أن يعمد أحد مالكي السيارات المسجل مسبقا إلى شحن سيارته. وتتولى إحدى شركات المرافق تحصيل الفواتير من العملاء مقابل الكهرباء المستخدمة. وكانت حكومة ولاية برلين قد أعلنت أنها تعتزم إنشاء 800 محطة شحن تقليدية للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء المدينة بحلول نهاية عام 2015. رغم ذلك ما زال الخبراء الألمان غير متفقين على تقييمهم لمخطط الحكومة الألمانية، في وقت يصف فيه أحد كبار العاملين في مجال صناعة السيارات بألمانيا، أي ديتر زيتشه رئيس شركة «دايملر» التي تنتج سيارات «مرسيدس» الفارهة، هدف الحكومة بأنه «غير واقعي». وأعرب شتيفان براتسيل أبرز خبراء السيارات المشككين في فرص تحقيق الحكومة الألمانية هدفها المعلن، رئيس قسم إدارة السيارات بالجامعة التقنية في مدينة بيرغيش غلادباخ الألمانية، عن اعتقاده بأن السيارات الكهربائية سوف تظل «سلعة هامشية» خلال السنوات المقبلة رغم الصخب الذي يحيط بالطرازات الجديدة التي تظهر من هذه السيارات مثل السيارة «بي إم دبليو آي 3» والسيارة «ميني كار» من «فولكسفاغن»، وأخيرا سيارة «كوليبري» الكهربائية الصغيرة، ذات المقعد الواحد، التي تلقت الشركة الألمانية المصنعة لها أكثر من 700 طلب شراء لدى الإعلان عنها. بالنسبة للخبير الألماني، من غير المرجح أن يشهد المستقبل القريب إقبالا كبيرا على السيارات العاملة بمحركات كهربائية فقط. وفي تقديره أن نسبة السيارات الكهربائية لن تتجاوز خمسة في المائة فقط من إجمالي عدد السيارات التي ستباع بحلول عام 2025، معتبرا أن عدد الذين قد يفكرون في اقتناء هذا النوع من السيارات سوف يتراجع بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بالسيارات التقليدية وبسبب عدم توفر البنى التحتية المطلوبة لشحنها. وفي رأيه أنه في أفضل الحالات لن تستهوي السيارات الكهربائية سوى مجموعة محدودة من المستهلكين الأثرياء بحيث تكون سيارتهم الثانية أو الثالثة على اعتبار أنهم يملكون القدرة المادية على امتلاك مرأب خاص بهم مزود بجهاز لشحن السيارة الكهربائية. إلا أنه لم يخف اعتقاده بأن السيارات الهجين (هايبرد) المزودة بمحركين، واحد كهربائي والآخر يعمل بالبنزين أو الديزل، تملك فرصة أفضل في تعزيز حصتها السوقية من ثلاثة في المائة - في الوقت الراهن - إلى نحو 20 في المائة خلال السنوات المقبلة. وفي الآونة الأخيرة، جاء عامل التشجيع الأبرز لمخطط الحكومة الألمانية من شركة «إينوفاتيف موبيليتي» المصنعة لسيارة «كوليبري» الكهربائية ذات المقعد الواحد، إذ أعلنت هذه الشركة أنها تلقت أكثر من 700 طلب مسبق لشراء وحدات من هذه السيارة التي يسهل التجول بها في المدن. وكان لافتا على هذا الصعيد أن السوق الألمانية استقبلت السيارة الكهربائية الصغيرة بهذه الإيجابية قبل أن تباشر شركتها بحملة تسويقية واسعة لها. صممت «كوليبري» خصيصا لاجتذاب سكان المدن المكتظة وشركات الأعمال. وهي تتميز ببطاريتها من «الليثيوم أيون الفوسفات» وقدرتها 6.5 كيلوواط في الساعة ويمكن شحنها من مقبس الكهرباء المنزلي. وتسير السيارة الصغيرة بسرعة قصوى تبلغ 120 كيلومترا في الساعة وتزيد سرعتها بخفة. ومن المقرر أن يحدد سعر هذه السيارة الكهربائية الخفيفة للغاية بنحو تسعة آلاف يورو (12300 دولار)، بالإضافة إلى أن رسوم التأجير الشهري للبطارية تبلغ نحو 55 يورو. وجرى مبدئيا التخطيط لإنتاج السيارة بأعداد كبيرة في عام 2015. وبينما لاحظت شركة «إينوفاتيف موبيليتي» أن نحو 50 في المائة من الطلبات المسبقة لشراء سيارة «كوليبري» جاءت من أفراد، وجاء الباقي ممن يمتلكون أساطيل سيارات وسلطات محلية، قالت إنها تبحث حاليا عن مزيد من المستثمرين للمساعدة في تمويل مشروعها، وخصوصا أن الـ2.8 مليون يورو (3.84 مليون دولار) التي أنفقتها على تطوير «كوليبري» - واسمها يعني الطائر الطنان باللغة الألمانية - كانت بمعظمها من وزارة العلوم الألمانية.. فهل تحقق السوق تطلع الشركة وتشكل بالتالي مؤشرا آخر على مستقبل السيارات الكهربائية؟
مشاركة :