أوروبا على موعدٍ مع صيفٍ مليء بالقلق بسبب الاعتداءات

  • 7/26/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يحمل كل يوم تقريباً صورة جديدة من صور الذعر والهلع بشوارع أوروبا الغربية، حيث يلقى عددٌ من الرجال والنساء والأطفال مصرعهم، بما يؤدي إلى إثارة التوترات والنزاعات السياسية والاجتماعية وخلق ما يدعوه البعض "صيفاً من القلق والشجن". وتحدث الإصابات والوفيات جراء استخدام الشاحنات والفؤوس والمسدسات والسكاكين والقنابل. وتتضمن قائمة الضحايا أسراً كانت قد خرجت للنزهة وقضاء ليلة وسط الألعاب النارية على شواطئ الريفييرا وشباباً يتسكعون أمام ماكدونالدز وسياحاً يستقلون قطاراً وهواة موسيقى البوب في حفل موسيقي ليلة الأحد. اعترف ثلاثة من بين مرتكبي الاعتداءات على مدار أقل من أسبوعين بالولاء والانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية، رغم عدم تلقي تعليمات مباشرة من التنظيم؛ ويبدو أن كافة الاعتداءات قد أخفت الخط الفاصل بين الإرهاب العقائدي والعنف الناجم عن الغضب أو الضغينة أو انعدام الاستقرار الذهني. تلك الضبابية- غياب حبكة مركزية التنظيم أو كيان واحد يتحمل المسؤولية- زاد من صعوبة استجابة فرنسا وألمانيا وبقية أنحاء أوروبا. تصاعد المشاعر المناهضة للهجرة وأدى الافتقار إلى إجابات مباشرة إلى أن تعقيدات أكثر تزامنت مع التغيرات السياسية في أوروبا. وقبل وقوع الاعتداءات الأخيرة، شهدت القارة تصاعداً في المشاعر القومية المناهضة للهجرة؛ واستغلت الأحزاب اليمينية المتطرفة ذلك المناخ سعياً وراء تحقيق المشروعية والسلطة. وكانت المشاعر المناهضة للهجرة عاملاً قوياً في تصويت بريطانيا في الشهر الماضي لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقد أدى التصاعد الأخير في العنف إلى تأييد هؤلاء المنادين باتخاذ تدابير متشددة ضد هجرة المسلمين، بما يعكس البرنامج الذي يؤيده دونالد ترامب خلال حملته الرئاسية بالولايات المتحدة. وأعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان خلال عطلة نهاية الأسبوع عن تأييده لترامب، قائلاً إن مقترحات المرشح الجمهوري بشأن مكافحة الإرهاب هي ما تحتاجه أوروبا تحديداً. وفي فرنسا، التي شهدت وحدةً ملحوظةً في أعقاب التعرض لهجمتين إرهابيتين عام 2015، هناك صراع سياسي داخلي واتهامات متبادلة منذ اعتداء 14 يوليو/تموز في نيس الذي أودى بحياة 84 شخصاً. وفي ألمانيا، أدت الاعتداءات الأخيرة إلى توتر العلاقات بين حزب المحافظين للمستشارة أنجيلا ميركل وحليفه بولاية بافاريا الجنوبية، حيث واجه قرارها في العام الماضي بشأن السماح بدخول مليون لاجئ سياسي معارضة شديدة. ووقعت نفس الاعتداءات في أماكن أخرى، على غرار ما حدث في فلوريدا خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، فقد أدى تركز الاعتداءات على مدار أقل من أسبوعين إلى إثارة القضية بهذه الصورة. ويتمثل التحدي الرئيسي الذي يواجه الجهات الأمنية والاستخبارات في التوصّل إلى إجابات. ومع ذلك، يمكن أن يتمثل أيضاً في مشكلة الهجرة والاستيعاب والتسامح وتذكرة بإغراءات الشهرة والأفعال الشائنة التي يسعى وراءها الأشخاص المضطربون في عصر وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات العالمية المباشرة. وذكر فرانسوا هايزبورج، رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "إذا حولت كل شخص إلى كيان مستقل، سيحاول البعض اتخاذ مبادرات مشينة والتصرف بدافع من تصوراتهم للعالم الفعلي، ولكنهم يظلون بحاجة إلى هوية تحركهم". وأضاف أن ذلك الجهاد "يمكن أن يحدث في أورلاندو ونيس، وبدون مشاورات مسبقة". استلهام الجرائم من المتطرفين ربما كان علي سنبلي، البالغ من العمر 18 عاماً والذي قتل 9 