تضاعفت معاناة الكرة السعودية مع ندرة المهاجمين الهدافين، بعد اقتصار الأمر على اسمين أو ثلاثة أسماء، لكن الحال اليوم ازداد سوءاً، فالمهاجمون الهدافون انقرضوا وتنازلوا عن الحاسة التهديفية لمصلحة أقرانهم من الأجانب الذين سيطروا على هجوم الفرق السعودية خصوصاً في الموسم الماضي. كان الجميع يتغنى بناصر الشمراني وموهبته التهديفية، ومحمد السهلاوي وياسر القحطاني ونايف هزازي، وكانت قائمة هدافي الدوري السعودي في مواسم سابقة يوجد فيها اسم أو اثنان يتنافسان على لقب الهداف، وعلى الرغم من التحذيرات من قلة المهاجمين المحليين الهدافين، إلا أن الموسم الماضي شهد غياباً تاماً لمن كانوا يتنافسون على لقب الهداف وآخرهم السهلاوي قبل موسمين، ولم يوجد في قائمة العشرة الأوائل وسواء مهاجم الفتح حمد الجهيم الذي جاء تاسعاً بثمانية، والأدهى والأمر أن هناك من لاعبي الوسط المحليين والأجانب تفوقوا على جميع المهاجمين الهدافين ومن بينهم أولئك الذين سيقودون هجوم الأخضر السعودي في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018م، في المقابل برز المهاجمون الأجانب وسرقوا الأضواء من المهاجمين الأمر الذي وطد علاقتهم بدكة البدلاء، وأكثر مانخشاه أن يدفع الأخضر ثمن ذلك في المنافسات المقبلة. عن هذه الأزمة يقول الناقد الرياضي الدكتور مدني رحيمي: في البداية من هو المهاجم السعودي الهداف لدينا غير ناصر الشمراني؟، وهو بعيد عن المباريات ولديه مشاكل مع الهلال ومدربه السابق اليوناني جورجيس دونيس ابعدته كثيراً، وعندما يبتعد اللاعب بهذا الشكل عن اللقاءات لا يمكن أن تنتظر منه مردود فني، وأغلب المهاجمين السعوديين غائبين ولا يشاركوا بشكل أساسي وهذا هو سبب ابتعادهم عن الشباك في الفترة الأخيرة، والمهاجمون الهدافون انخفضت أعدادهم بسبب عدم إنتاجية اللاعبين كما كان في السابق، لكن لماذا نحصر المشكلة في المهاجمين فقط؟، فأغلب المراكز لدينا سيئة من الحراسة إلى الهجوم مروراً بالوسط والدفاع، من هو صانع اللعب المميز لدينا؟، في المنتخب لا يوجد سوى يحيى الشهري، والأخضر يعتمد بشكل دائم على الفرق الأولى في اختياراته، ومسؤوليه لا يعطون لاعبي الأولمبي والفئات السنية أي اهتمام، يفترض أن يحظوا باهتمام أكبر، فاللاعب الشاب في الأولمبي إن كان مميزاً يفترض أن يمنح فرصة، لكن هذا الفكر غير موجود في السعودية، وهو ما سبب خللاً في كل الخطوط. وأضاف: السهلاوي تعرض للإصابة وتأثر مستواه ولم يثبت وجوده مع فريقه، ونايف هزازي لا أصنفه من المهاجمين الهدافين لأنه لم يسبق له أن نافس على لقب الهداف، صحيح أنه يسجل أهدافاً لكن لا يمكن أن اقارن بين مهاجم يسجل ستة أو سبعة أهداف في الموسم بمهاجم معدله التهديفي في كل موسم 20 هدفاً أو اكثر، وإدارات الأندية تحضر لاعبين أجانب في كل الخطوط، وهو المحظور في الفئات السنية، مما يبرز لدينا مواهب مميزة في تلك الفرق، ويفترض أن تكون هناك متابعة للفئات السنية وللمواهب وأن اضع المميزين في دائرة الاهتمام، لكن هذا غير موجود، مشكلتنا تنظيم واختيار ومتابعة للمواهب، لا تحملوا الأندية المسؤولية لأنها ايضاً تبحث عن انجازات لها، مثلما يبحث المنتخب عن بطولات.. ورؤساء الأندية وأعضاء شرفها يصرفون الملايين من أجل تحقيق الإنجازات وتسجيلها لهم. وحول تأثير المهاجم الأجنبي قال: طبيعي يكون له دور في الحاصل الآن، لكن دوره ليس 100%، فالحراسة مثلاً لا يوجد فيها لاعبون أجانب، ومع ذلك نعاني من قلة المبدعين، لا يوجد لدينا قاعدة تدريبية للحراس ولا متابعة للمواهب في الفئات السنية، لدينا عدد سكان وبإمكاني إبراز