تعرضت تركيا قبل يومين إلى محاولة انقلاب شارك فيها وفق التقديرات الرسمية نحو 30 في المئة من الجيش التركي، إضافة إلى شخصيات قيادية في القضاء وعدد من المؤسسات الخدمية في الدولة. منذ صبيحة محاولة الانقلاب بدأ يرى العالم السيناريو الذي يتحدث عن المرحلة الأولى لما بعد الفشل، في حين بدأت أصوات تتحدث عن أن الانقلاب الفاشل سيلد دكتاتورية في الجمهورية التركية الجديدة التي أنتجتها المحاولة. لكن ماذا لو قُدّر للانقلاب أن ينجح؟ وهل تركيا اليوم محصنة من انقلاب آخر ينجح هذه المرة؟ هما سؤالان طرحتهما البيان على عدد من السياسيين والأمنيين الأردنيين الذين أجمعوا على أن الانقلاب في حال نجاحه كان سيرسم بصورة حادة تداعيات وآثاراً في المنطقة قد تستمر لعشرات السنين. خارطة جديدة بالنسبة إلى الخبير في الصراعات الدولية عدنان برية، فإن نجاح الانقلاب كان سيعني بالتأكيد رسماً جديداً لخارطة المنطقة، وتغييرات حادة وبصورة أعمق من أن تستوعبها شعوب المنطقة بأسرها، خصوصاً في السنوات الأولى. وأضاف لـالبيان، ليلة الانقلاب كانت يمكن أن تكون مطبخ تغيير للمنطقة بأسرها، سواء من حيث مراكز القوى الإقليمية أو تحالفاتها، ومن ثم المتغيرات المتوقعة بعد ذلك في مجريات الصراع الإقليمي الدائرة باختلاف اللاعبين، وبالتالي النتائج. وأعرب برية عن تأكيده أن الانقلاب كان سيؤهل النفوذ الإيراني للعودة من جديد إلى المنطقة، لكن هذه المرة بصورة أشد وحشية، فيما كان نظام الرئيس السوري بشار الأسد أحد الأطراف التي ستسارع إلى قطف الثمار. وأشار الخبير الأردني إلى أن عملية تصفية الخصوم الجارية اليوم في تركيا ستقضي على كل خصوم أردوغان وتعطي حكومته أريحية على الصعيدين الداخلي أو الخارجي. النظام السوري أما الخبير الأمني الأردني خالد المجالي فرأى في تصريح لـالبيان، أن سيناريو نجاح الانقلاب كان سيشكل دفعة قوة للنظام السوري، وسيدفعه إلى إحداث متغيرات كبيرة على الساحة السورية. وأضاف المجالي، ما كان يأمله نظام دمشق هو نجاح الانقلاب، وبالتالي القضاء على أهم ورقة ما زالت ترتكز عليها الفصائل المسلحة بكافة تياراتها. وفي المقابل، قال المجالي إنه لا يستطيع أن يمرر مقولة إن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن تعرف بالتحرك مسبقاً. وقال: لا يجوز أن يقع تحرك بهذه القوة والضخامة ثم لا تكون واشنطن تدرك ما يجري. ورداً على سؤال عما إذا كانت تركيا مرشحة اليوم لوقوع انقلاب آخر فيها، شكك الخبير الأمني الأردني في ذلك، وقال: على المدى المنظور لا أعتقد أن هناك إمكانية لوقوع انقلاب في تركيا، خصوصاً أن الفشل الأول منح أردوغان ورقة للإطاحة بكل خصومه، مشيراً إلى أنه بدأ بالفعل بدوائر القضاء والتعليم التي طالما ارتكز عليها الجيش التركي في كل انقلاباته السابقة. تصفية الخصوم قال الخبير الأردني في الصراعات الدولية عدنان برية إن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ مبكراً ومنذ الساعة الأولى لفشل الانقلاب على تصفية خصومه. وقال: رغم أنه لا يوجد في العالم دولة محصنة من الانقلابات، خصوصاً إذا وقعت إرادة دولية، فإن المجتمع الدولي يقف عاجزاً عما يجري من تداعيات في الساحة التركية التي ستؤخر أي عملية انقلاب جديدة كان يمكن أن تقع لو لم يجر تصفية أردوغان لخصومه.
مشاركة :