د. عارف الشيخ من حق المظلوم في الدنيا أن يصل إلى حقه، ولكن إذا لم يستطع، فإن من حقه أن يدعو على الظالمين عموماً، وقد قال ابن تيمية: والدعاء على جند الظالمين مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين والدعاء على الكافرين. ومع ذلك فإنه لو عفا وفوض أمره إلى الله تعالى، كان له ذلك وأجره على الله تعالى، قال تعالى: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، أي: بالدعاء، ثم قال: وجزاء سيئة سيئة مثلها، ثم قال: فمن عفا وأصلح فأجره على الله. ومن أجمل الأدعية أن يدعو بما ورد في القرآن الكريم والحديث، قال تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً، (الآية 75 من سورة النساء). وقد سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الدعاء على الظالم، فقال: لا حرج بالدعاء على من ظلم بقدر ظلمه لأن الله تعالى يقول: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم(الآية 148 من سورة النساء). ولك أن تعفو وتصفح، وعندئذٍ يكون الأجر أكبر، والدعاء يكون على ظالم بعينه إذا تحقق للمظلوم أنه ظلمه، وإلا فإن دعاءه مردود عليه. ودعاء المظلوم ليس خاصاً بالمظلوم المسلم فقط، بل يشمل كل مظلوم في الأرض، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث: اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب (رواه أحمد). نعم.. يجوز لك أن تدعو على الظالم لتحصل على حقك في الدنيا، ولو عفوت فلن يضيع حقك، بل يتضاعف يوم القيامة، وذلك جزاء الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وقد ورد في الحديث: ينادي منادٍ يوم القيامة: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، قيل: ومن هم؟ قال: العافون عن الناس، (رواه الطبراني). والدعاء على الظالم كما يقول الإمام القرافي من المالكية له أحوال: إما لعزله لزوال ظلمه فقط وهذا حسن، وإما بذهاب أولاده وهلاك أهله ونحوه ممن له تعلق به ولم يحصل منه جناية عليه، وهذا ينهى عنه لأذيته من لم يظلمه. وإما الدعاء بالوقوع في معصية كابتلائه بالشرب، أي يدعو على ظالمه بشرب الخمر أو الغيبة أو القذف، فينهى عنه أيضاً، لأن إرادة المعصية للغير معصية. وإما الدعاء عليه بحصول مؤلمات في جسمه، أعظم مما يستحقه في عقوبته، فهذا لا يتجه أيضاً لقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، (الآية 194 من سورة البقرة)، ففعله جائز وتركه أحسن لقوله تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور. (الآية 43 من سورة الشورى)، (انظر الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني ج1 ص 183). والأهم من هذا أنه يجوز الدعاء عليه بسوء الخاتمة، كما قال ابن ناجي وغيره (انظر حاشية الصاوي على الشرح الصغير ج1 ص 329) بل إن بعض العلماء توقف في جواز الدعاء على الظالم بالفتنة في دينه وسوء الخاتمة، وقصدوا بذلك الظالم غير المتمرد، أما المتمرد فجائز أن تدعو عليه مع تعليق الدعاء، كأن يقال: إن كان وقع منه هذا الظلم. إذن الأفضل أن يقول: اللهم اكفني شر فلان، أو: إن عبدك فلاناً قد ظلمني وأساء إليّ، وانتهك عرضي أو أخذ مالي، اللهم اكفني ظلمه بما شئت، الله اقطع عني أذيته واكفني شر بليته.
مشاركة :