يعود الممثل البريطاني الساحر في الفيلم الكوميدي Florence Foster Jenkins للمخرج ستيفن فريرز حيث يؤدي دور زوج ميريل ستريب التي تجسّد شخصية مغنّية مريعة. مقابلة مع هيو غرانت للتحدث عن غرامياته وتجاربه العاطفية والمهنية... في الحياة العادية، يبدو هيو غرانت شبيهاً بالشخصية التي أداها في فيلم Notting Hill مع جوليا روبرتس، إذ يحمل النظرة الحالمة نفسها ويبدو شهماً وجدياً. لكنه أصبح اليوم أباً لأربعة أولاد من امرأتين، إحداهما شريكته الراهنة آنا إليزابيث إبيرستاين. خلال المقابلة، كان يعاني من الزكام ولم يكن مرتاحاً جداً في البداية لكن سرعان ما استرخى وبدأ يضحك ويدخّن واستعاد الهدوء والراحة! لماذا قبلتَ بالدور الجديد؟ لرؤية ميريل ستريب وهي تغني بشكل خاطئ أم لأداء مشهد راقص مبهر أم لارتداء بذلة رسمية؟ [يضحك] لارتداء بذلة رسمية طبعاً! يبدو أنك استعدّيتَ للدور طوال سنة... نعم، شعرتُ بالتوتر لأنني سأعمل مع ميريل ستريب وستيفن فريرز. فكرتُ بضرورة أن أقدم أفضل أداء ممكن. قمتُ بأبحاث كثيرة عن الشخص الذي سأؤدي دوره وقرأتُ مراسلاته ومذكراته الحميمة... لطالما اعتبرتُ مهاراتي التمثيلية متواضعة. لكن كان يجب أن أتصرّف كي لا أبدو غبياً. هل أصابتك صدمة سمعية حين سمعتَ ميريل ستريب تغني للمرة الأولى؟ يتوقف نجاح الفيلم كله على أدائها. كان يجب أن تبدو مضحكة وقد كانت عبقرية. لقد جسّدت بكل أمانة شخصية فلورانس فوستر جنكينز التي كانت مقتنعة بأنها تجيد الغناء. كانت التجربة مؤثرة. هل يجب أن يكون الممثل بارعاً كي يجسّد دور ممثل فاشل؟ [يضحك] لا. لكني طلبتُ من ستيفن فريرز أن يأخذ بالاعتبار هذا الجانب من شخصية “سانت كلير” التي أؤديها. لم أشأ أن يقتصر الدور على الرجل الإنكليزي الهادئ لأنه جانب ممل جداً. إنه ممثل فاشل ويائس وحفيد غير شرعي لرجل إنكليزي أرستقراطي... كان فقيراً إلى أن قابل امرأة مليونيرة. ربما كانت علاقتهما في البداية مبنية على المصالح الشخصية لكن جمع بينهما حنان فائق أيضاً. تتخبّط شخصيتك بين امرأتين، واحدة شابة وأخرى مسنّة لدرجة أنها قد تكون بعمر والدتك. هل يؤثر بك هذا الدور بعدما قابلتَ عدداً كبيراً من الأطباء النفسيين؟ في الحياة، نضطر دوماً للاختيار بين حبيب وشخص من دمنا ونميل عموماً إلى اختيار الشخص الثاني. هل يمكن أن تحبّ امرأتين في الوقت نفسه؟ طبعاً! تزداد الترتيبات العاطفية بين الناس تعقيداً بشكل عام وتتخذ أشكالاً غريبة. أجد هذا الوضع ساحراً. أصبحت تجارب الزواج الأحادي ومعايير “الارتباط وإنجاب ولدَين” التي كانت سائدة في الخمسينات جزءاً من الماضي الغابر. ويسرّني هذا التحوّل. تتماشى التعديلات المعاصرة مع مفهوم السعادة. هل يتماشى هذا الوضع معك شخصياً؟ نعم. لا يمكنني أن ألتزم بالمعايير التقليدية في هذا المجال. أتصور أن حياتك تغيّرت بالكامل منذ أن أصبحت أباً. تعطيني الأبوة سعادة فائقة. قد تكون التجربة متعِبة، لكنها تبقى ممتعة. أي نوع من الآباء أنت؟ لستُ واثقاً من وجود أنواع عدة من الآباء. أنا أب ظريف ولستُ بعيداً عن أولادي مثل الآباء التقليديين، لكني لا أبالغ في مراقبتهم في الوقت نفسه. سأصبح مهووساً حينها. يتخلى بعض الأهالي عن حياتهم كي يكرّسوا أنفسهم بالكامل لأولادهم. إنه خيار مريع! وتعزز المدرسة هذا المفهوم: يجب أن نرافقهم في الرحلات المدرسية ونحضّر لهم الطعام في المناسبات... يمكن أن نحبّهم من دون أن نتماهى معهم! هذا الأسلوب ليس ممتعاً ولا يفيد الأولاد. هل يتمتع أولادك بشخصيات مميّزة؟ في هذا العمر، لا يمكن أن نتوقع ما سيصبحون عليه لاحقاً. يبدو أحد أولادي مضطرباً عقلياً! يكون لطيفاً في لحظة معيّنة ثم يبدأ فجأةً بضرب رفاقه وعضّهم. يكثر الفرنسيون في مكان إقامتي في لندن وقد عضّ طفلاً فرنسياً منذ فترة. أزعجني الوضع كثيراً! هل تتابع لعب الغولف؟ لا وأنا فخور بذلك. أشعر وكأنني كنت مدمناً على الكوكايين. استمرّت تلك العادة طوال 12 سنة من حياتي لكني حين أمرّ بملعب الغولف اليوم لا أشعر بأي أعراض. أركز راهناً على سيارات السباق. أظن أنني أمرّ بأزمة منتصف العمر. كما أنني أبني المنازل. يجب أن أقدّم أماكن إقامة لأولادي. ما عدد أملاكك؟ تعيش شريكتي السابقة وأم أولادي في أحد أملاكي مثلاً... باختصار، يبدو الوضع كله معقداً. من الناحية الإيجابية، سأبدأ بجمع اللوحات من جديد. كنت قد أوقفتُ هذا النشاط لأن منزلي امتلأ بها. يجب أن أملأ منازلي الأخرى. في ما يخص الأعمال السينمائية، هل تجيد التحكم بنوبات الهلع اليوم؟ لم يتغير شيء في هذا المجال. أصابتني نوبة هلع أثناء التصوير مع فريرز. فاقترح عليّ بكل لطف أن نؤجّل تصوير المشهد إلى يوم آخر. في اليوم التالي، أصابتني نوبة هلع أخرى فأجّلنا مجدداً... إنها دوامة مستمرة! لكنها حالة شائعة جداً، حتى بين الرياضيين. الأمر أشبه بأن أطلب منك أن تمشي أمامي كي أصوّرك فتشعر فجأةً بأنك لا تجيد المشي! هل تواجه العوائق أيضاً على مستوى الكتابة؟ منذ سنوات بدأتُ بكتابة رواية تدور أحداثها في صندوق سيارة. لكني عَلِقتُ في هذه الحبكة وفقدتُ مفتاح الصندوق! الوضع غريب. لطالما قلتُ إنني لن أشعر بسعادة كاملة إلا إذا بدأتُ بالكتابة لكنها كانت تجربة فاشلة جداً. أخاف من إنهاء القصة وأخشى أن أكرهها وأن يكرهها الجميع أيضاً. لكن يشبه هذا الكتاب أن يملك الشخص شرفة في شقته: حتى لو لم نقصدها مطلقاً، من الضروري أن تكون موجودة! يحبّ الجميع هيو غرانت، لا سيما النساء. هل سبق وقابلتَ شخصاً يكرهك؟ إنها فكرة خاطئة! أنا مكروه! يكرهني أصحاب مجلات الفضائح الإنكليزية علماً أنني أخوض معركة قانونية ضدهم منذ خمس سنوات. تغيّر القانون في هذا المجال لكن لا تتوق الحكومة إلى تطبيقه لأنها تخشى أن ينقلب أصحاب الصحف عليها وأن يشنّوا ضدها حملة لتشويه سمعتها. هل تهتم بالخطابات التي تدعم الحركة النسائية وتطلقها ممثلات هوليوود للمطالبة بمساواة في الأجور. لم أتابع الموضوع كثيراً ولم تسمح لي تجربتي بالاطلاع على هذه المشكلة لأنني كنت أمثّل دوماً مع ممثلات مشهورات وناجحات جداً وكنّ يجنين أموالاً طائلة ويسيطرن على هوليوود، مثل جوليا روبرتس وساندرا بولوك وسارة جيسيكا باركر. لكني واثق من ارتفاع عدد الممثلات اللواتي يواجهن هذا الوضع. وحدها قاعدة المال تحكم عالم هوليوود. لا أحد يتآمر ضد النساء أو السود، إذ لا يمكن محاربة شخص قادر على درّ الأرباح. يبقى الوضع مريعاً لأنه يحرم الممثلين من الشعور بالأمان لكننا نجيد التصرّف. هل تفكّر بصنع فيلم بنفسك؟ أنا مشغول جداً. حتى أنني لا أملك الوقت الكافي للرد على رسائلي الإلكترونية! لكن بعدما أبني المنازل التي طلبتُها وأتأكد من وضع أولادي وتنفّذ الحكومة مطالبي وتعمّ السعادة في كل مكان، سأستأجر غرفة في فندق وأكتب سيناريو!
مشاركة :