تكتسب الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الجزائر مزايا عديدة لهذا العام، فهي مميزة ليس بترشح الرئيس بوتفليقة رغم مرضه ومقاطعة واسعة من قبل المعارضة بقسميها الدينية والعلمانية، ولكنها مميزة أيضا بـ4 مرشحين مغتربين تخلوا عن جنسياتهم الأوروبية وهم 3 فرنسيين وسويسري من أصول جزائرية. عاد المرشحون الأربعة إلى بلدهم الأم يحلمون برئاسة وطن لم يألفوه وأرضٍ لم يدرجوا عليها وتخلـَّوا عن جنسياتهم الأوروبية مقابل حلم منصب الرئيس، فالسويسري الجزائري الأصل علي بن واري كان وزيراً سابقًا في حكومة سيد أحمد غزالي عام 90 ويملك صحيفتين في سويسرا. وتعهد بن واري بأنه في حال انتخابه رئيساً للجزائر سينقل بلاده في غضون 20 عاماً إلى نادي العشرين الكبار، كما وعد بتطوير النظام المصرفي وجعل الدينار عملة قابلة للصرف. أما كمال بن كوسة، فهو فرنسي جزائري ورجلُ أعمال ومدير لدى المؤسّسة اللندنية «غولدنبرغ هامير» يتوقُ إلى إقامة نظام ديمقراطيّ في الجزائر، ويخطـّطُ مستقبلاً لإنشاء حزبٍ. ويرى بن كوسة أنَّ التحدّي مع المؤسّسة العسكرية كبيرٌ، لكنـه يؤمِنُ بأنَّ مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة. والمرشح الثالث هو «الرجلُ المثيرُ للجدل»، رشيد نكاز المدافعُ عن المنقـّبات في فرنسا ترشّح للرئاسيات الفرنسية، ومن ثمّ ترشّحَ لرئاسيات الجزائر، وما يحملـه برنامجه الرئاسي من أهداف ووعود باتت «مادة دسمة» للنقاش والتعليق على مواقع التواصل الاجتماعي». أما الفرنسي الثالث الذي يحلم برئاسة الجزائر، فهو المرشحُ مجيد مزغينا الذي يرغبُ في تحويل الجزائر إلى دولةٍ ديمقراطية مثل فرنسا. ويتشاركُ هؤلاء في حلم رئاسة الجزائر كما يتشاركون في هاجس الاغتراب، لكنـهم لا يدركون أيضاً أنـّهم يتقاسمون التحدّيات ذاتـها في وطنهم الأم فهم جاءوا من وراء البحار وبعضُهم لا يتقنُ اللغة العربية ويجهلُ عنهم الجزائريون الكثير. أما المثير للجدل فهو إعلان الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بلحاج، ترشحه لانتخابات الرئاسة الجزائرية، منافساً بذلك الرئيس بوتفليقة. والشيخ علي بلحاج ممنوع من ممارسة حقوقه السياسية بموجب قانون المصالحة الوطنية في الجزائر، الذي عالج ملف الأزمة الأمنية، حيث تتّهم جبهة الإنقاذ بأنها طرف في الأزمة. وقال بلحاج في تصريحات لصحيفة «النهار» الجزائرية: إنه قرر سحب استمارة الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك في الوقت المناسب، معتبراً تأخير الإعلان عنه أمرًا استراتيجيًا تمامًا، كما يفعل الرئيس بوتفليقة الذي أراد مراوغة الجميع بحنكته السياسية. ويعتقد علي بلحاج أن «القانون الخاص بالمصالحة الوطنية في مادته السادسة يسمح له بالترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، وخوض المعترك الانتخابي سواء ترشح الرئيس بوتفليقة أو لم يترشح»، مضيفاً أنه سيسحب استمارة الترشح واكتتاب التوقيعات من وزارة الداخلية والجماعات المحلية بنفسه قريباً. وأكد أنه واثق من جمع مليوني توقيع بسهولة وليس 60 ألف توقيع فقط، مؤكدًا أنه سيخوض الحملة الانتخابية كغيره من المترشحين الذين ترشحوا للرئاسة في القاعات والأماكن المخصصة لذلك، مشيراً إلى أنه لن يقوم بذلك على مستوى المساجد أو أماكن أخرى يمنع التجمع فيها، وأوضح أن ترشحه سيكون مفاجأة وسيحقق