قال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أمس، إن بريطانيا بحاجة إلى شهور للاستعداد قبل بدء محادثات خروجها من الاتحاد الأوروبي، منتقدا الحكومة البريطانية، لأنها لم تستعد على نحو أفضل لاحتمال التصويت لصالح الانسحاب في استفتاء الشهر الماضي. وأضاف أنه كان يفضل بدء محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد في أسرع وقت ممكن. وأكد أيضا أن بريطانيا ستحرم من حرية دخول السوق الداخلية للاتحاد، إذا لم تقبل بحرية حركة العاملين. وقال يونكر للقناة الثانية في التلفزيون الفرنسي: «لكن الأمر ليس على هذا النحو. الحكومة البريطانية تحتاج إلى عدة أشهر لمواءمة موقفها». وأبلغت تريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، يونكر منتصف هذا الشهر بأن بلادها تأمل في إجراء محادثات إيجابية مع الاتحاد بعد استفتاء 23 يونيو (حزيران) الذي أيّد فيه البريطانيون الانسحاب من التكتل، لكنها تحتاج إلى وقت للإعداد للمفاوضات. وقال يونكر إنه ليس هناك موعد نهائي، إذ إن المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي الخاصة بإجراءات الخروج لا يمكن تفعيلها إلا عن طريق بريطانيا. وأضاف يونكر: «كنت أفضل أن تقدم لنا المملكة المتحدة خطاب الانسحاب في أسرع وقت ممكن، لأنني كنت أظن أن البريطانيين خصوصا الذين أرادوا الخروج من الاتحاد استعدوا لهذا الاحتمال». وذكّر أن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بدخول البضائع والخدمات البريطانية إلى سوقه الداخلية دون رسوم جمركية، إذا لم تقبل بريطانيا بحرية حركة العاملين من دوله. وقال يونكر: «لن يسمح لمن لا يقبلون بالقواعد بدخول السوق الداخلية دون استثناءات». وكانت ماي تمكنت من إقناع برلين وباريس بأهمية التريث في خروج بريطانيا من الاتحاد، وتمكّنت من كسب ود المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وأقنعتهما بأن لا يستعجلا لندن في تفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة، أي الآلية التي تسهل خروج عضو من التكتل الذي يضم 28 دولة. وكانت بريطانيا قد أكّدت مرارا أنها لن تقوم بذلك قبل نهاية العام، وأنها سوف تبدأ مفاوضات الخروج في نهاية 2018، فيما وصفه رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك بـ«الطلاق المخملي». وكررت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي مرارا أنها تريد الإبقاء على روابط اقتصادية وثيقة مع فرنسا وألمانيا، وباقي دول الاتحاد، رغم تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت ماي، في مؤتمر صحافي مشترك في باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأسبوع الماضي، إنه «مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيكون علينا أن نقرر كيفية الحفاظ على أوثق روابط اقتصادية ممكنة بين بلدينا». وأضافت أنها تريد «تعظيم الفرص لكل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي». من جهته، كرّر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مطالبه لرئيسة الوزراء البريطانية بالبدء رسميا في عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن، حتى لا تتسع «عدوى» الخروج إلى بلده التي تعرضت إلى هجمات إرهابية خلال الأشهر الماضية، مما خلق أجواء سياسية استفاد منها اليمين المتطرف، المتمثل أساسا في الجبهة الوطنية. إلا أن باريس حريصة أن تبقي على علاقات خاصة مع لندن، ولعل أكبر شاهد على ذلك هو «النفق الأوروبي» (يورو تانل) الذي أصبح حلقة الوصل البرية بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، وحتى العالم. كما أن هناك اتفاقيات عسكرية بين البلدين، وقعت عام 2010. تستخدم من خلالها بريطانيا حاملة الطائرات الفرنسية «تشارل ديغول»، إلى أن تنتهي من بناء حاملة طائرات خاصة بها. في المقابل، شهدت الحدود البريطانية - الفرنسية توترا في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، حيث تسببت الإجراءات الأمنية المشددة في زحمة مرور هائلة عند مدخل ميناء دوفر. وأمضى المصطافون البريطانيون ساعات طويلة في سياراتهم بسبب طوابير للسيارات التي تسببت في تأخير وصل إلى 15 ساعة أثناء عودتهم من ميناء دوفر الأحد، بسبب الضوابط الحدودية المشددة التي تفرضها شرطة الحدود الفرنسية. وامتدت السيارات المتوقفة في طوابير على مسافة 19 كلم داخل البلاد من دوفر، على الطرف الجنوبي الشرقي من بريطانيا. وقال مسؤولون إن السبب في الأزمة المرورية هو ذروة موسم العطلات الصيفية، إضافة إلى نقص أعداد موظفي الحدود الفرنسيين وزيادة الإجراءات الأمنية. ومدينة دوفر هي الميناء البريطاني الرئيسي للعبارات التي تنقل الركاب إلى أوروبا. وقالت سلطة الطرق السريعة في بريطانيا المشرفة على شبكة الطرق إن سبب التأخير هو «تشديد الإجراءات الأمنية للحفاظ على سلامة المسافرين عقب الهجمات الأخيرة التي شهدتها فرنسا».
مشاركة :