كشف رئيس لجنة المياه والزراعة والبيئة في مجلس الشورى الدكتور علي بن سعد الطخيس لـ «عكاظ»، أن غياب الرقابة والمحاسبة أغرى عددا كبيرا من العمالة الوافدة لممارسة الزراعة لأنفسهم عن طريق استئجار مزارع من بعض المواطنين، لافتا إلى أن «هذه الفئة لا توجد عليها مراقبة ومتابعة ومحاسبة، تعمل على زراعة الأعلاف والبطاطس والحبحب بكميات كبيرة في مساحات واسعة جدا، منافسة بذلك المزارع الوطني ومؤثرة على دخله»، مبينا أنه ترتب على ذلك سحب كميات هائلة من المياه الجوفية غير المتجددة. وأكد ضرورة إيقاف هذه الفئة بأسرع وقت ممكن، وقال إن الفئة الثانية تتمثل في المزارعين الوطنيين والشركات الزراعية، وقليل من هؤلاء لديهم تصاريح من جهة الاختصاص لزراعة الأعلاف، منحت لهم قبل أكثر من 20 عاما، وبعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم (335) وتاريخ 9/11/1428 القاضي بالتوقف التدريجي عن استلام القمح من قبل الهيئة العامة للحبوب (المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق سابقا) خلال ثماني سنوات، توجه المزارعون من ذات أنفسهم دون توجيه من جهات الاختصاص للتحول من زراعة القمح إلى زراعة الأعلاف التي وجدت سوقا مربحة ومشجعة في ظل العدد الهائل من الثروة الحيوانية، مؤكدا أن هكتار القمح يستهلك 7000 متر مكعب في الموسم وهكتار الأعلاف يستهلك ما يتراوح بين 20 ألفا و35 ألف متر مكعب في السنة، لأنه يتطلب ريا متواصلا طوال العام، وصدور قرار تخفيض القمح كان نتيجة للاستهلاك الهائل لهذا المحصول من المياه الجوفية غير المتجددة، لافتا إلى أن الفقرة رقم (14) من القرار (335) كان الهدف منها معالجة أوضاع المزارعين المتأثرين بتوقف إنتاج القمح وغيره، وكانت كفيلة بمعالجة الوضع إلا أنها لم تنفذ. وأوضح لدى تعليقه على غياب الدراسات التي توضح حجم قطاع الرعي في المملكة، والفئة المتأثرة بوقف زراعة الأعلاف، والجهة المسؤولة عنه، أن حجم الثروة الحيوانية وأنواعها وأعدادها معروف لدى وزارة البيئة والمياه والزراعة، وأن أعداد الحيوانات يفوق كثيرا الطاقة الإنتاجية للمراعي الطبيعية، لافتا إلى أن هذا الخلل يؤثر على التوازن البيئي في المملكة، وقال إن الدراسات عن حجم الثروة الحيوانية في المملكة موجودة، ويتم تحديثها من حين لآخر، وأن هناك كتابا إحصائيا زراعيا تصدره الوزارة سنويا، يتضمن تفاصيل حجم الثروة الحيوانية وأنواعها وأعدادها. وأضاف قبل التطرق للفئة المتأثرة بوقف زراعة الأعلاف، يجب التأمل في موقع المملكة الجغرافي والهيدرولوجي والبيئي، وربط ذلك بالتنمية المستدامة، إذ أن المملكة تقع ضمن الحزام الصحراوي، ومن أشد المناطق تصحرا وجفافا ومعدل هطول الأمطار يصل إلى 60 ملم في العام، وهذا المعدل منخفض جدا ولا يساعد على وجود مراع طبيعية كافية لتغذية الثروة الحيوانية في المملكة، ولفت إلى أن الرعي الجائر غير المقنن يؤدي إلى تدهور حالة المراعي وزيادة رقعة التصحر. .. والأعلاف تؤثر على المياه الجوفية أوضح الطخيس أن من الأخطاء الإستراتيجية فتح الباب بدون قيد أو شرط من جهات الاختصاص لزراعة الحبوب والأعلاف وغيرها من المحاصيل التي تحتاج لكميات كبيرة من المياه، بعدما تبين تأثير ذلك على الموازنة المائية، حيث سحبت من الطبقات المائية الجوفية غير المتجددة كميات هائلة من المياه خلال العقود الأربعة الماضية، وصاحب ذلك حدوث هبوط حرج في مستويات المياه الجوفية في جميع الطبقات المائية الرئيسية والثانوية وتدهور نوعياتها، ما يستوجب تكثيف الجهود لمراقبة الوضع المائي الجوفي واتخاذ قرارات حازمة بمستوى عاصفة الحزم، لأن هذه المياه غير متجددة لن يتم تعويضها أبدا والأمثلة على ذلك كثيرة منها نضوب عيون الأحساء والأفلاج والخرج. وطالب الطخيس بإعادة النظر في ربط حجم الثروة الحيوانية بحجم المراعي الطبيعية للبدء في التحول إلى التنمية المستدامة للحد من ظاهرة التصحر، التي تزداد عاما بعد آخر، إضافة إلى ضرورة دعم إستراتيجية الأعلاف التي أقرها مجلس الوزراء، والموافقة على المبادرة الثانية التي أطلقها صندوق التنمية الزراعية ضمن مبادراته السبع الخاصة بترشيد استهلاك القطاع الزراعي من المياه للوصول إلى ما يعرف بالزراعة المستدامة. وقال إن الأرقام تشير إلى أن الأعلاف التي يتم زراعتها في المملكة تستهلك حاليا أكثر من 5 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية غير المتجددة، وأن هذه الكمية ضعف الكمية المخصصة لمياه الشرب التي يتم إنتاجها من محطات التحلية ومحطات معالجة المياه الجوفية معا، لتفي بمتطلبات 30 مليون مواطن ومقيم. وأكد أن المملكة تعد أكبر مستورد للشعير لاستخدامه كعلف لتغذية الثروة الحيوانية، حيث تستورد أكثر من سبعة ملايين طن شعير وهذه تعادل نصف الكمية المتاحة للتصدير في بورصات الشعير العالمية، وللمقارنة تستورد المملكة ممثلة في الهيئة العامة للحبوب من القمح أقل من نصف الكمية المستوردة من الشعير.
مشاركة :