ذكريات البهجة والمرح والاحتفاء برحلات الشواطئ للصغار والكبار، وتوثيق تلك اللحظات عبر «الفوتوغرافيا» من خلال 250 صورة نادرة بالأبيض والأسود لمصورين محترفين بينهم مصريون وأجانب وآخرون هواة، يجمعها معرض الفوتوغرافيا «على البحر» للمصورة المصرية هالة القوصي، مصممة موقع فوتو مصر الذي احتضنته «وكالة بهنا الثقافية» في مدينة الإسكندرية الساحلية، ويستمر حتى الرابع من أغسطس. تعود الصور إلى بدايات القرن الماضي وحتى منتصف السبعينيات، وهي صور لرحلات المصريين إلى الشواطئ في محافظات عدة من بينهاالإسكندرية، رأس البر، بورسعيد، مرسي مطروح، وقد حرصت هالة القوصي على جمعها وتوثيقها، من خلال الأسواق الشعبية القديمة بمصر، وصالات المزادات، وأصحابها وممن تبقى على قيد الحياة من أفراد العائلات، عبر مشاركاتهم في موقع «فوتو مصر» وإعادة معالجتها وترميمها، لا سيما أن النيغاتيف الخاص بها مفقود، ضمن مجموعات صور توثقها لمظاهر الحياة في مصر، خلال حقبة القرن الماضي، بينها صور الأفراح والأصدقاء والشوارع والمهن. ذاكرة مصر تمثل الصور إبحاراً في «ذاكرة مصر» وتفاصيل الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع المصري خلال القرن الماضي، وتكشف حالة الترابط الأسري وقتها، وحرص العائلات على توثيق رحلاتهم في مشاهدات عفوية وحميمية لتلك اللحظات، فضلا عن الرقي والأناقة اللذين كان يتمتع المصريون بهما، وأحدث خطوط الموضة، إذ تظهر بعض الصور الرجال في كامل أناقتهم كذلك السيدات والفتيات، واندماج الجاليات الأجنبية بالمجتمع المصري، وتعايشها مع المصريين. وثيقة تاريخية حول فكرة المعرض تقول القوصي: «بدأ اهتمامي بالأرشيف عام 2014، بغرض جمع أكبر قدر من «الفوتوغرافيا» من بدايات القرن العشرين إلى نهايته، توثق حياة المصريين، باعتبار الصورة في كثير من الأحيان «وثيقة تاريخية»، وقمت بجولة عبر الإنترنت في الأرشيفات العالمية لكل ما يخص الفوتوغرافيا المصرية، واكتشفت مفاجآت، منها أن «الأرشيف الهولندي» على سبيل المثال يتضمن ما يخص مراحل إنشاء «السد العالي» بسبب حرص المصورين الهولنديين على توثيق هذا الحدث باهتمام بالغ». أما مكتبة «الكونغرس الأميركي» فتعتبر الأقوى في كل ما يخص مظاهر الحياة في مصر خلال القرن التاسع عشر، وحتى بدايات القرن العشرين، وهي متاحة للجمهور، في حين اهتم «الأرشيف الأسترالي» بتوثيق الحربين العالميتين الأولى والثانية، وانعكاسهما على مظاهر الحياة في مصر، وللأسف الشديد الأرشيف الفوتوغرافي لتاريخ مصر، الموجود في مكتبات الخارج أكثر من الموجود في مصر، ويمتاز بمراعاة الدقة في التواريخ وتوثيق الأماكن، وسط غياب دور مؤسسات الدولة المصرية في الحفاظ على تاريخ الأرشيف الفوتوغرافي لذاكرة المصريين- حسب تعبيرها. وترى القوصي أن الصورة الفوتوغرافية خلال حقبة زمنية معينة، تعدت أكثر من كونها صورة فوتوغرافية تجمع ذكريات الماضي، وأضحت وسيلة لاستقاء المعلومة أيضاً، وتتضمن تعبيرا عن الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لأي مجتمع خلال حقبة زمنية، وأجمل ما يخص الصور الفوتوغرافية القديمة بمصر، خلال حقبة القرن الماضي، فكرة «التوثيق»، إذ تحمل غالبية الصور أسماء المصورين، سواء كانوا من الأجانب أو المصريين وعناوينهم، إضافة إلى تاريخ التقاط الصورة ومكانها وأسماء من فيها، في أسطر قليلة خلف الصورة، وكأنها رسالة من أصحابها ترفض دخولهم ذاكرة النسيان. هالة القوصي ولدت المصورة هالة القوصي في القاهرة عام 1974، وبعد حصولها على بكالوريوس إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1996، عملت كمصورة في مجال الإعلانات حتى عام 2000، ثم حصلت على شهادة الماجستير في الصورة والاتصال من كلية غولدسميث، جامعة لندن وحاضرت عن التصوير الفوتوغرافي في الجامعة الأميركية بين عامي 2002 و2003. وفي 2004، ساهمت في تأسيس مركز الصورة المعاصرة، الأول من نوعه المعني بالصورة بأشكالها في الوطن العربي ويديره فنانون، وفي ٢٠٠٥ حصلت على منحة تفرغ لمدة عامين في «رايكس أكاديمي فان بلدندي كونستن» في أمستردام، وهو برنامج عالمي متخصص للفنانين البصريين. حازت جائزة «أبراج كابيتال» للفنون عام 2010، وهي أكبر جائزة من نوعها في العالم، وفي 2014 أسست أرشيف موقع «فوتومصر» على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يعنى بإتاحة صور فوتوغرافية من مصر منذ بدايات الفوتوغرافيا وحتى نهاية القرن العشرين، للباحثين والمهتمين في المجالات كافة.
مشاركة :