لاعبين مميزين، لكن المواهب لو لم تحظ بإعداد جيد وعناية لن تستمر، مثل الشجرة بدون مياه تموت، وهذه هي المشكلة الحقيقية برأيي. واستطرد قائلاً: بالتأكيد سيتأثر منتخبنا السعودي بغياب الهدافين، ليس ذلك فحسب بل غياب اللاعبين المميزين في كل الخانات ستؤثر، لأنه ممكن يكون لدي مهاجم هدف وأسجل هدف لكن في ظل ضعف الدفاع والحراسة اتلقى هدفين واخسر ٢-١، إذا أردنا ان نتحدث بواقعية تحتاج إلى فريق منظم بشكل كامل حتى تخرج بنتيجة إيجابية، مجموعة الأخضر السعودي قوية لكن نستطيع أن نتأهل بتخطيط فني واختيار مميز للاعبين، وأن يركز المنتخب في كل المباريات من خلال التفكير مباراة بمباراة، بإمكاننا حصد ١٨ نقطة من الامارات وتايلاند والعراق. المنافسة مفقودة وقال المدرب السعودي بندر الجعيثن: قبل موسمين كان لدينا السهلاوي وناصر ومجموعة من المهاجمين في قمة مستوياتهم، بعكس حال الموسم الماضي ابتعد المهاجمون عن التهديف، وهذا أثر بشكل عام على المنتخب ومردوده الهجومي، الإصابة ابعدت السهلاوي وجعلته لا يشارك سوى في مباريات قليلة، والشمراني ابتعد عن الهلال بسبب مشاكله مع المدرب، في السابق كان هجومنا غير عادي وفي قمة مستواه، أما الآن فلدينا شح مهاجمين، السبب برأيي يعود إلى اكتفائهم من الناحية المادية وعدم وجود هدف لديهم وطموح للوصول إلى مستويات متقدمة والبحث مثلاً عن الاحتراف الخارجي، هذه الأسباب اثرت كثيراً على أداء المهاجمين وبقية اللاعبين، لا يوجد منافسة تعزز روح اللاعبين في سبيل الحصول مثلاً على لقب الهداف أو الوصول إلى التميز، أرى أن الاكتفاء قتل طموح اللاعبين. وأضاف: اللاعب إذا انخفض مستواه لابد أن يكون له بديل حتى يزيد من المنافسة على الخانة ولا يضمنها، وتكون إعادة اللاعب إلى مستواه من مسؤوليات النادي ايضاً، فالبديل إذا ما شارك سيبذل قصارى جهده من أجل استغلال الفرصة وتثبيت أقدامه، والأساسي سيبدأ رحلة البحث عن العودة بتطوير مستواه، المدرب والجهاز الإداري لابد أن يكون لهما دور عندما ينخفض مستوى اللاعب من خلال جلسة مصارحة حول اسباب انخفاض المستوى والتشديد على مسألة ضرورة عودته إلى مستواه كونه لاعباً محترفاً، لذلك أرى بأن المدرب له دور كبير في حالة انخفاض مستوى اي لاعب. وأضاف: في كل الأحوال الأندية تبحث في تعاقداتها عن المهاجم الهداف، ويعتبر هو الخيار الأول، لأن كل فريق بحاجة إلى هداف من أجل الفوز والمنافسة، برأيي أن وجود المهاجم الأجنبي ربما يكون له دور في مساندة المهاجم السعودي، لذلك عندما تكون هناك منافسة بين مهاجمين سعودي وأجنبي الفريق هو الرابح الأكبر، فأي مدرب يتمنى يكون عنده لاعبون هدافون يتميزون تهديفياً سواءً أجنبي أو سعودي، العملية قد تكون فيها نوع من الاتزان عبر ايجاد امكانات مختلفة، اللاعب كلما كان في قمة مستواه سينعكس ذلك على مستواه مع المنتخب، والملاحظ في آخر عامين انخفضت نسبة الاهداف التي سجلها الأخضر، في السابق لدينا هدافون مثل القحطاني وناصر وغيرهما، كانت مجموعة حسهم التهديفي عالياً، اما الآن فتراجع اداء المهاجمين قلل من كمية الأهداف التي سجلها منتخبنا، ففي المباريات الماضية شاهدنا الأخضر السعودي لا يسجل اهدافاً كثيرة، وكان يعاني من اهدار الفرص، والمشكلة الرئيسية في هجوم منتخبنا أن مهاجموه لم يسجلوا حضوراً مع فرقهم في الدوري حتى يفعلوا ذلك مع المنتخب. الحل في الأكاديميات وتحدث المدرب السعودي عمر باخشوين قائلاً: المهاجمون في ملاعبنا أغلبهم أجانب، وبطبيعة الحال المهاجمون السعوديون موجودون لكن منهم من اصيب وابتعد ثم لم يثبت وجوده، أو ابتعد مثل الشمراني الذي