اسمه إجماعاً لدى الطبقة الشعبية المتعاطفة معه. وأعلن علي بلحاج توجهه لخيار التحريض على مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال تم منعه من الترشح، وأكد أن حملة المقاطعة لن يقوم بها على مستوى المساجد بل في القاعات المخصصة للتجمعات المبرمجة من قبل وزارة الداخلية. بوتفليقة المريض ناهز بوتفليقة 76 عامًا رغم مرضه، أصر حزبه على ترشيحه لولاية رابعة معتبرين أنه لا يزال المرشح الأفضل. ويعتبر بوتفليقة الرئيس الجزائري الذي حطم الرقم القياسي في حكم بلاده، قضى منها 14 عامًا متخطياً الرئيس السابق هواري بومدين الذي حكم البلاد على مدار 13 عامًا إلى أن وافته المنية. وبوتفليقه يعاني من متاعب صحية منذ عام 1999، وكان قد دخل المستشفى العسكري في باريس أول مرة عام 2005 للعلاج من قرحة في المعدة، كما تم نقله للعلاج آخر مرة في مارس 2013 بسبب جلطة دماغية أبعدته عن الجزائر 3 أشهر عاد على إثرها على كرسي متحرك ليخضع لفترة نقاهة طالت حتى اليوم. ومن الملاحظ اختفاء بوتفليقة عن الأنظار منذ ذلك الحين ولم يظهر على شاشة التليفزيون الجزائري سوى مرات محدودة أثناء استقبال بعض زائريه، إلا أن الظهور الأبرز كان أثناء ترأسه لأول اجتماع لمجلس الوزراء في سبتمبر الماضي. وعلى مدار حكمه الطويل، تعرض حكم بوتفليقة لعدد من الهزات بينها ثورة بعض القبائل المعارضة له عام 2001 ثم اندلاع الاحتجاجات ضد الغلاء عام 2011، تبعتها مطالب بإسقاط النظام، ولامتصاص غضب الشارع قام برفع حالة الطوارئ كما أعلن إصلاحات سياسية تفاديا لتداعيات الربيع العربي. وولد بوتفليقة الذي يعد الرئيس العاشر للجزائر منذ التكوين والرئيس الثامن منذ الاستقلال، في 2 مارس 1937 في وجدة بالمغرب، التحق بجيش التحرير الوطني في 1956 لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال في 1962 تقلد حقيبة وزارة الشباب والرياضة والسياحة عام 1962، كما عين وزيراً للخارجية خلفاً لمحمد خميستي الذي اغتيل أمام المجلس الوطني (البرلمان) في 11 أبريل 1963، وبقى في هذ المنصب 16 سنة إلى ما بعد وفاة هواري بومدين. ومنذ توليه وزارة الخارجية لفت الوزير الشاب أنظار المجتمع الدولي قبل أن يتعرض للتهميش والاتهام بالفساد بعد وفاة الرئيس هواري بومدين عام 1978، وهو الذي كان من أقرب مقربيه ومرشح لخلافته، فقرر الابتعاد عن الحياة السياسية في 1981 والإقامة في دبي وسويسرا. ووصل بوتفليقة إلى الحكم بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في 1999 بنسبة 90،24% من الأصوات، ثم أعيد انتخابه في 2004 و2009 بفضل تعديل دستوري يلغي تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين. وكانت هناك محاولة اغتيال لبوتفليقة في 6 سبتمبر 2007 حيث تعرض لمحاولة اغتيال في باتنة (400 كم عن العاصمة) حيث حصل انفجار قبل 40 دقيقة من وصوله للمنصة الشرفية خلال جولة له شرق البلاد، وقد خلف الحادث 15 قتيلا و71 جريحا. وتم التفجير بواسطة انتحاري يحمل حزامًا ناسفًا حيث تم اكتشاف أمره من طرف شرطي هرب إلى الجمهور الذين ينتظرون الرئيس ففجّر نفسه بين الحشود. بن فليس أقوى المنافسين أعلن رئيس الحكومة الجزائري الأسبق علي بن فليس ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أبريل بعد 10 سنوات من انسحابه من الحياة السياسية إثر هزيمته في انتخابات 