ولأن المصائب لا تأتي فرادى، دخلت مراسم العزاء ضمن توابع الزلزال الدامع بفقدان الأعزاء لتصبح تكليفا ماديا ومعنويا يفوق طاقة الناس، ويقصم ظهورهم! العزاء بات ضمن قائمة (المشقة) المعقدة فأهل المتوفى الذين يعيشون الحزن والألم بمصابهم يتحملون بجانب مصابهم عناء تنظيم العزاء لثلاثة أيام يدخل ضمنها استئجار طواقم الضيافة (القهوجية والصبابين) من الجنسين وما يتبعهما من تأمين كراسي إضافية وسجاد بتكلفة إجمالية يومية لا تقل عن 5000 ريال إضافة إلى تنظيف وترتيب الفوضى التي يخلفها المعزون يومياً من الصباح وحتى الساعة 11 ليلاً دون مراعاة للوضع النفسي لأهل المتوفى، وحاجتهم للراحة. كذلك تمتد المشقة إلى من يتكفل بإعداد ولائم الغداء او العشاء التي لا تقل تكلفة الوليمة الواحدة منها عن 6500 وتصل احيانا 20 الف ريال وهذا قمة الإسراف والتبذير! ما أحرانا أن نرفض ما ابتدعه البعض من سلوكيات نهانا عنها الدين أو على الأقل نقتدي بالآخرين في تجاربهم الناجحة، ففي المنطقة الغربية يتم تحديد موعد العزاء من بعد صلاة المغرب وحتى أذان العشاء، وبعدها تقفل الأبواب. وفي محافظة شقراء يتقبل اهل المتوفى العزاء في المسجد والمقبرة فقط ومثل تلك المراسم المنظمة تمنح راحة كبيرة لأهل العزاء والمعزين معاً. ولعله قد حان الوقت لتنظيم رسمي لمراسم العزاء، يجد الدعم من اهل العلم وخطباء المساجد لتتغير هذه الثقافة السالبة والعادة المرهقة، وتنتظم في سلوكية يحيلها الناس لنمط اجتماعي، ولا أقل من أن تبدأ فترة العزاء من المغرب وتمتد فقط لموعد صلاة العشاء. أهل الميت يكفيهم مصابهم.. فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء!
مشاركة :