جدة: فهد البقمي ساهم ضعف الخدمات المتوفرة في محيط المدن الرئيسة وضواحيها في إحداث تباين كبير بين العقارات داخل النطاق العمراني للمدن السعودية، وتلك الموجودة على الأطراف، ففي الوقت الذي تسجل فيه العقارات الواقعة داخل النطاق العمراني ارتفاعا بلغ نحو 50 في المائة - سجلت أسعار الأراضي الواقعة خارج النطاق العمراني انخفاضا ملحوظا بلغ نحو 30 في المائة. وأكد خبراء في سوق العقارات أن المناطق الواقعة خارج النطاق العمراني للمدن والتي لم تشملها الخدمات، عززت من رفع أسعار الأراضي والمباني الواقعة داخل المدن وساهمت في ارتفاعها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة نتيجة النمو العمراني وزيادة الطلب على الأراضي السكنية والتجارية، مشيرين إلى أن الإجراءات الجديدة في السوق العقارية المحلية يمكن أن تضاعف من هذا التباين، نتيجة لعزوف المضاربين عن تداولها عقب قرارات الحكومة الخاصة بمنح المواطنين القرض والأرض لبناء مساكنهم الخاصة. وقال عبد الله الأحمري رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة إن قرارات وزارة الإسكان بمنح المواطنين أراضي سكنية وقروضا عقارية للبناء عليها ساهمت في إيقاف حدة صعود الأسعار للعقارات التي كانت عبارة عن أسعار متضخمة جاءت بسبب المضاربة العقارية التي أدت إلى رفع أسعار الأراضي بشكل مبالغ فيه وخاصة التي تقع خارج حدود المدن مما جعل من الصعب على أصحاب الدخل المحدود شراءها وكذلك شركات التطوير العقاري وهذا الأمر خلق نوعا من الهدوء النسبي في تداول العقارات. وأشار الأحمري إلى أن قرارات الحكومة السعودية الأخيرة التي تهدف إلى معالجة وتصحيح أوضاع السوق العقارية والتي يأتي في مقدمتها قرار رفع قيمة القرض إلى 500 ألف ريال (132.9 ألف دولار)، إلى جانب ضخ مبالغ إضافية إلى صندوق التنمية العقارية، وكذلك قرارات أخرى بمنح قرض وأرض للمواطنين، ساهمت في تغيير التصورات العقارية من واقع السوق التي شهدت ارتفاعا في الطلب على الوحدات السكنية نظرا للحاجة الماسة للسكن، إلا أن الترقب الحالي لبداية التطبيق الفعلي للقرارات تسبب في انخفاض أسعار العقارات الواقعة خارج النطاق العمراني. في المقابل أوضح عبد الله البلوي شيخ طائفة العقاريين في جدة سابقا أن أسعار العقارات ارتفعت في المواقع الحيوية بنحو 60 في المائة حيث ارتفع سعر المتر في عدد من أحياء جدة من 2000 ريال إلى 4 آلاف ريال مع بداية العام الجاري وهناك الكثير من الصفقات العقارية التي تتم بشكل يومي إلا أنها تعتبر منخفضة نسبيا عن الأوضاع السابقة، مشيرا إلى أن شمال جدة يشهد ارتفاعا في الأسعار بسبب طرح مشاريع تنموية مثل مباني الأمن العام والمستشفى العام في شمال جدة إلى جانب مشاريع عملاقة للقطاع الخاص مثل برج شركة المملكة. وأضاف أن الحديث عن انخفاض أسعار العقارات إلى مستويات متدنية غير صحيح إذ إن الكثير من المواطنين يرغبون في شراء الأرض لبناء مسكنهم خاصة من الذين تتوفر لديهم سيولة للبناء ولا يرغبون في انتظار قائمة الإسكان إلا أن بقاء الأراضي دون خدمات حال دون تلبية رغبتهم، مطالبا في الوقت نفسه بأن تقوم الأمانات بدورها في إيصال الخدمات إلى أراضي المنح في المدن الرئيسة خاصة أن كثيرا من المخططات السكنية لم تصلها الخدمات منذ 30 عاما. بينما أشار بارع عجاج المستثمر العقاري إلى أن بناء الوحدات العقارية يشهد ركودا في الآونة الأخيرة بعد صدور قرارات الحكومة المتعلقة بالإسكان إلى جانب دخول متغيرات في سوق العمالة الأمر الذي أدى إلى توقف بعض شركات التطوير العقاري المتخصصة في بناء وبيع الوحدات السكنية مما زاد عليها التكلفة وأصبحت غير قادرة على الاستمرار بالإضافة إلى ما ينتظر السوق من تغيرات بعد تطبيق الرهن العقاري وتطوير نظام العقارات والتطوير العقاري الذي سيفتح المجال أمام الشركات لا سيما مع توجه وزارة الإسكان نحو إقامة شراكة مع القطاع الخاص. وتعتبر السعودية أكبر سوق عقارية في منطقة الخليج، وتحتاج إلى 200 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي، وتعمل الحكومة من خلال وزارة الإسكان إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، في الوقت الذي تشهد فيه دخول شركات تطوير عقاري بشكل مرتفع خلال الفترة الماضية. يشار إلى أن حجم الاحتياج في السوق العقارية المحلية سيبلغ نحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول 2020. فيما تشير تقارير إلى حاجة السعودية لبناء ما لا يقل عن 2.6 مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف تلبية الطلب المتزايد على الوحدات العقارية السكنية. ويقدر حجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال (31.2 مليار دولار) سنويا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المرتفع. وكانت دراسة متخصصة أشارت إلى أهمية إيجاد صيغة دقيقة لعملية انتقال العمالة في قطاع المقاولات بحيث يسمح للعمالة الأجنبية المؤهلة بالإقامة لمدة زمنية تنتهي بانتهاء تنفيذ المشروع، مشيرة إلى ضرورة تطوير المؤسسات وشركات المقاولات المحلية في المجالات الإدارية وإعداد الكوادر الفنية المؤهلة والمدربة وتوفير نظم المعلومات الجيدة لتمكن هذه المؤسسات من مواجهة التطورات العالمية والمنافسة بفاعلية وكفاءة ومرونة. وطالبت الدراسة لجنة المقاولين الوطنية بصياغة خطة مدروسة وبرنامج عمل قابل للتنفيذ بشأن توفير الحوافز والدعم لهذا القطاع ومن ثم تقديمها للجهات المختصة بحيث تكون هذه الخطة تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية علما بأن الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات لم تمنع الدول من تقديم الدعم في قطاع الخدمات.
مشاركة :