لم يشارك أساسياً بسبب وجود مهاجم أجنبي، السهلاوي وهزازي تعرضا لإصابة وعادا لكنهما لم يشاركا بسبب وجود مهاجم اجنبي في فريقهما، يوسف السالم غائب فترة وحاول العودة لكن المهاجم البرازيلي الميدا لم يمنحه الفرصة، وجود اللاعبين الأجانب يقلل من وجود المهاجمين السعوديين وبالتالي يحتاجون إلى وقت أكثر حتى يقدمون مستويات مرضية، فأي لاعب يبتعد عن المباريات سيتراجع مستواه، السهلاوي افضل مهاجم سعودي سجل اهدافاً حتى على صعيد المنتخبات المشاركة في تصفيات كأس العالم، على الرغم من أن الكل كان يشتكي من وضع المنتخب، وأن كنت أرى العكس بدليل ترتيبه وتصدره مجموعته. وأضاف: إدارات الأندية تبحث عن الأفضل لذلك يهمهم وجود المهاجم الأجنبي الهداف، وهذا قلل من مشاركة المهاجمين السعوديين المميزين الموجودين مع المنتخب، إذ لا يشاركون مع انديتهم بسبب احتكار الأجانب، وهذا أثر على عطائهم، ولو منحوا فرصة لشاهدنا مستوياتهم على حقيقتها مثلما حدث مع السهلاوي قبل موسمين عندما نافس على لقب الهداف، انديتنا تتجه إلى الأجنبي المميز، وهذا يقلل من حظوظ المهاجم المحلي، في فترة ماضية كان لدينا مهاجمون مميزون، لكن ياسر القحطاني اصيب وابتعد وتراجع مستواه، ومشكلة الشمراني مع المدرب قللت من تواجده في الملعب، واصابة السهلاوي انعكست على ادائه، من الطبيعي الا يكون عندنا ٢٠ مهاجماً، ويقتصر التميز على ثلاثة أو اربعة أسماء. واكمل حديثه قائلاً: المشكلة ليست ندرة المواهب، لأنها موجودة، لكن طبيعي أن تأتي فترة لأي نادي أو منتخب يعاني من قلة الأسماء المميزة في خانة من الخانات، كمثال لا يوجد لدينا مدافعين مميزين الآن باستثناء معتز هوساوي ومحمد آل فتيل مثلاً، بعكس حالنا في وقت سابق كان لدينا صالح النعيمة وأحمد جميل ومحمد الخليوي وعبدالله سليمان، وفي الفترة الماضية كان لدينا مهاجمون هدافون كالقحطاني والشمراني وهزازي والسالم، الآن لدينا ندرة في هذا المركز ولا نرى مهاجمين بارزين كرأس حربة تقليدي، لكن اتوقع أن تحل المشكلة قريباً ويبرز مهاجم هداف مثلما انحلت ازمة الدفاع باكتشاف معتز وفتيل وقبلهما أسامة هوساوي. وعن تأثير غياب الهدافين على المنتخب السعودي في تصفيات المونديال قال: لدينا السهلاوي هداف التصفيات، لكن لابد أن نكون واقعيين ونعرف امكاناتنا، كرة القدم معروفة، من يعمل بشكل جيد ويعد لاعبيه من سن باكر يحصد في وقت جيد، بدأنا الآن بعمل اكاديميات، لكن يجب ان نعرف انه من غير المنطقي ان نبدأ الآن ونحصد في الغد، لابد أن نصبر عشرة أعوام على الأقل حتى نحصد، ليس من المعقول أن نبدأ قبل أربعة أعوام ونقول لازم عندنا لاعبين، الأكاديميات تبدأ من سبعة أعوام اي نحتاج إلى عشرة أعوام حتى يصبح عمر اللاعب 17 عاماً، مشكلتنا أننا نستعجل النتائج، تصفيات كأس العالم كمستوى عام صعبة علينا، لكن برأيي الهجوم لا خوف عليه، كل فرق العالم تلعب برأس حربة واحد وعندنا السهلاوي، الهجوم مهم لكن الأهم من يعمل خلف المهاجم، الحديث عن الثلاثة أو الاربعة اللاعبين الذين يلعبون خلفه، نقول هجوم الفريق جيد وليس اللاعب المهاجم جيد، الهجوم لا يمكن أن يبرز إلا اذا كان خلفه لاعبين مميزين، كمثال برشلونة لديه المهاجم الأوروغوياني سواريز لكن شاهد من خلفه، وسط قوي وفطاحلة لاعبي العالم، اي فريق وسطه قوي ثق تماماً بأن هجومه سيصبح قوي. الجعيثن:لاعبونا بلا طموح.. و«الأخضر» دفع الثمن باخشوين: الأجانب سرقوا الأضواء.. وهجوم منتخبنا بخير القحطاني غاب عن «الأخضر» هزازي ظل حبيس دكة احتياط فريقه الشمراني أفضل هداف سعودي الإصابة غيبت السهلاوي عن النصر
مشاركة :