أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال اجتماع في مدينة فوكوكا في جنوب غرب البلاد أمس خطة إنعاش تبلغ قيمتها أكثر من 28 تريليون ين (266 مليار دولار) لدعم ثالث اقتصاد في العالم بينما يفترض أن يعلن البنك المركزي عن إجراءاته الخاصة خلال الأسبوع. ويتعرض النواب لضغوط من أجل تحفيز النمو، إذ تواجه خطة آبي لتنشيط الاقتصاد الثالث في العالم أداء ضعيفا وتراجع الثقة في قطاع الأعمال. وأكد آبي الخطة الجديدة أمس لكن دون أن يكشف تفاصيل مكتفيا بالإشارة إلى أن نصف الموازنة سيشمل نفقات الحكومة وأيضا قروضا متدنية الكلفة. ومن المتوقع نشر تفاصيل إضافية خلال الأسبوع بعد اجتماع للحكومة للمصادقة على الإجراءات. وتأتي الخطة للرد على تصويت بريطانيا الشهر الماضي لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي انعكس تهافتا على الين الذي يعتبر ملاذا ما يشكل تهديدا للأرباح في اليابان ويزيد من المخاوف إزاء الاقتصاد الذي يعاني صعوبات أصلا. ويقبل المتعاملون في البورصات على شراء الين خلال الأزمات أو الاضطرابات لكن ذلك يقلل من القدرة التنافسية للمصدرين في الخارج. وأدى الإعلان أمس عن خطة الإنعاش إلى تراجع الين في البورصات، ما عزز أسهم طوكيو بعض الشيء. وقال آبي: إن خطتنا "يجب أن تدعم النمو الداخلي وتحدد سبيلا لتعافي الاقتصاد". إلا أن المحللين لم يبدوا حماسة بشكل عام حتى إن بعضهم أشار إلى أن الإنفاق الفعلي الحالي يشكل فقط جزءا من الإجمالي. وعلق مارتن شولتز الباحث في معهد فوجيتسو في طوكيو، أن قيمة الخطة الجديدة البالغة 30 تريليون ين "ليس له معنى فعليا". وأضاف أن الخطة "تشمل مختلف الحوافز الموجودة أصلا وأخرى إضافية وضمانات على قروض لمشاريع البنى التحتية تستمر على مدى سنوات ولا تؤدي إلى إنفاق فوري". من جهته، اعتبر ساتوشي أوساناي خبير الاقتصاد لدى مركز "ديوا انستيتيوت أوف ريسيرتش" الفكري أن الخطة لن تسهم فعليا في تحقيق أهداف آبي على المدى الطويل مثل مشاركة نسائية أكبر في القوى العاملة. وقال أوساناي: إن "آبي تعهد بتفعيل محرك خطة الإنعاش إلى أقصى حد لكن هذا التحفيز لكن يكون كافيا". ويأتي الإعلان عن الموازنة وسط تكهنات بأن البنك المركزي سيتخذ إجراءات إضافية لتسهيل السياسة النقدية في أعقاب اجتماع يستمر يومين وينتهي الجمعة. ومن ضمن الإجراءات المحتملة، أن يقوم البنك المركزي بتوسيع خطته لشراء السندات على نطاق واسع، التي تعتبر حجر الزاوية في مساعي آبي لتحفيز النمو ووضع حد لسنوات من الانكماش. كما أن الخطة يمكن أن تقلص معدلات الفوائد أكثر في سعيها لتسهيل القروض للأفراد والشركات. وكانت سياسة البنك المركزي الياباني التي أطلقت في كانون الثاني (يناير) وتقوم على بإبقاء معدلات الفوائد سلبية، تعرضت لانتقادات على نطاق واسع بأنها محاولة يائسة لدعم خطط آبي غير الناجحة لدعم النمو. وتكلف الخطة المصارف التجارية بالاحتفاظ بفائض الاحتياطي في خزنة البنك المركزي لتشجيعهم على تقديم المزيد من القروض. ويفترض أن تنشر اليابان الجمعة البيانات الشهرية للاقتصاد، التي ربما تؤثر في قرار البنك المركزي. وأعطت الأرقام الأخيرة صورة سلبية مع تراجع إنفاق الأسر والتضخم للشهر الثالث على التوالي. كما أرجأت حكومة آبي إعلان زيادة في ضريبة الاستهلاك بعد أن أدت زيادة سابقة إلى انكماش آني. وتتزايد المخاوف حول النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام، إذ تجنبت البلاد ركودا في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وأظهر استطلاع أجراه البنك المركزي أخيرا تدهورا في الثقة بين المؤسسات الصغيرة وغير المصنعة في الربع الثاني من العام الحالي. ووعد آبي غداة فوز تحالفه في انتخابات مجلس الشيوخ في العاشر من تموز (يوليو) الجاري، بإجراءات لإنعاش الاقتصاد تشمل استثمارات كبيرة للمناطق من اجل المساعدة على تطوير البنى التحتية. وأسهمت مسودة الخطة التي تشمل تسهيلات ضريبية على نطاق واسع في تراجع الين من مستويات قياسية وزادت من القدرة التنافسية للصادرات اليابانية إلا أن ذلك لم يكن كافيا لضمان نمو مستدام. ومن المرجح أن يكون الإنفاق الحكومي الحقيقي أقل، في إطار حزمة التحفيز التي تأتي من برنامج القرض النقدي والاستثمار. وقال آبي: "سنقر حزمة التحفيز الأسبوع المقبل، حيث ستركز على الاستثمار في النمو في المستقبل واتخاذ خطوة كبيرة تجاه سياسة زراعية جديدة". وتأتي هذه الخطوة في ظل تزايد المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي في الصين وارتفاع قيمة الين، ما يجعل البضائع اليابانية أقل تنافسية في الخارج ويقوض العائدات عند تحويلها للداخل. وأوضح آبي أن اليابان ستدفع للبدء مبكرا في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، المؤلفة من 12 دولة، التي تشمل الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وسنغافورة. وعلى الرغم من حملة التخفيف النقدي المستمرة من جانب بنك اليابان، عاد اقتصاد اليابان للانكماش. وكانت أسعار المستهلكين قد انخفضت بنسبة 0.4 في المائة في أيار (مايو) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، فيما يعد أكبر تراجع منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
مشاركة :