أشخاص في ميونخ يوم الجمعه 22 يوليو/تموز 2016، مواطناً ألمانياً إيرانياً، ولكنه استلهم أفعاله من مذبحة أندرز بهرنج بريفيك في أوسلو بالنرويج منذ خمس سنوات، والتي كان الدافع وراءها هو كراهية سيادة البيض. وأضاف هايزبورج "أراد سنبلي أن يترك بصمته من خلال فيسبوك لجذب الناس إلى ماكدونالدز؛ وهذا هو التفاعل بين الهمجية التامة والمعاصرة". لم يكن سنبلي يتصرف بصفته دولة أو منظمة، بل كفرد؛ وغالباً ما يصعب على الأجهزة الأمنية منع الأفراد من القيام بأعمال إرهابية. ويمكن أن يكون لأفعالهم الفردية التي يتم تصويرها من خلال الهواتف الذكية أصداء أوسع نطاقاً من أي طلقات نارية أو تفجيرات. تم تنفيذ الاعتداء في نيس بفرنسا من قبل رجل تونسي المولد يستقل شاحنة مستأجرة. وقد استهل الاعتداء معركة جديدة من تبادل الاتهامات وأضاف عنصراً آخر لمراحل الحملة الرئاسية المبكرة، حيث يتراجع الاشتراكيون بقيادة الرئيس فرانسوا أولاند وراء اليمين واليمين المتطرف. ويتناقض الجدل الشديد والمفتوح حول الأمن والمساءلة إلى حد كبير مع رد الفعل في فرنسا تجاه اعتداءات العام الماضي، حين كانت هناك محاولة لخلق شعور من التضامن السياسي والوطني في وجه الإرهاب. هناك غضب هائل تجاه عدم قدرة الحكومة على الحفاظ على سلامة وأمن المواطنين. فقد أصدرت الحكومة المحلية في نيس، التي تميل نحو اليمين، هجوماً شديداً على الحكومة الاشتراكية وخاصة وزير الداخلية برنارد كازينوف للإخفاق في توفير التأمين المناسب في عيد الباستيل. وتم اتهام كازينوف أيضاً بالضغط على الحكومة المحلية لتغيير الأعداد حتى يبدو أن هناك تدابير أمنية قد تم اتخاذها بالفعل. واعتبر كازينوف تلك الادعاءات جزءاً من حملة "شريرة" و"تشهيرية" لتشويه سمعته وسمعة وزارته. هجمات المهاجرين وفي ألمانيا، وقعت ثلاثة من بين الاعتداءات الأربعة الأخيرة على يد مهاجرين، بينهم سوريان وجميعهم مسلمون. وكان ثلاثة من بين الاعتداءات الأربعة في بافاريا، التي استقبلت أكثر من مليون مهاجر خلال العام الماضي وكانت تعارض سياسة ميركل بشأن فتح الأبواب أمام المهاجرين، رغم تقاربها الشديد مع حزبها الديمقراطي المسيحي. ومع اقتراب انعقاد الانتخابات في العام القادم، تظل ميركل تحتفظ بشعبية واسعة النطاق. ومع ذلك، فقد أكدت تلك الاعتداءات على التداعيات المتواصلة لمزاعم الاعتداءات الجنسية في كولونيا خلال ليلة رأس السنة، بما يزيد من مخاطر تنامي الروح المناهضة للإسلام وتزايد الشكوك في قدرات رجال الشرطة والجهات الأمنية. انقسم حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني على نفسه، ولكن تلك الاعتداءات يمكن أن تساعد الحزب على التعافي، حيث تحول الحزب في ظل زعيمه الجديد فروك بيتري إلى التأكيد على معارضة الإسلام والهجرة. ومن المتوقع أن يكتسب الحزب مقاعد جديدة في البرلمان الوطني خلال العام المقبل. وتتوالى رود الأفعال السياسية القومية على خلفية التغيرات العالمية التي يمثل بها الإرهاب عنصراً واحداً فقط. وذكر زينيا ويكيت من معهد تشاثام هاوس لبحوث السياسة الخارجية في لندن "العالم يتغير ويتضح لنا ذلك بعدة سبل، من خلال ظهور مراكز قوى جديدة وقدرة الفرد والمؤسسة والعثور على صوت جديد والشعور بعدم صلاحية البنية الأساسية للغرض منها في عالم اليوم". وأضافت أن المؤسسات تناضل من أجل التعامل مع التحديات الجديدة الناجمة عن الإسلام وانعدام المساواة والإرهاب والعولمة. "إننا نحاول إدارة التغيير والناس لا يحبون التغيير. ذلك هو الواقع الجديد الذي يجعلنا جميعاً نشعر بالقلق حتى نصل إلى عالم جديد". ­- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The New York Times الأمريكية. للاطلاع على المادة الأصلية٬ اضغط .

مشاركة :