سلمت النمسا إلى فرنسا اثنين من المشتبه في كونهما عضوين في الخلية التابعة للتنظيم الذي يطلق على نفسه اسم «داعش» التي تسببت بمقتل 130 شخصا في باريس في نوفمبر (تشرين الثاني). وأفاد محققون أن الشخصين اللذين لم يعلن اسماهما، هما جزائري وباكستاني، بعمر 29 و35 عاما، وقد اعتقلا في النمسا في العاشر من ديسمبر (كانون الأول). وتعتقد السلطات الفرنسية والأسترالية أنهما سافرا إلى اليونان برفقة رجلين آخرين متورطين في هجمات 13 نوفمبر، مدعين أنهم لاجئان. وبينما واصل الرجلان الآخران رحلتهما إلى فرنسا، اعتقلت السلطات اليونانية الاثنين الباقيين لمدة 25 يوما لأنهما استخدما جوازي سفر سوريين مزورين. وتمكن الرجلان من الوصول إلى مدينة سالزبورغ النمساوية بعد إطلاق سراحهما في نهاية نوفمبر، أي بعد وقوع هجمات باريس، واعتقلتهما السلطات النمساوية في مركز للهجرة بناء على طلب من السلطات الفرنسية. وأقرت محكمة في سالزبورغ غرب النمسا أمر ترحيلهما إلى فرنسا في يوليو (تموز). وأكدت النيابة النمساوية، في بيان أصدرته، أول من أمس، أن «كلا المشتبه بهما قد غادرا البلاد». وتشتبه المحكمة الفرنسية في أن الرجلين حاولا التوجه إلى فرنسا الخريف الماضي للمشاركة في اعتداءات شهدتها باريس في نوفمبر وأدت إلى مقتل 130 شخصا وجرح 350 آخرين. وكان المشتبه بهما اللذان اعتقلا في النمسا قد وصلا إلى جزيرة ليروس اليونانية في 3 أكتوبر (تشرين الأول)، مع مجموعات اللاجئين السوريين الذين كانوا يتدفقون إلى الجزيرة، إلى جانب عراقيين آخرين لم تحدد هويتهما، فجرا نفسهما فيما بعد قرب «ستاد دو فرانس» مساء 13 نوفمبر. ولدى وصولهما إلى ليروس، عبر العراقيان الحواجز الأمنية بلا عوائق، غير أن السلطات اليونانية اكتشفت في المقابل أن جوازي سفر كل من حدادي وعثمان مزوران فاعتقلتهما. وقد سجنا حتى 28 أكتوبر ثم توجها إلى النمسا حيث أقاما في مركز لاستقبال طالبي اللجوء، إلى أن تم توقيفهما في 10 ديسمبر . وفي 18 ديسمبر، اعتقلت الشرطة النمساوية أيضا في سالزبورغ، مغربيا يبلغ من العمر 25 عاما وجزائريا ثانيا عمره 40 عاما، يشتبه في أنهما كانا على «اتصال وثيق» بالرجلين اللذين نقلا إلى فرنسا. وأعلنت النيابة العامة في سالزبورغ في بيان أن «التحقيقات لا تزال مستمرة» في شأن الرجلين الآخرين «ولم تسفر عن شيء حتى الآن». إلى ذلك، تتواصل التجمعات في فرنسا بمشاركة مسيحيين ومسلمين لتكريم ذكرى الكاهن الذي ذبحه متطرفان الثلاثاء الماضي في كنيسة بلدة سان إتيان دو روفريه (شمال غربي فرنسا)، في حين تسجل التحقيقات لكشف ملابسات الجريمة تقدما. ولا يزال شخصان قيد الاعتقال رهن التحقيق، هما ابن عم أحد القاتلين ولاجئ سوري، بعد أربعة أيام على قيام شابين فرنسيين في الـ19 من العمر بقتل الكاهن قبل قتلهما على أيدي عناصر الشرطة. وتبنى تنظيم داعش الاعتداء، وهو الأول الذي يستهدف رجل دين مسيحيا في أوروبا. كما أفاد مصدر مقرب من التحقيق أن الشرطة السويسرية في جنيف اعتقلت قاصرا في الـ17 من العمر وهو يحاول