«تويتر» والانحدار الأخلاقي

  • 7/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، بل إن أغلب النقاشات، والحراك الثقافي، والأخبار أصبحت تأتي من خلال تلك المواقع، ويأتي «تويتر» في مقدمتها لدى جميع طبقات المجتمع. ووفقاً لتقارير فإن في المملكة أكثر من 3 ملايين مستخدم «نشط» لـ«تويتر» يغردون بـ50 مليون تغريدة في الشهر الواحد، وأن الرياض هي المدينة العاشرة في العالم الأكثر نشراً للتغريدات، وأن المملكة تتصدّر قائمة المستخدمين النشطين في العالم العربي بنسبة 30%.. وأن السعوديين هم الأكثر تواجداً وشهرة في «تويتر»، ويحتل المراكز الأولى مشايخ وإعلاميون، ومتابعوهم يُقدرون بالملايين.. كما أظهر مسح إلكتروني أجري أخيراً أن السعوديين أكثر استخداماً لـ»تويتر» بالمقارنة مع المواقع الأخرى.. ويقال إن بعض القنوات الإعلامية تستغل «تويتر» لرصد الرأي العام السعودي وتوجّهاته. والمتصفح لـ«تويتر» يتفاجأ بكم كبير من المتناقضات في هذا الموقع، فهناك التغريدات المتزنة العاقلة والمفيدة، والأخبار الجديدة، يقابلها التغريدات التي يُستغرب أن تصدر من أشخاص في مجتمع عُرف بالمحافظة، والالتزام بالقيم الدينية والاجتماعية الرصينة، فالحديث المتشنّج يصل للشتم والسب لمجرد الاختلاف في التوجه الفكري بدلاً من المناقشة الهادئة العقلانية، وهناك تغريدات لشخصيات معروفة في المجتمع مليئة بالأخطاء والأفكار الاجتماعية الشاطحة، وتغريدات من مشايخ يخطئون في الآيات والأحاديث، وتغريدات من شباب خاوٍ فكرياً يناقش قضايا غير مؤهل لها، وتغريدات من سيدات يطالبن بتجاوز الأنظمة، وتغريدات فيها بُعد طائفي، ومناطقي، وقَبلي تثير النعرات، وتدعو للتطرف، وغير ذلك من تغريدات الشتائم، والتسوّل، وتشويه السمعة، والدعوة للأفكار الضالة، وبث الشائعات تحت أسماء مستعارة، بالإضافة إلى التراشق الرياضي الذي زرع التعصب الرياضي وأفسد الروح الرياضية.. ورغم مرور كل هذه السنين إلا أن الفكر لم ينضح لنصل للاستفادة من هذه التقنية، والسبب يعود إلى ارتفاع سقف الحرية، حيث يرى البعض أن هذه المساحة من الحرية تمنحه الحق في التعدي على الناس وشتمهم وتصفية الحسابات، والأدهى من ذلك أننا نرى أشخاصاً كنا مخدوعين فيهم كشفوا عن وجههم الآخر؛ وأماطوا اللثام لبث سمومهم ظناً منهم أن هذه المواقع هي المكان المناسب لما يتوهمونه صحيحاً. علينا مع كل هذه الشعبية الطاغية لـ«تويتر» ومع هذا الكم الهائل من التغريدات والمتابعات أن نكون أكثر وعياً وحزماً، وألا نسمح بالمساس بثوابتنا وطمس هويتنا وولائنا لبلادنا وقيادتنا، مع سن قوانين صارمة ضد هذا الانجراف والانحدار الأخلاقي المسيء.. وإنشاء هيئة مستقلة تراقب تجاوزات هذه المواقع، وتكون تحت مظلة وزارتي الداخلية والثقافة والإعلام.. مع العمل الجاد على التوعية والسعي لتدريس مهارات التواصل الرقمي في المناهج لينشأ جيل يقبل الاختلاف ويرحب بالرأي الآخر.. حمى الله بلادنا مما يحاك ضدها، ووقانا شرّ من يريد بنا سوءاً.. husn_66@hotmail.com

مشاركة :