التعافي..إضفاء هامش مريح على حالة العجز

  • 7/21/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خديجة حق* يعتبر الصيف الوقت الأنسب دوماً لدراسة وتقييم مجريات الأمور خلال العام، وهو فرصة لاستشراف ما يخبئه النصف الثاني. وحفل عام 2016 بالكثير من المفاجآت على الصعيدين العالمي والإقليمي، خصوصاً مع بداية العام التي شكلت نوعاً من الصدمة بفعل موجة البيع الضخمة التي اجتاحت أسواق المال، مترافقة مع أجواء من القلق والترقب حول الركود المحتمل للاقتصاد الصيني، وهبوط أسعار النفط بشكل حاد إلى ما دون 30 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد. ولكن مجموعة من البيانات التي صدرت مؤخراً ساهمت بتبديد هذه المخاوف، ولا سيما مواصلة الاقتصاد الصيني نموه بنسبة ثابتة بلغت 6.7%، والتي تتماشى مع الأهداف التي وضعتها الحكومة، علاوةً على ذلك، واصلت أسعار النفط تعافيها واستقرت ضمن نطاق 45 - 50 دولاراً للبرميل الواحد. وانسجاماً مع هذه المستجدات، رفع بنك الإمارات دبي الوطني توقعاته لمتوسط أسعار النفط لهذا العام من 39 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد إلى 44 دولاراً بالنسبة لنفط خام برنت. وبينما لا يزال هذا التعافي أقل بكثير مما تحتاج إليه دول مجلس التعاون الخليجي لضبط ميزانياتها العامة لهذا العام، إلا أنه يسهم في إضفاء هامش مريح على حالة العجز التي تعانيها. ومع قدوم شهر يونيو، تلقت الأسواق المالية صدمة جديدة بسبب النتيجة غير المتوقعة لاستفتاء المملكة المتحدة وخروجها من الاتحاد الأوروبي، والذي لا تزال تبعاته المباشرة غير واضحة تماماً خلال العامين المقبلين. ومع ذلك، نتوقع احتمال خفض أسعار الفائدة حول العالم لفترة أطول، ونتطلع الآن لارتفاع وحيد في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية لهذا العام، وذلك بعد تعديل توقعاتنا السابقة التي نصت على ارتفاع حاد في أسعار الفائدة في ثلاث مناسبات على الأقل خلال عام 2016. كما نتوقع خفض بنك إنجلترا المركزي لأسعار الفائدة القياسية خلال شهر أغسطس/ آب إلى 0.25% أو أقل، مع احتمال قيام البنك الأوروبي المركزي وبنك اليابان المركزي باتباع سياسة نقدية مرنة خلال الأشهر المقبلة. وبالرغم من تجنب الدول الخليجية نسبياً تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن انخفاض أسعار النفط ترافق مع مجموعة جديدة من التحديات؛ حيث تركزت الجهود بشكل أساسي خلال الربع الأول من العام على استقرار الموازنات بوجه الانخفاض الحاد الذي طرأ على عوائد النفط. وبدا واضحاً السعي لتقليص الدعم الحكومي، وضبط الإنفاق، وتعزيز عوائد الموارد غير النفطية. وأطلقت المملكة العربية السعودية خطة اقتصادية جديدة طموحة بهدف التصدي للتغيرات الهيكلية الرئيسية التي طرأت على اقتصادها وقطاعها المالي، بما في ذلك خصخصة شركة أرامكو النفطية المملوكة من قبل الدولة. ومع حلول الربع الثاني من العام، تحول التركيز نوعاً ما نحو تفعيل موارد مالية خارجية بهدف تغطية العجز في الموازنات. وتجلى ذلك في طرح دول مجلس التعاون الخليجي لسندات بقيمة 17 مليار دولار أمريكي خلال العام الحالي، علماً أن هذه القيمة تتخطى إجمالي السندات الصادرة لكامل عام 2009 في أوج الأزمة المالية العالمية. واستطاعت أبوظبي وقطر جمع 5 مليارات و9 مليارات دولار تباعاً خلال الربع المنصرم علماً أن قطر طرحت خلال شهر مايو/ أيار ضعف ما هو متوقع من السندات. ومن المنتظر استمرار دول مجلس التعاون الخليجي في هذا التوجه مع احتمال إصدار المملكة العربية السعودية سندات دولية بقيمة 10 - 15 مليار دولار أمريكي قبل نهاية سبتمبر/ أيلول المقبل. ومن جهتها، أشارت الكويت إلى خطتها لطرح سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار خلال السنة المالية الحالية، وذلك بهدف تعويض العجز المتوقع في موازنتها للسنة المالية 2016/ 2017. وفي بعض النواحي، تعد النظرة المستقبلية العالمية لأسعار الفائدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إيجابية إلى حد ما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي. ويعزى ذلك إلى توقع بقاء هذه الأسعار منخفضة لفترة زمنية أطول، مقرونة بالجاذبية العالية للسندات الخليجية التي تحظى بتصنيف مرتفع لدى المؤسسات الاستثمارية الساعية لتحقيق عوائد مرتفعة. وبموازاة ميل الحكومات الإقليمية نحو مصادر التمويل الخارجي، تشير التوقعات إلى اكتساب أسعار الفائدة بين البنوك المحلية مستويات مرونة أعلى، حيث أسهم ازدياد معدلات الاقتراض الحكومي، وفي بعض الحالات انخفاض الودائع الحكومية في البنوك التجارية، في تبني قطاع المصارف والبنوك الخليجي سياسات سيولة نقدية أكثر تشدداً، ما دفع أسعار الفائدة بين البنوك نحو الارتفاع لمدة ثلاثة أشهر خلال العام الجاري. ولكن نتوقع انحساراً نسبياً لمستوى الضغط القائم حالياً على سيولة الأنظمة المصرفية المحلية - وبالتالي أسعار الفائدة بين البنوك - خلال الأشهر المقبلة شريطة محافظة أسعار النفط على مستوياتها الحالية، ونجاح حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في الحصول على التمويل الخارجي المرجو خلال الربع الثالث من العام. *رئيس بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - الأسواق العالمية والخزينة في بنك الإمارات دبي الوطني

مشاركة :