الانتقال إلى سوريا، وتبين أنه كان حاول الانتقال إلى سوريا مع أحد القاتلين عام 2015، وقد سلم إلى القضاء الفرنسي، إلا أن هذا المصدر أوضح أن «لا شيء حتى الآن يدل على تورطه في جريمة قتل الكاهن». وفي إطار تكريم ذكرى الكاهن ورفض التطرف تجري في مدينة ليون في شرق فرنسا «مسيرة الإخوة» بدعوة من ممثلي المسلمين في المدينة، كما يجري احتفال آخر في إحدى كنائس مدينة بوردو (جنوب غرب). كما جرت في بلدة سان إتيان دو روفريه، مساء السبت، صلاة في كنيسة مجاورة لمسجد البلدة. وكان مصلون مسيحيون ومسلمون تشاركوا في زيارة الكنيسة والمسجد، الجمعة، تشديدا على رفض جريمة قتل الكاهن جاك هامل (85 عاما). ودعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المسلمين إلى التوجه اليوم إلى الكنائس، خلال إقامة القداديس، فيما طلب مجلس الأساقفة في فرنسا الترحيب بهم بشكل «أخوي». في إيطاليا، دعت منظمات إسلامية إيطالية المسلمين إلى التوجه إلى الكنائس، الأحد، قبل موعد القداديس لنقل شهادة «تضامن روحي إلى المصلين المسيحيين». وتركز التحقيقات على كشف الشبكة التي كان يتحرك في إطارها الجانيان عبد المالك بوتي جان وعادل كرميش، اللذان كانا مراقبين من قبل أجهزة الاستخبارات قبل الجريمة. وإضافة إلى الشخصين اللذين لا يزالان موقوفين تم توجيه الاتهام إلى شخص يصنف بين المتطرفين، وكان اعتقل في الخامس والعشرين من الشهر الحالي في إطار تحقيقات مختلفة. وتم العثور على شريط فيديو لعبد المالك بوتي جان في منزله يظهر فيه وهو يبايع تنظيم داعش ويتكلم عن «عمل عنفي». وهناك تحقيق آخر يجري مع شاب فرنسي في العشرين من العمر بعد اعتقاله، كان توجه إلى تركيا مطلع يونيو (حزيران) مع بوتي جان في محاولة لدخول سوريا قبل أن يطردا إلى فرنسا. وقدمت شهادتا راهبتين كانتا احتجزتا داخل الكنيسة تفاصيل مهمة حول وقائع الاعتداء. وروت الراهبتان في حديث إلى أسبوعية «لافي» الكاثوليكية أن حوارا جرى مع الجانيين بعد قتل الكاهن. وقال أحد الشابين «ما دامت هناك قنابل تلقى على سوريا سنواصل هجماتنا». وأقر رئيس الحكومة مانويل فالس، أول من أمس، بوجود «إخفاق» في الملاحقة القضائية التي استهدفت عادل كرميش الذي كان مجبرا على حمل سوار إلكتروني لمعرفة تنقلاته بانتظار محاكمته. وكان كرميش وضع تحت رقابة قضائية ووجه الاتهام له في مارس (آذار) 2015 بعد أن حاول الانتقال إلى سوريا. وإثر محاولته الثانية في مايو (أيار) 2015 للانتقال إلى سوريا أدخل السجن قبل أن يطلق سراحه في مارس 2016 بخلاف رأي النيابة العامة، وأجبر على ارتداء السوار الإلكتروني. أما عبد المالك بوتي جان (19 عاما) فقد كان مصنفا في إطار الأشخاص الذين يمكن أن يشكلوا خطرا أمنيا، منذ التاسع والعشرين من يونيو، بحسب ما أفاد مصدر مقرب من التحقيق. من جهة ثانية، سلمت النمسا فرنسا الجمعة جزائريا وباكستانيا يشتبه بأنهما كانا يريدان المشاركة في اعتداءات الثالث عشر من نوفمبر الماضي في باريس، فوجهت التهمة إليهما مساء الجمعة وسجنا.
مشاركة :