بعد أن جربت طرقا كثيرة لمواجهة حملات تنظيم داعش في الإنترنت لتجنيد غربيين، وخصوصا أميركيين، بدأت الخارجية الأميركية «حملة عاطفية، لا حملة منطقية»، كما قالت، أمس الجمعة، صحيفة «نيويورك تايمز». واحدة من هذه، صورة امرأة متغيرة إلكترونيا، ومعها عبارة: «داعش تحرم المرأة من صوتها»، وذلك لهدم إقناع الأميركيين والأميركيات بالانضمام إلى «داعش» وتأييدها. وصور فيديو عائلة أميركية مسلمة، سافر ابنها «سلسان» إلى سوريا للانضمام لمنظمة «داعش». عندما جلست العائلة حول مائدة العشاء، سأل الابن الصغير أمه: «لماذا هذا الكرسي خاليا، وسلسان، ليس هنا؟» أجابت الأم في عاطفة واضحة: «سلسان ليس هنا، لكنه يحب طبخي. سيعود قريبا ليأكل معنا. لقد مضى عامان». ينشر هذه الصور والفيديوهات، بالتعاقد مع شركات إعلامية أميركية وعربية، مركز المشاركة العالمية («غلوبال إنغيدجمنت») في الخارجية الأميركية، ويرمز له بالحروف «جي إيه سي». وفي هذا العام، تضاعفت ميزانية المركز ثلاث مرات، ووصلت إلى 16 مليون. وذلك، كما قال مصدر رسمي لصحيفة «نيويورك تايمز»: «لأن المسؤولين وصلوا إلى قناعة بأن الجهود السابقة التي حاولت تخويف الأميركيين من الجماعات المتطرفة لم تنجح... ولأن إلغاء خطط سابقة متعددة برهن على مدى صعوبة نجاحها... ولأن الهجمات الأخيرة في تركيا والعراق وفرنسا وبنغلاديش برهنت على أن التطرف ينتشر». وقالت الصحيفة إن الخطة الجديدة تحاول «تخفيض دور الحكومة الأميركية فيها. والاكتفاء بدور قليل، أو بدور سري، وذلك لأن الدعم الأميركي العلني لبعض الخطط نفّر الشباب الساخطين الذين تخاطبهم الخطة». تركز الخطة الجديدة على الجانب العاطفي، وتحاول إقناع الشباب والشابات الأميركيين بأن الانضمام إلى «داعش» يعني «كسر قلوب أمهاتكم، وتدمير عائلاتكم، وتحويل حياتهم إلى فراغ». وتركز الخطة الجديدة على الأمهات والبنات والأخوات بصورة واضحة. ويقول فيديو: «تحت حكم (داعش)، تصير النساء رقيقا، ويُضربن، ويحتقرن، ويصلبن». في الماضي، كانت الحملة تركز على جوانب عقلانية ومنطقية. مثل: «إذا اشتركتم في الحرب ضد الغرب، ستقتلون». و«فكروا جيدا، ارفضوا هذا الإغراء». و«هذه هي (الدولة الإسلامية) مع (مناظر الذبح والاغتصاب)». و«ستشتركون في تفجير المساجد، وصلب وإعدام المسلمين، وإفساد الحياة العامة، وتفجير أنفسكم داخل مساجد. ولا تنسوا أن تكاليف السفر رخيصة، وذلك لأنكم ستشترون تذكرة لاتجاه واحد (ستقتلون هناك)». لكن، كما قالت الصحيفة: «اقتنع المسؤولون بأن هذه الخطط تخدم الهدف المضاد لها». وقال مايكل لامبكين، ضابط عسكري في البنتاغون أرسل إلى وزارة الخارجية للإشراف على البرنامج: «هذه فيديوهات أميركية، ولهذا، تنفر أي مقاتل أجنبي من الاقتناع بها». وأضاف: «لسنا رسلا مصدقين». وقال إن خبراء في الإرهاب اتفقوا أن مثل هذه الصور والفيديوهات تشجع مزيدا من الصور والفيديوهات من جانب «داعش» ومنظمات إرهابية أخرى. وأشار إلى فيديو نشره تنظيم القاعدة بمناسبة ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. وفيه: «في مثل هذا اليوم من عام 2001، نسفنا رمز الرأسمالية الأميركية (مركز التجارة العالمي في نيويورك)». في الحال، نشرت وزارة الخارجية الأميركية صورة أبو بكر البغدادي، خليفة «داعش» وفي معصمه ساعة «رولكس» فاخرة. ومع الصورة عبارة: «ليس هناك من يستفيد من فوائد الرأسمالية مثل خليفة (الدولة الإسلامية)». عن هذا الرد، قال ريتشارد ستنيغل، مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية العامة، والعلاقات العامة: «لسنا أحسن رسول فعّال لنشر رسالتنا. ليست هناك أي تغريدة من وزارة الخارجية الأميركية ستجعل شابا أو شابة يقتنع بعدم الانضمام إلى (داعش)». لهذا، صارت الخارجية الأميركية تتعاون مع مؤسسات عربية. مثل مركز «صواب» في أبوظبي، الذي تمول جزءا كبيرا من ميزانيته حكومة الإمارات، بالإضافة إلى خبراء أميركيين أرسلتهم الخارجية الأميركية، كما قالت صحيفة «نيويورك تايمز». وأشارت الصحيفة إلى مؤسسات مماثلة في ماليزيا، وفي دول أخرى، مثل «كوانتام» في لبنان، و«كيليام» في لندن.
مشاركة :