أنهى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، جولة مكوكية أجراها في غرب إفريقيا، شملت نيجيريا وغانا وغينيا كوناكري ومالي. وتعد هذه ثالث جولة افريقية لظريف منذ تسلمه منصب وزير الخارجية، وشملت أول جولة - التي سبقت التوقيع على الاتفاق النووي عام 2014 - كلا من كينيا، وأوغندا وتنزانيا وزنجبار وبوروندي (شرق إفريقيا)، والثانية الى الجزائر وتونس في الشمال الإفريقي عام 2015. ولطالما اعتبرت إيران أن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها هي العقبة لتوسيع علاقاتها التجارية مع البلدان الإفريقية. وفي كل هذه الجولات كان هدف ظريف، ومازال، توسيع العلاقات بين إيران وهذه البلدان الإفريقية خاصة الاقتصادية منها، وفتح مجالات الاستثمار الإيراني والتبادل التجاري. وتعتبر هذه الزيارة أول زيارة لظريف بعد إقالة مساعده السابق للشؤون العربية والإفريقية أمير عبداللهيان، الذي وضع وزير الخارجية في موقف لا يحسد عليه في مواجهة المحافظين، إذ إن عبداللهيان كان من أقوى الدبلوماسيين وأكثرهم نفوذا في وزارة الخارجية، ومقربا جدا من الحرس الثوري، وممسكا بملفات تعتبر من الأولويات الاستراتيجية والأمنية في السياسة الخارجية الإيرانية. وكان ظريف يطمح إلى تعيين محمد صدر الإصلاحي، مستشاره الفعلي ومساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية إبان حكم الاصلاحيين، مساعدا له، معتقدا أنه باستطاعة صدر إعادة ربط العلاقات مع السعودية ودول الخليج، لكنه اضطر إلى أن يوافق على تعيين جابري أنصاري الذي يعد من الدبلوماسيين المحافظين المعتدلين في وزارة الخارجية لإرضاء المحافظين مقابل التخلص من عبداللهيان. وواجه ظريف ضغوطا كبيرة من المحافظين كي لا يزور نيجيريا، بسبب اعتقال السلطات النيجيرية للشيخ إبراهيم زكزاكي زعيم الشيعة في هذا البلد، وانه اذا ما كان مصرا على زيارة نيجيريا فيجب أن يتضمن برنامج أعماله بحث مصير زكزاكي. وقبل الزيارة قامت أوساط مرتبطة بوزارة الخارجية الإيرانية بنشر معلومات في الاوساط السياسية والاعلامية في الداخل الايراني تتضمن أن هدف زيارة ظريف الى البلدان الافريقية توسيع علاقات ايران مع هذه البلدان مقابل توسع النفوذ السعودي والخليجي في هذه البلدان من جهة والنفوذ الإسرائيلي من جهة أخرى، وذلك غداة زيارة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الى القارة السمراء. وكانت هذه المعلومات تؤكد أن بت مصير الشيخ زكزاكي يعد الموضوع الأول في جدول أعمال المباحثات بين ظريف ووزير خارجية ورئيس جمهورية نيجيريا، وأنه أكد للنيجيريين أنه لن يزور نيجيريا ما لم يرجع منها حاملا نتيجة مرضية عن مصير زكزاكي. عمليا كانت نيجيريا بوابة زيارته لإفريقيا الغربية، بيد أن موضوع بحث مصير الشيخ زكزاكي لم يكن موضوعا يمكن بته وفق أماني وزير الخارجية الإيرانية، حيث إن المسؤولين النيجيريين (وفق مصادر الدبلوماسيين الايرانيين المرافقين لظريف في هذه الزيارة) أكدوا أن الشيخ زكزاكي مواطن نيجيري، وشأنه شأن داخلي نيجيري لا يسمح لأي جهة خارجية أيا كانت أن تتدخل فيه، وهو خارج عن إطار جدول الأعمال. وبادرت وزارة الخارجية الإيرانية على الفور بالتعميم على جميع المؤسسات الإعلامية في إيران ان موضوع الشيخ زكزاكي لم يكن أصلا في جدول الأعمال، وطلبت من جميع وسائل الإعلام عدم البت أو التوسع بهذا الموضوع بأي شكل من الأشكال. من جهة أخرى، لم نشهد لظريف التوقيع مع أي من هذه البلدان على عقود اقتصادية او تجارية تعودنا عليها بالمليارات، بعد زيارات روحاني وظريف الى البلدان الأوروبية أو الشرق آسيوية إثر التوقيع على الاتفاق النووي، ما يشير الى أن ظريف سيواجه انتقادات واسعة عن نتائج جولته الإفريقية في الأيام المقبلة.
مشاركة :