أول رئيس أمريكي أسود وأول سيدة أولى سوداء يدعمان ويتغنيان بمديح أول امرأة يرشحها للرئاسة أحد الحزبين الأمريكيين الكبيرين، بالفعل حدث تاريخي غير مسبوق. وبالفعل يصنع الحزب الديمقراطي تاريخا ويحدث شروخا في السقف الزجاجي كما قال المتحدثون والمعلقون. تبدو المقارنة غير منطقية وغير عادلة بين مؤتمر الحزب الجمهوري الذي عقد في كليفلاند في ولاية أوهايو وبين مؤتمر الحزب الديمقراطي في فيلادلفيا، ولا تخفى الدلالة الرمزية لعقد الديمقراطيين مؤتمرهم في فيلادلفيا «مدينة الحب الأخوي» كما يعني اسمها المأخوذ من اللغة اليونانية، والمدينة التي اجتمع فيها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية الذين وقعوا اعلان الاستقلال في 1776، والدستور في 1787م. لقد كان مؤتمر فيلادلفيا أكثر جاذبية وإمتاعا، ومتفوقا على مؤتمر كليفلاند في تمثيل التعددية العرقية والدينية والثقافية التي يتميز بها المجتمع الأمريكي. اختارت ميشيل أوباما أن تكون في خطابها مؤرخة، ساردة تروي قصة الولايات المتحدة «تلك هي قصة هذه البلاد. القصة التي جاءت بي الى هذه المنصة الليلة»، وتمضي السيدة الأولى في سردها قائلة: «قصة أجيال من الناس الذين أحسوا بسوط العبودية، وعار الاسترقاق، ولسعة العزل العرقي، ولكنهم الذين استمروا في النضال وفي عمل المطلوب عمله، لذا الآن استيقظ كل صباح في بيت بناه عبيد وأراقب ابنتي، امرأتين شابتين سوداوين ذكيتين جميلتين تلعبان مع كلابهما على مرجة البيت الأبيض»، وبصوت مُندّى بالعاطفة تذكر السيدة أوباما أنه بفضل هيلاري كلينتون يستطيع كل الأبناء والبنات أن يعدوا من المسلمات أن يصبحوا رؤساء. «وانها القائد الذي يرشدها كل اليوم الحب والأمل وأحلامنا الكبيرة لأطفالنا». «أمريكا عظيمة» يقول الرئيس أوباما في خطابه ويستمر قائلا: «أمريكا قوية. وأنا أعدكم أن قوتنا، وعظمتنا، لا تتوقفان على دونالد ترامب. في الحقيقة، إنها لا تتوقف على أي شخص واحد»، كان ذلك إشارة واضحة الى إدعاء المرشح الرئاسي الجمهوري بأنه سيعيد للولايات المتحدة عظمتها. واستمر أوباما في انتقاده اللاذع لترامب بمقارنته برونالد ريغان، مذكرا بأنه بينما كان ريغان يرى أمريكا مدينة مشرقة على التلة، فإن ترامب لا يراها إلا مشهد جريمة منقسما، وهو الوحيد الذي يستطيع إصلاحه. ويضيف أن ترامب لا يعترف بالانجازات التي تحققت، مثل انخفاض الجريمة والهجرة غير القانونية الى أدنى مستوياتها خلال عقود. في خطاب أوباما، ترامب مجرد بائع كلام، ومردد شعارات، ومروج للخوف، لأنه «يراهن على أنه إذا ما أخاف عددا كافيا من الناس، قد يحصل على العدد من الأصوات الذي يؤهله للفوز في الانتخابات»، لا يوجد امريكا ليبرالية، ولا أمريكا محافظة، يوجد الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الحقيقة التي حرص الرئيس أوباما على تذكير الجمهور والمشاهدين بها. وفي كلامه عن السيدة هيلاري كلينتون، يؤكد أوباما أنه «يستطيع القول وبثقة إنه لم يوجد رجل أو امرأة، لا أنا، ولا بيل، مؤهل أكثر من هيلاري كلينتون للخدمة كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية». ويخاطب اوباما الرئيس الأسبق بيل كلينتون قائلا: «آمل انك لا تمانع يا بيل، كنت أقول الحقيقة فقط يا رجل». حقيقة أخرى، إن باراك وميشيل أوباما قدما خطابين رائعين في ليلتين من مؤتمر شائق، وسيستمر الكلام..
مشاركة :