مديرة صندوق النقد الدولي أمام القضاء الفرنسي.. قريبًا

  • 7/23/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكون هناك لعنة ترافق من يصل من الفرنسيين إلى منصب مدير صندوق النقد الدولي، الذي يقع مركزه في واشنطن. فالمدير العام السابق دومينيك شتراوس - كان اضطر إلى الاستقالة بسبب فضائحه الجنسية، ومديرته الحالية الفرنسية كريستين لاغارد، التي تمثل أمام المحكمة الخاصة بكبار مسؤولي الدولة الفرنسية، ربما تكون على الطريق نفسه، لكن لأسباب مختلفة. فعندما كانت لاغارد وزيرة للاقتصاد في حكومة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي اليميني، كان عليها أن تفصل في خلاف بين رجل الأعمال برنار تابي والدولة الفرنسية، ذلك أن الأول كان يلاحق الدولة باعتبارها مالكة لمصرف «كريدي ليونيه» الذي يتهمه تابي بالغش في عملية بيع معقدة لشركة «أديداس» المعروفة. وكانت القضية تجر أذيالها أمام المحاكم. ولما أصبح ساركوزي رئيسا للجمهورية، اتخذت هذه المسألة منحى جديدا بسب الصداقة التي تربط الرئيس السابق برجل الأعمال. ووفق وثائق وشهادات وتحقيقات مختلفة، ثمة مؤشرات تدل على أن قصر الإليزيه تدخل لنقل التحكيم في القضية من المحاكم التجارية الرسمية إلى محكمة تجارية خاصة. وكانت النتيجة أن هذه المحكمة أصدرت حكما لصالح رجل الأعمال، الذي طلب تعويضا له من الخزينة العمومية بقيمة 404 مليون دولار، ناهيك عن تعويضات إضافية للضرر «المعنوي» الذي لحق برجل الأعمال الشهير. لكن أين تكمن مسؤولية مديرة صندوق النقد الدولي؟ القضاء الفرنسي، الذي قرر إحالة لاغارد إلى المحاكمة، وجه لها تهمة «الإهمال» في التعاطي مع قضية تابي، الأمر الذي كلف خزينة الدولة مبلغا ماليا كبيرا، ومرد الإهمال هو موافقتها على نقل القضية من المحاكم التجارية الرسمية إلى محكمة خاصة، يتم تعيين أعضائها بالتوافق، وتعد أحكامها غير قابلة للمراجعة. ومنذ انتشار خبر الفضيحة، تبين أن أكثر من جهة كانت ضالعة في العملية، وأن مستشار الرئيس ساركوزي للشؤون الاقتصادية مارس ضغوطا على وزارة الاقتصاد، فيما حامت الظنون حول ساركوزي شخصيا. وقد اتضح بعد تفحص أجندة ساركوزي للفترة المعنية، أنه استقبل تابي في قصر الإليزيه في كثير من المرات، ما يعني أن للإليزيه دورا فيما آلت إليه هذه المسألة. وقبل أشهر عمد القضاء إلى تجميد أموال وممتلكات تابي، الذي سبق له أن شغل منصب وزير للمدينة، كما أنه انتخب نائبا عن مدينة مرسيليا. وثارت بشأنه أكثر من فضيحة في السنوات الماضية، ونزعت عنه الحصانة النيابية وأدخل السجن. وعقب ذلك مارس مهنة التمثيل بعد أن فقد شركاته وموارده المالية. وتفيد الصحافة الاقتصادية المتخصصة أن تابي عمد، بعد حصوله على التعويض الكبير، إلى توزيع ثروته وتحصينها، ما يعني أن الدولة ربما لن تكون قادرة على استعادة المبالغ التي أعطيت له. ومنذ اندلاع هذه القضية، التزمت كريستين لاغارد خطّا ثابتا، قوامه التأكيد على أنها تصرفت بحسن نية عند قبولها عملية التحكيم الخاصة. لكن إذا تم تجريمها في هذه القضية، التي يعتبر القضاء أنها أفضت إلى تبديد الأموال العمومية، فإن العقوبة التي قد تنزل بها هي الحبس عاما، ودفع غرامة قدرها 15 ألف يورو. والحال أن حكما كهذا يعني دفعها إلى الاستقالة من منصبها، والقضاء على مستقبلها، سواء السياسي أو في إطار المنظمات الدولية. وسبق أن طرح اسم لاغارد، التي تعد من أكثر النساء نفوذا في العالم، لتكون مرشحة لرئاسة الجمهورية. لكنها أكدت لاحقا أنها غير مهتمة بالسياسة. وكانت لاغارد، التي مارست في البداية مهنة المحاماة داخل أشهر المكاتب الأميركية قبل أن تعود إلى فرنسا ويعهد إليها بوزارة الاقتصاد، أول امرأة تشغل منصب المدير العام لصندوق النقد، الذي يلعب دورا بالغ التأثير في الاقتصاد العالمي. وحتى الآن، لا تزال إدارة صندوق النقد الدولي تؤكد دعمها الثابت للمديرة العامة وثقتها بها. وقد جاء في بيان، على لسان الناطق باسم الصندوق جيري رايس، أن مجلس الإدارة، الذي يمثل الدول الأعضاء الـ189 «يواصل التعبير عن ثقته بقدرة المديرة العامة على ممارسة مهامها بفاعلية»، مضيفا أن «مجلس الإدارة أبلغ بالتطورات الأخيرة المرتبطة بهذه القضية». وأبدى باتريك ميزونيف، محامي لاغارد، لوكالة الصحافة الفرنسية، أسفه بسبب قرار القضاء، مشيرا إلى أن محكمة النقض «لم تحسم في الأصل أي مسؤولية لكريستين لاغارد». لكن يبدو أن محاكمة لاغارد لن يكون منها مفر، وهي ستمثل في تاريخ لم يحدد بعد أمام محكمة قضاء الجمهورية، وهي الجهة المخولة محاكمة الجرائم التي يرتكبها أعضاء الحكومة أثناء تولي مهامهم. وسبق للمحكمة المذكورة أن قررت إحالتها للمحاكمة بسبب «إهمال خطير من جانب الوزيرة المكلفة إدارة شؤون الدولة». فيما تؤكد وزيرة الاقتصاد السابقة أنها تصرفت دوما «وفقا للقانون» وحافظت على «مصلحة الدولة». ولم تنجح عبر محاميها في تلافي المحاكمة، على الرغم من طلب النقض الذي تقدمت به إلى محكمة التمييز التي لم تستجب لطلبها.

مشاركة :