2004 أمام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وقال علي بن فليس «بشرف وتصميم وقناعة وتواضع واطمئنان نفسٍ قررتُ الترشح للانتخابت الرئاسية لعام 2014». وكان بن فليس ثاني رئيس حكومة (2000-2003) يعينه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في ولايته الرئاسية الأولى، لكنه ما فتئ أن عبّر عن نيته في أن يصبح الحاكم الأول للبلاد بالترشح ضد بوتفليقة في 2004. وأصيب بن فليس (71 سنة) بإحباط كبير بعد إعلان نتائج الانتخابات ليس لأن الرئيس بوتفليقة فاز بها فقط وإنما للنتيجة التي حققها والتي لم تتجاوز 6,4% مقابل 85% لبوتفليقة، ما جعله ينسحب من الساحة السياسية. وتحدث بن فليس، المحامي ووزير العدل الاسبق أيضاً، مطولاً عن العدالة واستقلال القضاء في خطاب إعلان ترشحه الذي دام حوالي ساعة ونصف. حصل بن فليس على البكالوريا (الثانوية العامة) وبعدها التحق بكلية الحقوق ليتخرج منها عام 1968 حاملًا شهادة الليسانس. ثم شغل منصب قاضٍ بمحكمة البليدة في أكتوبر 1968، بعدها أصبح قاضياً منتدباً بالإدارة المركزية في وزارة العدل، حيث كان مديرًا فرعياً مكلفًا بالطفولة الجانحة من ديسمبر 1968 إلى نهاية 1969. ومن سنة 1969 حتى 1971 تقلد وظيفة وكيل جمهورية لدى محكمة باتنه وذلك قبل أن يصبح نائبًا عاماً لدى مجلس قضاء قسنطينة من 1971 إلى 1974. مارس بن فليس مهنة المحاماة بمدينة باتنة، وانتخب نقيبًا لمنظمة محامي منطقة باتنه ما بين 1983 إلى 1980. وفي نفس الفترة كان عضو اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني للمنظمة الوطنية للمحامين. وفي سنة 1987 انتخب للمرة الثانية نقيبا لمحامي باتنه حتى سنة 1988. 102 مرشح لانتخابات الرئاسة بلغ عدد الراغبين في الترشح للرئاسيات 102 مرشح، بينهم 18 رئيس حزب سياسي تقدموا لسحب استمارات الترشح. وأبرز المرشحين الذين أعلنوا ترشحهم رسميًا، رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون ورئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، ورئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي. وترشح لهذه الانتخابات 4 شخصيات جزائرية مقيمة في الخارج، هم الوزير السابق للميزانية علي بن نواري، ورجل الأعمال المعروف بدفاعه عن المنقبات رشيد نكاز والخبير المالي كمال بن كوسة والكاتب المعروف محمد مولسهول. وأعلن القائد السابق للقوات البحرية الجنرال المتقاعد محند الطاهر يعلى ترشحه، وهو أول عسكري بهذا المستوى يقدم ترشحه. وأعلنت ستة أحزاب سياسية فاعلة مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المقبلة، هي حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، وجبهة القوى الاشتراكية أقدم أحزاب المعارضة في الجزائر، وجبهة التغيير المنشقة عن إخوان الجزائر، والاتحاد من أجل التغيير والرقي، وجبهة العدالة والتنمية. وهدد المرشحان رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ورئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان بسحب ترشحهما ومقاطعة الانتخابات في حال ترشح الرئيس بوتفليقة بسبب توجه محيطه الى استغلال وسائل الدولة لصالح بوتفليقة. وقررت الحكومة الجزائرية منع الأحزاب السياسية التي قررت مقاطعة الانتخابات، من القيام بأي نشاط لدعوة الناخبين لمقاطعة الانتخابات. المزيد من الصور :
مشاركة :