إعداد: خنساء الزبير يواجه كثير من النساء صعوبة حدوث الحمل، ويطول الانتظار عاماً أو عامين، وربما تنقضي فترة الشباب وتنتهي معها سن الإنجاب من دون تحقيق الأمل المنشود، وفي كثير من الأحيان يتوصل الطبيب إلى السبب وراء ذلك، الذي قد يكون مشكلة صحية لدى الزوجة أو علة لدى الزوج أو خليطاً من العوامل، وفي بعض الأحيان لا يستطيع الطبيب تحديد السبب، مما يجعل الأمور أكثر تعقيداً فتتعدد اتجاهات البحث وتتفرع طرق العلاج، ولكن يبقى الأمل هو المحرك القوي الذي يجعل الزوجين يواصلان المسيرة، فربما أصابت إحدى الطرق العلاجية وآتت أكلها، خصوصاً أن الطب في ذلك المجال يحرز تقدماً ملحوظاً تغلب على كثير من أسباب العقم. يحدث الحمل في معظم الحالات خلال فترة 6 - 12 شهراً الأولى من الزواج، أمّا مرور العام الأول والدخول في العام الثاني من الزواج من دون سماع الخبر المنتظر، فإن ذلك يثير القلق وتصبح مراجعة الطبيب أمراً ضرورياً لفحص الزوجين للتعرف إلى السبب، فمشاكل العقم أحياناً لا تكون مصحوبة بأعراض ظاهرة، وتعتبر المراجعة في وقت مبكر - كأن تكون بعد مضى 6 أشهر فقط - أمراً جيداً، خصوصاً إذا كانت المرأة في عمر 35 عاماً فما فوق، ولديها اضطراب بالدورة الشهرية أو انقطاعها تماماً، أو خضعت من قبل إلى علاج السرطان، وعلى الزوج كذلك إجراء الفحص اللازم فربما كان السبب ناتجاً عن مشكلة صحية لديه والزوجة سليمة؛ حيث إن ثلث الحالات فقط يكون سببُ عدم الإنجاب من المرأة، وثلث الحالات يكون السبب من الرجل، وبقية الحالات إما أن يكون السبب من الزوجين معاً أو لا يتم التعرف إلى السبب. يحدث الحمل بصورة طبيعية من خلال عمليات معقدة من التبويض والإخصاب، التي يجب أن تتم بصورة طبيعية من دون اضطراب حتى يحدث الحمل، ولكن تتدخل أحياناً بعض العوامل الداخلية (داخل الجسم) أو الخارجية (من البيئة) في إحداث ذلك الاضطراب لدى كل من الزوج والزوجة، فالرجل ربما يكون لديه سبب عضوي كاضطراب إنتاج الحيوانات المنوية أو وظيفتها، الذي ربما يكون لسبب خلقي منذ الولادة أو الإصابة بمشكلة صحية أو مرض، أو التعرض لإصابة، أو إجراء جراحة سابقة بأحد أعضاء الجهاز التناسلي، أو استخدام علاجات معينة كالعلاجات المستخدمة لمرض السرطان مثل العلاج الكيماوي والإشعاعي اللذين يؤثران في المقدرة على إنتاج الحيوانات المنوية؛ وتؤثر كذلك بعض العوامل الخارجية في مقدرة الرجل على الإنجاب كالتعرض بكثرة لبعض المواد الكيميائية والسميات مثل مبيدات الحشرات، والأشعة، والتعرض الدائم للحرارة كغرف الساونا والبخار، مما يرفع من درجة الحرارة بالخصيتين، ويؤثر بالتالي في إنتاج الحيوانات المنوية. وتعتبر قلة النشاط البدني والبدانة من أسباب العقم لدى المرأة والرجل على حد سواء؛ ومن المشاكل الصحية التي تؤثر في مقدرة المرأة على الإنجاب: اضطراب عملية التبويض: يؤدي الاضطراب بتلك العملية إلى إنتاج أو تحرير البويضة، الذي يكون بسبب اضطراب هرموني كما يحدث في حالة تكيس المبيض، حيث يفرز المبيض معدلات زائدة من الهرمون الذكوري التستستيرون، وكذلك حالة فرط برولاكتين الدم وهي ارتفاع معدلات هرمون البرولاكتين بالدم وهو الهرمون المحفز لإنتاج الحليب بالثديين. تشوّهات الرحم أو عنق الرحم: مثل تمزّق مخاط الرحم أو عنق الرحم، أو تشوّه شكل أو تجويف الرحم، أو وجود الأورام الحميدة بجدار الرحم كأورام الرحم الليفية الشائعة، التي تعمل - في حالات نادرة - على سد قناتي فالوب وفي بعض الأحيان تؤثر تلك الألياف في زرع البويضة المخصبة بالرحم. انسداد قناة فالوب أو تلفها: يرجع السبب في الأغلب إلى التهاب تلك القناة الناتج عن التهاب الحوض. -بطانة الرحم المهاجرة: وهي نشوء أنسجة بطانة الرحم خارج الرحم، مما يؤثر في عمل المبيضين والرحم وقناتي فالوب. قصور المبيض الأولي: أو انقطاع الطمث المبكر، وهي توقف المبيضين عن عملهما قبل بلوغ سن 40 عاماً، ولا