في ذاكرتي كطالبة جامعية في السعودية صور قليلة لأطفال يزورون الجامعة، هم غالباً أبناء الأستاذات خاصة في المحاضرات المسائية. في بريطانيا وما إن تبدأ الإجازة المدرسية حتى تشاهد الأطفال والمراهقين في كل مكان في الجامعة يرتدون سترات عليها شعار الجامعة ويحملون أدوات الرسم أو آلات موسيقية أو كتبا ودفاتر أو أجهزة المختبرات. في الواقع الجامعات البريطانية تستغل إجازتهم الصيفية لتقدم خدمتها المجتمعية وتطبيق أبحاث أساتذة كلية التربية عليهم فتوفر لهم دورات تدريبية ومشاركة في التجارب عبر مبالغ رمزية تصل إلى 120 ريالا في الساعة. صديقتي السعودية قدمت إلى بريطانيا لتطور مستوى أطفالها في اللغة الإنجليزية لأن المعاهد البريطانية أرخص وأكثر ساعات، وجدتها تستفسر عن إجراء جراحة تكميم المعدة، فقلت لها ببساطة لماذا لا تجعلين الرياضة هي من يفعل ذلك؟ تطلعت نحوي بدهشة إنها تحتاج لثروة للاشتراك في ناد رياضي سعودي هي وأطفالها. في بريطانيا هناك مراكز أحياء في كل حي تقريباً المركز فيه ناد رياضي ومسبح ومكتبة بمبالغ رمزية لا تتجاوز 23 جنيها كل شهر أي أقل من 100 ريال للشخص البالغ، وبالمناسبة هم لا ينسون أن المسلمات جزء من نسيج المجتمع، لذا هناك مكان للسيدات فقط ويومان في المسبح لمن ترغب بالسباحة في وسط نسائي، وهذا النادي يقدم خدمة ثقافية عبر المحاضرات التوعوية والدورات التدريبية في كل شيء حتى طبخ الباستا، في نفس الحي يقام مركز ملحق بالكنيسة يقدم دروسا مسائية للأطفال في الرياضيات والقراءة بمبلغ رمزي أيضاً. بريطانيا لا تعتمد على التعليم الحكومي لتطوير قدرات ومهارات وثقافة المجتمع، بل تبادر بإنشاء أو السماح بالمشاريع الرياضية أو الثقافية وبمبالغ متناولة. في الحقيقة الأثر واضح جداً حين تتعامل مع البريطانيين أو تتفحص أسلوب حياتهم. لو تطلعت إلى الجهة الأخرى إلى مجتمعنا السعودي، ستجد قلة وعي تنتشر بين أفراده تظهر على السطح كل ما ظهر مشهد داخل المنازل السعودية أو غرفهم في الفنادق، أحدها تمثل في الأب الذي استمتع بتصوير أطفاله وهم تحت تأثير الخمر بدلاً من الإسراع بهم إلى المستشفى لخطورة الكحول على قلوبهم الصغيرة. هذا الأب ومثله من قام بتربيط أطفاله بالحديد أو من يعتدون على المقيمين إلخ، توقف تثقيفهم عند التعليم الرسمي ولم يجدوا قنوات تثقيف غير مسلسلات فاشلة أو مضحكي السناب شات أو مشاهير تويتر. الجامعات ومراكز الأحياء لا بد أن تقوم بدورها في تثقيف المجتمع ليس فقط الطلاب في سن الدراسة بل كل فئات المجتمع فلا ينقطع تطوير الفرد عند سن معينة. قد يعتقد البعض أن ذلك مكلف لكن الحقيقة ما يحدث من مصائب داخل المجتمع هو المكلف، فعمليات التكميم كان من الممكن تجنبها بنشر الأندية الرياضية الرخيصة التي ترتادها الأسرة وتصبح عادة يومية تجنبهم السمنة. كذلك تعليم الرياضيات والعلوم وإصلاح السيارات والأجهزة الكهربائية في البيت تجنب الناس الاحتياج للعمال وتوفر مبالغ هائلة للأسرة. في الحقيقة مهمة توعية المجتمع إن لم توفر الدولة من يشغلها سيشغلها من يقود المجتمع للتدهور الأخلاقي وما تلك الفيديوهات القصيرة إلا نتائج لذلك الفراغ التوعوي.
مشاركة :