هناك جروح لا تندمل ولا تبرى مع مرور الزمن، يظل الألم هو نفس الألم، إن لم يكن جسدياً فهو نفسي، وخصوصا إن أتت طعنة الظهر من يد شقيق أو صديق، تغمض عينيك في حضرته بأمان، لتأتيك الطعنة دون أن تتوقع. فأطماع البشر تجعلهم يرتكبون أفعالاً خارج العقل وخارج التوقع، كفعل من أصيب بلوثة مفاجئة، وفقد معها المبادئ التي ينادي بها، والشعارات التي يترنم بها في كل مناسبة أو حين، فالطمع أعمى ويفقد الإنسان إنسانيته، ويبرر أفعاله الشنعاء بمنتهى الذكاء، حتى يجد المبرر الذي يأمل أن يصبح حقيقة مع مرور الزمن. ولا يتوانى عن تزوير التاريخ، في سبيل تحوير الحقيقة واستغلال النبل والعفة، وجعل الصالح طالحاً وجعل الطالح صالحاً، فالشر بدأ مع التملك والاستحواذ ولا يزال، الاستحواذ على حق الآخرين، وإن اقتضى ذلك الكذب والتشنيع وفقدان الضمير، والجحود وقتل أقرب الناس، واستخدام أبشع الأساليب، كاستخدام الإعلام والتحريض وعقد المؤتمرات، التي تحقق طموحاته والمعروفة نتائجها مسبقاً، كل ذلك في سبيل كسب زائل ومؤقت. فقبل ستة وعشرين عاماً، أتانا غزو آثم من جار وشقيق، لا لطموح نبيل ولا لمبادئ سامية، بل لتحقيق مصالح شخصية وأطماع غير مشروعة، ولم يتوانَ عن التشويه وتزوير الحقائق ولي عنق التاريخ، والقتل والتعذيب والاعتقال، ولم يفرق في ذلك بين رجل أو امرأة، أو بين شاب وعجوز، فجميعهم خونة وأعداء للوحدة العربية الوهمية، التي لم تخدع سوى السذج والتابعين المستفيدين، الوالغين بدماء أشقائهم. إن احتلال أرض شعب مسالم، قدم الإخلاص للقضية العربية على ذاته، ومد يد العون للشقيق الغادر وهو غافل عن نواياه الخبيثة، هو سلوك ينم عن تقديم الذات على المصلحة العامة، التي تغنى بها الغازي لعقود طويلة، وسمح للمنافقين ومساحي الجوخ، للقفز والتطاول على شعب لم يقدم سوى الخير له ولأمته. لن ينسينا شيء هذا الغزو والاحتلال الهمجي، وإن ارتدى ثوب المظلومية وذرف دموع التماسيح، فقد انكشف زيف الغازي وانكشفت أكاذيبه، لكن دهشتنا زالت من وجوهنا، وظل الجرح الذي لا يندمل، فقد كان مباغتاً دبّر في ليل حالك، فلم يسعنا الاستعداد والدفاع عن الوطن، لكن هناك تواريخ في حياتنا لا تنسى، منها الثاني من أغسطس 1990، حاول الغازي خلالها إعادة صياغة التاريخ، لكنه لم يكن يعلم أن التاريخ محفوظ إلى أبد الآبدين، فالأعداء كثيرون لكن الأصدقاء أكثر. osbohatw@gmail.com
مشاركة :