يعرف السبب الحقيقي وراء ذلك، ولكن هنالك بعض العوامل التي تؤدي إلى توقف المبيض مبكراً كأمراض المناعة، والعلاج الكيماوي والإشعاعي، والتدخين. التصاقات الحوض: وهي الندب بالأنسجة التي تحدث في الأغلب بعد إجراء الجراحة. توجد بعض العوامل التي تعوق عملية الإنجاب وهي: مشاكل الغدة الدرقية: يؤدي خمول أو نشاط الغدة الدرقية إلى اضطراب بالدورة الشهرية لدى المرأة وأحياناً يسبب العقم. السرطان وعلاجاته: بعض أنواع السرطان يسبب العقم لدى المرأة وخصوصاً التي تصيب الجهاز التناسلي لديها، كما يؤثر علاج تلك الأمراض ـ العلاج الكيماوي والإشعاعي - في المقدرة على الإنجاب. بعض العلاجات: ربما تتعرض المرأة للعقم المؤقت عند استخدامها بعض العلاجات كعلاج حالة احتباس الطمث وهو غياب الدورة الشهرية غير المعتاد يحتاج الزوج إلى إجراء الفحص جنباً إلى جنب مع الزوجة؛ حتى يتبين السبب الحقيقي وراء العقم، والفحص الذي يجريه الرجل هو تحليل السائل المنوي، وفحص الهرمون من خلال عينة الدم للكشف عن معدلات التستستيرون وبعض الهرمونات الذكورية الأخرى، وكذلك الفحص بواسطة بعض التقنيات الحديثة، وفحص الجينات، وفحص الخزعة، وبعض من أنواع فحص الدم الأخرى. أما المرأة فتحتاج - بالإضافة إلى الفحص البدني- إلى فحص التبويض من خلال عينة الدم لقياس معدلات الهرمونات، وفحص الأشعة لتحديد وضع الحوض وقناتي فالوب، وفحص احتياطي المبيض وهو فحص للكشف عن جودة وكمية البويضات بالمبيض، ويجرى هذا الفحص وفحص الهرمون مع بداية الدورة الشهرية، وفي حالات نادرة يجرى فحص التنظير والفحص الجيني. يعتمد علاج الرجل والمرأة، كل بحسب مشكلته الصحية، والذي يكون بالعقاقير كالعقاقير المعوضة للهرمونات، أو بالجراحة، ومن الطرق المتبعة لعلاج المرأة: تحفيز التبويض بعقاقير الخصوبة: وهو العلاج الرئيسي لمن يعانين العقم بسبب اضطراب التبويض، وتقوم تلك العقاقير بتنظيم أو تحفيز عملية التبويض. التلقيح داخل الرحم: تدخل طبي بسيط يتم من خلاله إدخال الحيوان المنوي السليم إلى داخل الرحم خلال أيام التبويض. الجراحة: تجرى لعلاج بعض المشكلات الموضعية كأورام بطانة الرحم الحميدة، والحاجز الرحمي، وندب الرحم. عندما تفشل العلاجات السابقة، فإن هنالك بعض التقنيات التي تساعد على الإنجاب، وهي كل طريقة فيها معالجة البويضة والحيوان المنوي، ومن أشهر تلك التقنيات أطفال الأنابيب التي يتم فيها حث البويضات وتجميع الناضج منها من الزوجة وتخصيبها داخل المختبر بالحيوان المنوي للزوج وبعد مرور 3-5 أيام من عملية التخصيب يتم زرع الجنين داخل الرحم، وبالرغم من أن التقنيات التي تساعد على الإنجاب قد أخرجت للحياة آلاف الأطفال حول العالم فإن نسبة نجاحها تتضاءل بعد بلوغ المرأة عمر 35 عاماً فما فوق؛ ومن ناحية أخرى فقد تضاربت الآراء حول مدى صحة الجنين الذي تم الحمل به بتلك التقنيات، فبعض الدراسات تقول، إن أطفال الأنابيب عرضة لبعض المشاكل الخلقية بالجهاز الهضمي والقلب وتشوه الشفة الشفة الأرنبية، بينما تطمئن دراسة وجدت بأنه لا يوجد اختلاف في نسب الإعاقة العقلية بين الأطفال الذين تم الحمل بهم بأحد تلك التقنيات وبين الأطفال الذين تم الحمل بهم بطريقة طبيعية دراسة حديثة وجدت دراسة حديثة، أن حقن الهيبارين الذي يساعد على منع تجلط الدم، ويستخدم في حالات الذبحة الصدرية، بإمكانه علاج العقم ومساعدة المرأة على نجاح تقنية الحمل داخل المختبر(أطفال الأنابيب)، حيث إن نصف من تجرى لهن تقنية أطفال الأنابيب تقريباً، لديهن طفرة جينية ترتبط بالإجهاض، وحتى إن كانت تلك الطفرة لدى الزوج، فإنها تؤدي أيضاً إلى إجهاض المرأة، فتلك الطفرة الجينية التي تعرف اختصاراً بـC4M2 تعمل على تجلط الدم ومنع الجنين من الالتصاق بالرحم، أما الحقن بالهيبارين فإنه قد ساعد على نجاح التقنية وزيادة نسبة النجاح من 0 - 40% لدى من يحملون الطفرة الجينية.
مشاركة :