الكثير من الناس يجهلون حقيقة ان تناول المضادات الحيوية قد يكون أمر غير مُجدي ولا يساعد في حال وجود التهاب فيروسي ولكن هذه الحقيقة لا تمنع بعض الأطباء من وصفها للمرضى. ان اكتشاف البنسيلين في عام 1916 من قبل الطبيب البريطاني ألكسندر فلمنج ساهم في انقاذ الملايين من الناس وشفائهم من امراض كانت فتاكة للغاية كالسل والسفلس والكوليرا، وبفضل المضادات الحيوية تم منع تلوث الجروح وخاصة في الحروب مما ساعد على انقاذ الكثير من الجرحى والذين كانوا معرضون للموت. لقد حذر الطبيب ألكسندر فلمنج في منتصف الاربعينيات آنذاك من سوء استخدام المضادات الحيوية والذي قد يؤدي الى تكوين مناعة لدى الجراثيم، لذا فإن الأطباء يجدون صعوبة كبيرة احياناً في إيجاد المضاد الحيوي الفعّال لبعض الحالات المرضية، وهذه الحقيقة نشاهدها كثيراً في أيامنا هذه على الرغم من تطور صناعة المضادات الحيوية حتى وصولها الى الجيل الثالث. ان من اهم أسباب تكون المناعة ضد الجراثيم هو قيام بعض الأطباء باعطاء المضادات الحيوية بشكل مفرط، وذلك لخوفهم من الميكروبات وعدم مراعاتهم للأعراض الجانبية التي قد تترتب عليها واهمها نشوء المناعة ضد الجراثيم، يضاف الى ذلك عدم التزام المريض بجرعات الدواء حتى انتهاء الفترة العلاجية وذلك لتحسن حالته الصحية وتصوره بأنه قد أصبح معافى تماماً. ومن اهم المعضلات في وقتنا هذا هو دخول الميكروبات والجراثيم التي تمتلك مناعة في النظام الغذائي وذلك بعد الافراط في استخدام المضادات الحيوية في الزراعة لوقاية الأعشاب والحيوانات من امراض معينة، وهذا بدوره أدى الى بناء نظام مناعة لدى الجراثيم، ويُنشئ هذا النظام تحولات وتغيرات في الصفات الوراثية للجراثيم مما يمنحها إمكانية الوقاية من المضاد الحيوي المقدم لها، كما ان المضاد الحيوي قد يقاوم أعداء هذه الجراثيم وبالتالي يساعدها على البقاء، حيث لوحظ في الفترة الأخيرة وجود ميكروبات ذات صفات مناعية عالية في المستشفيات وهذا يزيد الأمور تعقيداً كون مقاومتها صعبة واصابة المريض بها سهل. وكما ذكرنا ان اهم عوامل انتشار المناعة ضد الجراثيم هو عدم التزام بعض الأطباء في اختيار المضاد الحيوي الصحيح والوقت المناسب له والمرض المناسب ايضاً، بل والتسرع في إعطاء المريض المضادات الحيوية وخاصة عند الأطفال كون ذوي الطفل يرغبون في الشفاء السريع لطفلهم مما يجعل الطبيب تحت ضغط الاهل وبالتالي يزيد من إمكانية إعطاء الطفل المضاد الحيوي، فنظام المناعة لدى الأطفال غير متطور وإمكانية امتصاص الادوية في الأمعاء تختلف عن كبار السن وغير متطورة ايضاً. بالإضافة الى ان شراء المضادات الحيوية في الاردن يتم بشكل سهل ودون رقابة وحتى دون وصفة طبية، وهذا بدوره يزيد من إمكانية تناولها دون وعي المواطن للمخاطر التي قد تنتج عن ذلك، لذا يجب زيادة الوعي لدى المواطن وتعزيز نظام الرقابة على الصيدليات للحد من التناول المفرط لهذه الادوية.
مشاركة :