لم يكن موسم 2015-2016 للكرة الطائرة ختامه مسك، على خلفية ما رافق مباراة نهائي كأس ولي العهد (كأس الكؤوس) من لغط تحكيمي، المتابعون على دراية به، ولا يحتاج منا أن نعيد ونزيد فيه، وخاصة أن الموضوع قد أشبع قولا وردحا، وشكّلت على أثره لجنة سمّيت (لجنة التحقيق) بقيادة نائب رئيس اتحاد اللعبة محمد الذوادي، وتوصل الاتحاد إلى إصدار قرار بإبعاد الحكم الدولي جعفر إبراهيم، ومراقب الخط أحمد السماهيجي عن مباريات النجمة، ومع تقديرنا الشخصي للعمل الذي قامت به اللجنة المشكّلة، فإن ما توصلت إليه لا يحتاج إلى تشكيل لجنة وتحقيق وما شاكل ذلك، إذ يكفي أن يخرج هذا القرار من الاتحاد بين ليلة وضحاها، بدلا من ترك الوسط الرياضي عامة وأسرة الكرة الطائرة على الوجه الأخص ينتظرون على وجل ما يتمخّض عنه التحقيق الذي أسفر عن نتيجة مفاجأة، ولا يفهم قراؤنا الأعزاء أننا نمنّي النفس أن تصدر اللجنة المعنية أشدّ العقوبات على الحكم ومراقب الخط، إذا كان يوجد من يفهم ذلك فعلى عقله العفا وليس لنا معه أيّ كلام، ولكن حتى الآن أتحدّى- وبعد مرور كل هذه المدة – أن يعرف أحد (وأنا واحد منهم) ماذا قال مراقب الخط للحكم عندما ذهب إليه، إذ هل من المعقول أن يشهر جعفر إبراهيم- وهو واحد من ضمن أفضل 20 حكما على مستوى العالم- بطاقته الحمراء لمجرّد أن مراقب الخط قال له: إن اللاعب أقسم بالله العظيم أن الكرة خارج الملعب؟ هذا الكلام لا يمكن أن يتقبله العقل، فهناك شيء مسكوت عنه، وكان حريّا من اللجنة التي تشكلت أن توضح كل التفاصيل بكل شفافية للرأي العام الرياضي، نقول ذلك من باب إحياء موضوع بات من الماضي، ولكن علينا أن نتحرّى الدقة كي تأتي قراراتنا في مستوى الثقة. موسم ساخن تحكيميا قد يفهم القارئ والمتتبع من الوهلة الأولى عند قراءته العنوان الرئيسي أن المقصود بالموسم الساخن أن الأداء سوف يبلغ ذروته، وستكون المنافسة بين الفرق على أشدها، وستكون درجتها أكثر من الموسم الذي سبقه، وعليه – وبحسب الفهم الأولي للقارئ- فإن الحكام سيواجهون صعوبات جمّة عند إدارتهم لتلك المباريات، ونقول: إنّ القارئ معه الحق في هذا الفهم، وهو لم يبتعد كثيرا عن المقصود، ولكن ربما العنوان ذو فهمين، والقارئ اختار الأقرب إليه، والظاهر لفهمه، ولكن لو خرجنا عن مألوف الفهم، وتعمقنا أكثر، وذهبنا أبعد من ذلك لقلنا إنّ ما صاحب مباراة كأس كؤوس الطائرة بين الأهلي والنجمة من جدل وقل ما شئت، لن يمرّ مرور الكرام، وخلال الموسم الفائت لم يكن النجمة هو الفريق الوحيد الذي أبدى تحفظه على التحكيم هذا من الناحية الظاهرية، بل هناك أندية شقيقة له شاركته هذا التوجّه، ولو بمكالمة هاتفية، أو خطاب رسمي، فالنصر هو الآخر طالب لجنة التحكيم بإبعاد الدولي سامي سويّد عن مبارياته، ولا أستبعد أندية أخرى قيامها بذلك وربما مع حكام آخرين، وعطفا على ذلك نتوقع أن تخوض أندية الدرجة الأولى بالذات وفرق المقدمة على وجه الخصوص منافسات الموسم الجديد بذاكرة ما حصل تحكيميا في نهائي كأس ولي العهد، ولا نستبعد أن يأتي احتجاج الأندية في مبارياتها على كلّ صغيرة وكبيرة وخاصة متى ما تواجد بعض الحكام المتحفّظ عليهم من الأندية التي ستعلق شماعة خسائرها على هؤلاء الحكام لأنهم سبقوا ولفتوا نظر لجنة الحكام إلى عدم الرغبة في تواجدهم في مبارياتهم. هل تعيد اللجنة الثقة إلى حكامها؟ في الوقت الذي نتغنى فيه بحكامنا، ونصفهم في كلّ صباح ومساء دائما بأنّ لهم الأفضلية بشهادة الآخرين قبل شهادتنا المحلية، ورغم أنّ الكثيرين من مدربينا يكيلون المدح بمناسبة ومن دون مناسبة لحكامنا، وينظرون إليهم على أنهم من طينة البشر يصيبون ويخطئون، غير أنّ هؤلاء المادحين ينسون كلّ ذلك في ساعة الذروة والمنافسة، لمجرّد وقوع الحكم في خطأ غير مقصود، لأنّه لا نعتقد في قرارة أنفسنا أنّ هناك حكما يريد أن يخطأ ويصرّ على خطئه، أو له مصلحة في فوز هذا الفريق وخسارة الآخر، وإلا كانت طامة كبرى، ولا أستبعد أنّه عطفا على ما صاحب نهائي الكأس، وما ترتب على ذلك من قيام الاتحاد بتشكيل لجنة للنظر في حيثيات ما حصل، أنّ هذا السيناريو قد يفرض خوفا وتوجسا لدى الحكام أن يتكرّر لهم ما حصل لزملائهم لمجرّد أنهم وقعوا في خطأ مهما كان نوعه، فهل اللجنة قادرة على المحافظة على ثقتها في حكامها؟ الحكم أصاب.. الحكم أخطأ إذا لم نحصر قرارات حكامنا في الصواب والخطأ وذهبنا إلى أبعد من ذلك في التأويل، فإنّ هذا سيأخذنا إلى طريق مسدود، ومتاهات لا آخر لها، ومن شأنه أن يعقّد الموقف، ويحمله أكثر مما يطيق، لأنّ المزاج هنا سيطغى على التأويل، وكل سيصل إلى النتيجة التي يفرضها عليه تأويل مزاجه، سواء كان المزاج مستقيما أم معوجّا. هل الحكم الخارجي هو الحل؟ إذا ما رضخت لجنة الحكام لطلبات الأندية، وعيّن حكام للمباريات وفق مقاييس الأندية وما تريد، إذ أنّ استبعاد فلان من الحكام عن طريق هذا الفريق أو سين من الحكام عن ذاك الفريق، والأمور لا تدار بهذا الشكل، إذ عندها سنصل في نهاية المطاف إلى أنّنا لن نجد أحدا يرضى عن أحد، بمعنى أنّ الأندية لن ترضى عن كل الحكام لأنّ الأخيرين من دون استثناء ليس فيهم حكم منزّه عن الخطأ صغر أم كبر، فهل يأتي اليوم الذي نلجأ فيه إلى استقدام حكام من الخارج لإدارة مبارياتنا بحيث يتحمل النادي صاحب الرغبة كل تكاليف الاستقدام من الألف إلى الياء؟ نتمنى ألا يحصل ذلك، وإن حصل نتمنى أن يعرّفنا قيمة حكامنا.
مشاركة :