بات من المعتاد أن يوجه الانتقاد من جانب معلقي السوق، وبصورة متواصلة إلى مجلس الاحتياطي الفدرالي بسبب أعماله، أو ربما إحجامه عن العمل في آن معاً إزاء سياسة معدلات الفائدة. وقد دعا السياسيون أمثال راند بول وبيرني ساندرز ودونالد ترامب إلى زيادة درجة إشراف الحكومة على أعمال مجلس الاحتياطي الفدرالي. العمل بالزراعة، أو التعليم أو جمع المخلفات أعمال ذات طابع روتيني، وربما يتعين أن تضاف الى تلك القائمة العمل بوظيفة عضو لجنة السوق المفتوح في مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي. إذ بات من المعتاد أن يوجه الانتقاد من جانب معلقي السوق وبصورة متواصلة الى المجلس بسبب أعماله، أو ربما إحجامه عن العمل في آن معا إزاء سياسة معدلات الفائدة. وقد دعا السياسيون على اختلافهم من أمثال راند بول وبيرني ساندرز ودونالد ترامب إلى زيادة درجة إشراف الحكومة على أعمال مجلس الاحتياطي الفدرالي. ومما لا شك فيه أن العديد من المعلقين سوف يشيرون، في أعقاب اجتماع المجلس هذا الأسبوع، إلى أنه كان يتعين على المجلس رفع معدلات الفائدة في ضوء تقرير الوظائف القوي عن شهر يونيو الماضي. وسوف يستمر آخرون بالجدل في اتجاه معاكس، وهم يرون أن المجلس قد تسرع كثيرا في شهر ديسمبر الماضي، عندما رفع الفائدة لأول مرة منذ نحو 10 سنوات. ويبدو في ما يتعلق بالسياسة النقدية التي لا تفهمها الأكثرية الساحقة من الأميركيين أن لكل واحد رأيه الخاص. وقد أوضح البنك المركزي برئاسة جانيت يلين أن تصرفاته ستعتمد على المعلومات. وبوضوح وبساطة لن يرفع مجلس الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة هذا الأسبوع، لأن المعلومات الاقتصادية لا تستدعي مثل تلك الزيادة. وفيما كانت أرقام الرواتب قوية بصورة غير متوقعة في شهر يونيو، كانت في مستواها الأدنى في شهر مايو. وكانت أعمال الإسكان الحديثة في يونيو أقوى من المتوقع، وزادت بنسبة 4.8 في المئة، ولكن ذلك الرقم كان متقلباً بشدة بشكل تاريخي. وفي وسع النقاد الآن، بكل تأكيد، التحدث عن مشاكل هيكلية في الاقتصاد الأميركي – ويبرز من بينها بشكل رئيس التباين في الدخل. ولدى مجلس الاحتياطي الفدرالي تفويض ثنائي: تحقيق أقصى مستوى من التوظيف، والاستقرار في الأسعار. وبحسب مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة وصل معدل البطالة الى 4.9 في المئة، مقتربا من معدل التوظف الكامل. كما أن معدل التضخم السنوي الحالي بلغ حوالي 1 في المئة، أي نقطة مئوية كاملة أدنى من الهدف المحدد بـ 2 في المئة. ويشعر بعض الاقتصاديين بقلق من أن الانكماش المحتمل يشكل مشكلة أكبر من التضخم في الوقت الراهن. ولكن يتعين على الناس التريث وأخذ نفس عميق قبل تقييم الوضع الحالي للولايات المتحدة وتحديد الشوط الذي قطعه الاقتصاد الأميركي. فالبلاد الآن في خضم دورة انتخابات رئاسية عالية الاستقطاب يشير فيها رجال السياسة من الجانبين الى كل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يرون أنهم وحدهم المؤهلين لحلها. وهم يجعلون الأمور تبدو وكأنها لم تكن قط على هذا القدر من السوء في الولايات المتحدة. ويضاف الى ذلك التباطؤ الإجمالي العالمي وتداعيات معدلات الفائدة السلبية في العديد من الأسواق المتقدمة. وعندما ينظر مجلس الاحتياطي الفدرالي الى البيانات الأميركية، فهو يعلم التأثير الذي تحدثه الدول الاخرى على الوضع الأميركي. دور البنك المركزي وفي حقيقة الأمر، وفيما يتمتع مجلس الاحتياطي الفدرالي بتفويض ثنائي، فإن قيادته تراقب بالتأكيد الأسواق المالية المحلية والعالمية. وفي سنة 2009 وفي الدرك الأسفل من الأزمة المالية العالمية وصل مؤشر "إس آند بي 500" الى 676، وحتى شريحة مراقبي السوق بخلاف مارك فابر كانت تشير الى أنه ربما كان علينا كلنا العودة الى دور ملتقطي الثمار. ومنذ ذلك الوقت وصل السوق الى أعلى مستوياته على الإطلاق، وتقدم بأكثر من 178 في المئة خلال تلك الفترة. وأنا لا أعتقد بوجود مستثمر واحد، بخلاف باعة النسيئة طبعاً، لم ينضم الى أداء ذلك السوق. ويرفض البعض من المعلقين أداء السوق، ويرون أنه ليس مؤشرا على متانة الاقتصاد الحقيقي. وهذا رأي يقول إن السوق قد حقق ثراء لفئة الـ 1 في المئة الأعلى فحسب، وأن الشريحة العريضة من العامة لم تحقق فائدة منه. وعلى أي حال، ومع الانتقال من المنفعة المحددة الى عالم إسهام تقاعد محدد، يمكننا تخيل مدى سوء أزمة دخل التقاعد لو أن الأسواق المالية لم تتمكن من التعافي من أزمة 2008-2009. وبعكس البعض من المعلقين الآخرين، أنا لا أتوقع أي زيادة في معدلات الفائدة قبل شهر ديسمبر، لأن جدول أعمال اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي لن يتضمن ببساطة أي إجراء قبل ذلك الموعد. ولا تدعم المعلومات رفع معدلات الفائدة في هذا الأسبوع، كما أن الاجتماعين التاليين للمجلس – في أواخر سبتمبر وأوائل نوفمبر – يقتربان كثيراً من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بحيث يصعب اتخاذ أي خطوات في هذا الشأن. ولا يريد مجلس الاحتياطي الفدرالي أن يتهم بالقيام بدور سياسي واتخاذ إجراء في سبتمبر أو نوفمبر يمكن أن يترجم على تلك الصورة. وفي عصر دورة الأخبار لأربع وعشرين ساعة، وعلى مدى الأسبوع، يبالغ العديد من النقاد في ردة فعلهم عند نشر معلومات جديدة. وفي حقيقة الأمر، فإن تلك هي طريقة جذبهم للانتباه. ولنأمل ألا يقدم مجلس الاحتياطي الفدرالي على اتباع ذلك المسار، وأن يتخذ مقاربة محسوبة بدلا من ذلك.
مشاركة :