أعلنت تركيا أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً في شأن أفراد زعموا على مواقع التواصل الاجتماعي أن محاولة الانقلاب الفاشلة هي خدعة أعدّتها الحكومة. وتخطط السلطات لتوظيف أكثر من 20 ألف مدرّس، ليحلّوا مكان الذين طُردوا، في إطار حملة «تطهير» تشنّها بعد الانقلاب، والتي حذر «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي من أنها تمهّد لـ «مزيد من المظالم». وسرت تكهنات على شبكة الإنترنت بأن الرئيس رجب طيب أردوغان أعدّ الانقلاب، من أجل حشد الدعم لحكومته وتعزيز سلطته. واعتبر وزير العدل بكير بوزداغ أن أي شخص يلمّح إلى ذلك، هو متورط على الأرجح في محاولة الانقلاب. وأضاف: «النيابة العامة تحقّق في شأن مَن يقولون على مواقع التواصل الاجتماعي إن (ما حدث كان) مسرحية. معظمهم خاسرون يعتقدون بأن الموت من أجل قيادة فتح الله غولن هو شرف». ويشير بذلك إلى داعية معارض مقيم في الولايات المتحدة، تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب. إلى ذلك، قال وزير التعليم عصمت يلماز، إن مدرّسين جدداً سيحلّون مكان مدرّسين في المدارس الرسمية والخاصة، عُزلوا للاشتباه بصلتهم بغولن. يأتي ذلك بعد ساعات على توقيع أردوغان أول مرسوم منذ فرض حال الطوارئ في تركيا، أمر بإغلاق 1043 مدرسة خاصة و1229 مؤسسة وجمعية خيرية و19 نقابة عمالية و15 جامعة و109 مساكن طالبية و35 مؤسسة طبية، للاشتباه في صلتها بجماعة غولن. ومدّد أردوغان فترة احتجاز المشبوهين على ذمة التحقيق من 4 أيام إلى 30 يوماً، مبرِّراً الأمر بتسهيل إجراء تحقيق شامل في محاولة الانقلاب. وقال لشبكة «فرانس 24» الفرنسية: «ما يقوله (المسؤولون الأوروبيون) لا يهمني، ولا أستمع اليهم. أوروبا تجعلنا ننتظر (عضويتها) منذ 53 سنة ولم نستفد حتى من الفرص الاقتصادية» التي يؤمّنها الاتحاد الأوروبي. وكرّر أنه سيوافق على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، قائلاً: «إنها مهمة الساسة. في الديموقراطيات السيادة ملك الشعب». وعلّق الرئيس التركي على إعلان نظيره الأميركي باراك أوباما أن قضية تسليم غولن ستُعالج وفق قانون الولايات المتحدة، قائلاً إن واشنطن قدّمت سابقاً لأنقرة «طلبات تسليم كثيرة، ولم نطلب منهم (الأميركيين) أبداً أي وثيقة». وأشار إلى أن تركيا سترسل خلال «عشرة أيام» أدلة لدعم طلب التسليم، لافتاً إلى أن الانقلابيين الذين احتجزوا رئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار، عرضوا عليه أن يتحدث هاتفياً مع غولن. وتطرّق وزير الزراعة فاروق جيليك إلى الانقلابيين، مشيراً إلى أنه يرى «إهانة كبرى للحيوانات، حين يُقال عن هؤلاء إنهم حيوانات». أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فتعهد «بإعادة الخائن من بنسلفانيا»، في إشارة إلى غولن، فيما أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم أن تركيا مستعدة «إذا اقتضت الحاجة»، لتمديد حال الطوارئ بعد انتهاء الأشهر الثلاثة المقررة لها. وأعلن أن السلطات التركية ستحلّ الحرس الرئاسي، بعد توقيف حوالى 300 من عناصره إثر الانقلاب. وأضاف: «لن يكون هناك حرس رئاسي، لا سبب لوجوده، لا نحتاج إليه». وأشار إلى أن عناصر من الحرس الجمهوري كانوا ضمن مجموعة دخلت مبنى التلفزيون الرسمي «تي. آر. تي» خلال محاولة الانقلاب وأجبرت مذيعة على تلاوة بيان يعلن أحكاماً عرفية وفرض حظّر التجول. وذكر يلدرم أن 13002 قرار توقيف صدرت منذ محاولة الانقلاب ليل 15-16 الشهر الجاري، كما وُضع 5873 شخصاً في حبس احتياطي، بينهم 3718 جندياً و123 جنرالاً. في السياق ذاته، أعلن مسؤول حكومي أن السلطات أوقفت في محافظة طرابزون شمال تركيا، هايلز هانجي الذي اعتبره «الذراع اليمنى» لغولن والمسؤول عن نقل الأموال التي تصل إليه. ورجّح دخوله تركيا قبل يومين من محاولة الانقلاب. وكانت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء أفادت بتوقيف محمد سعيد غولن، ابن شقيق الداعية، في مدينة أرضروم شمال شرقي تركيا. وأضافت أن من بين الاتهامات التي قد تُوجَّه إليه، الانتماء إلى «تنظيم إرهابي». «حزب الشعوب الديموقراطي» وكان آلاف من الناشطين المؤيدين للأكراد تجمّعوا السبت في إسطنبول، رفضاً للانقلابيين ولحال الطوارئ التي فرضها أردوغان. وقالت لطيفة (30 سنة)، وهي مؤيدة لـ «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي: «لا نريد انقلاباً عسكرياً. سياسة أردوغان ليست مع الديموقراطية. نريد الديموقراطية، لكن ليس ديموقراطيته». وخاطب رئيس الحزب صلاح الدين دميرطاش الحشد قائلاً: «التوقيف لـ30 يوماً يُعدّ تعذيباً. التصدي للانقلاب أمر عادل وشرعي ومبرّر، لكن الإجراءات المُتخذة ستفتح المجال لمزيد من المظالم». ودعا إلى «وضع الغضب والكراهية والاستقطاب جانباً، المجتمع ينتظر منا السلم». إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس، أن «على المنتصرين في الصراع التركي إظهار سماحة تجاه المهزومين وضبط النفس، لا إعادة تطبيق عقوبة الإعدام». وسُئل هل ستُعيد أثينا 8 عسكريين أتراك فرّوا إلى اليونان بمروحية عسكرية وطلبوا اللجوء، فأجاب: «هذا سيقرره القضاة والسلطات الأخرى ذات الصلة بالموضوع. وستأخذ في الاعتبار مدى ضلوع (الجنود) الثمانية في الانقلاب». على صعيد آخر، أعلنت السلطات مقتل شرطي وجرح اثنين بهجوم شنّه «حزب العمال الكردستاني» على حاجز للشرطة في إقليم تونجلي شرق تركيا.
مشاركة :