أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس تشكيل لجنة رفيعة المستوى لمعركة أسباب تأخير تنفيذ أحكام الإعدام بحق مدانين، فيما كشفت مصادر قضائية عن أن عشرات الأحكام تم تأجيلها بسبب تقديم طلبات بإعادة المحاكمة، استناداً إلى قانون أصول المحاكمات العراقي. وأوضح بيان صدر عن الحكومة أمس أن العبادي أمر بتشكيل لجنة من ممثلين عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس القضاء ورئاسة الجمهورية ووزارة العدل تتولى حسم ملف المحكومين بالإعدام وتحديد المعوقات التي تؤخر تنفيذ الإعدام». وأضاف أن «اللجنة الرباعية ستضع توصياتٍ من شأنها أن تُسرع المصادقة على الأحكام». وقال مصدر قضائي، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ «الحياة»، إن الادّعاء العام «يُرجع تلكؤ تنفيذ العديد من أحكام الإعدام بحق المدانين إلى طلبات إعادة المحاكمة وتصحيح القرارات التمييزية». وأضاف المصدر أن «أحد أبرز الأسباب الرئيسة في تأخير تنفيذ أحكام الإعدام، هو لجوء بعض المحامين إلى مسلك قانوني بحاجة إلى تدخل تشريعي، خصوصاً ما يتعلق بقضايا الإرهاب». ووفقاً للقانون الجنائي، فإن المشرّع لم يحدد عدد المرات التي يُسمح فيها بتقديم طلبات إعادة المحاكمات، ما جعلها تصل إلى عشرات المرات عن المتهم ذاته، فيما يطالب الادّعاء العام بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 21 لغرض حصر طلبات إعادة المحاكمة في مرة واحدة»، لكن المصدر يقول إن تشريع هذا التعديل لم يكتمل حتى الآن. ويقول الخبير في الشؤون القانونية طارق حرب إنه «بمجرد المصادقة من قبل رئاسة الجمهورية على أحكام الإعدام بحق المدانين، تصبح واجبة التنفيذ من قبل وزارة العدل». وأشار إلى أن «حسم الخلاف بين رئاسة الجمهورية ووزارة العدل في شأن المصادقة على أحكام الإعدام هو بإجراء تعديل لقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 يتضمن تحديد مدة شهر لرئاسة الجمهورية لتصديق أي حكم إعدام وبعد مرور الشهر يكون الحكم قابلاً للتنفيذ من وزارة العدل حتى لو لم يصدر المرسوم الجمهوري». وصادق رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الأسبوع الماضي على مجموعة جديدة من أحكام نهائية صادرة بإعدام مدانين بجرائم «إرهابية»، ما يجعلها واجبة النفاذ وذلك بعد مصادقته على مجموعة مماثلة قبل نحو ثلاثة أسابيع. لكن معصوم، أكد في لقاء تلفزيوني قبل يومين أن غالبية الأحكام التي صادقت عليها رئاسة الجمهورية، والبالغ عددها أكثر من ٥٠٠ حكم، ليست من قضايا الإرهاب، ما أثار جدلاً في شأن الإجراءات القانونية المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب وأصول المحاكمات الجنائية في البلاد. وكانت رئاسة الجمهورية نفت اتهامات من وزارة العدل بـ «وجود نحو ثلاثة آلاف محكوم بالإعدام في سجونها، لم تتم المصادقة على أحكامهم»، مؤكدة «المصادقة على جميع ملفات الإعدام». وتصاعدت الدعوات لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين بأعمال «إرهابية»، بعد تفجير دموي في منطقة الكرادة وسط بغداد راح ضحيته أكثر من 300 قتيل، وتوعد زعيم منظمة «بدر» هادي العامري في بيان صحافي بـ «الانتقام من المجرمين في القريب العاجل»، فيما دعا إلى تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق «الإرهابيين». وتظاهر العشرات من العراقيين في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات للمطالبة بتنفيذ أحكام الإعدام بحق «الإرهابيين»، فيما قطعوا شوارع رئيسة وهددوا بالاستمرار في الاعتصام في حال عدم تنفيذ مطالبهم. ويشكو مسؤولون عراقيون من تأخر تنفيذ أحكام الإعدام ضد المدانين بالإرهاب والذين يقبعون في السجون منذ سنوات على رغم إصدار أحكام بحقهم. وتحض المنظمات الإنسانية الدولية السلطات العراقية على تعليق عقوبة الإعدام، لكن وزير العدل العراقي حيدر الزاملي أعلن الأسبوع الماضي، أن بلاده لا تعتزم إلغاء العقوبة، مشيراً إلى أنه سيتم تنفيذ 20 حكماً بالإعدام بحق مدانين، بعد مصادقة رئاسة الجمهورية. ويواجه العراق موجة انتقادات واسعة من قبل ديبلوماسيين ومنظمات حقوقية تؤكد مراراً وجود ثغرات في النظام القضائي. ودعت منظمة العفو الدولية العراق في شكل متكرر إلى وقف عمليات الإعدام، مؤكدة أن أكثر من مئة حالة نفذت العام الحالي. وقالت المنظمة إن «الكثير من الأحكام التي صدرت من قبل المحاكم كانت غير عادلة وانتزعت الاعترافات في بعضها تحت وطأة التعذيب».
مشاركة :