«بي بي»: تخمة معروض النفط تتجه للانحسار بفعل انكماش الاستثمارات

  • 8/2/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تراجعت أسعار النفط نحو 4 في المائة أمس لينزل الخام الأمريكي عن 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل) الماضي بفعل مسح أظهر بلوغ إنتاج أوبك مستويات قياسية مرتفعة الشهر الماضي وسط أكبر زيادة في عدد حفارات النفط الأمريكية في عامين. كان مسح أجرته رويترز خلص يوم الجمعة إلى أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول قد ارتفع على الأرجح إلى مستويات قياسية في تموز (يوليو) الماضي مع قيام العراق بضخ المزيد وزيادة صادرات الخام النيجيرية رغم هجمات المسلحين على مرافق النفط. وأبقت السعودية أكبر مصدر في أوبك الإنتاج قرب مستوى قياسي مرتفع مع تلبيتها للزيادة الموسمية في الطلب المحلي وتركيزها على حماية الحصة السوقية بدلا من تقليص المعروض لتعزيز الأسعار. في غضون ذلك زادت شركات النفط الأمريكية عدد الحفارات 44 حفارا في تموز (يوليو) الماضي وهي أكبر زيادة شهرية منذ نيسان (أبريل) 2014 حسبما أظهرت البيانات الصادرة عن شركة خدمات النفط بيكر هيوز. وتراجع الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.51 دولار بما يعادل 3.6 في المائة إلى 40.09 دولار للبرميل. وفي وقت سابق هوى السعر إلى 39.86 دولار وهو أدنى مستوى منذ 20 نيسان (أبريل). وانخفض خام برنت 1.43 دولار أو 3.3 في المائة إلى 42.10 دولار للبرميل بعد أن نزل خلال الجلسة إلى 41.87 دولار. وانخفض الخامان نحو 15 في المائة في تموز (يوليو) الماضي وهبوط الخام الأمريكي على مدار الشهر هو الأكبر في عام. وقال يوجين فاينبرج من كومرتس بنك "المعنويات لا تزال سلبية إثر انحدار السعر في ألفترة الأخيرة .. سلبية لأن استعادة التوازن تستغرق فترة أطول مما كان بعض المتعاملين في السوق يتوقعونه". وقد استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع والشهر الجديد على تسجيل انخفاضات فى الأسواق العالمية نتيجة استمرار حالة تخمة المعروض ووفرة الإمدادات النفطية بعد تسجيل انتعاشة فى انتاج النفط الصخرى الأمريكي واستمرار تزايد الحفارات النفطية وتواكب ذلك مع تسجيل دول أوبك زيادة كبيرة فى الإنتاج خاصة فى العراق إلى جانب صعود الدولار الأمريكي أمام بقية العملات الرئيسية. وعزز الاتجاه نحو انخفاض الأسعار صدور بيانات اقتصادية ضعيفة عن دول الطلب الرئيسة فى آسيا كما آمال الدولار للتحسن بعدما سجل أسوأ أداء أسبوعى فى ثلاثة أشهر وتمكنت صادرات النفط الخام من جنوب العراق من تحقيق زيادة جيدة حيث بلغت 3.2 مليون برميل يوميا فى إحصائيات تموز (يوليو) الماضي. وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع إنتاج دول أوبك وتسجيله مستويات قياسية تتجاوز 33.4 مليون برميل يوميا بدعم أساسى من نمو صادرات إيران والعراق ونجاح نيجيريا فى زيادة صادراتها على الرغم من هجمات المتشددين على المنشآت النفطية وذلك فى إطار قناعة من كبار منتجي "أوبك" بأن السوق سيتجه إلى التوازن تلقائيا وأن وفرة المعروض ستنحسر بسبب تراجع انتاج خارج "أوبك" ونمو الطلب العالمى. وقال كيرى باول نائب رئيس شركة "رويال داتش شل" العالمية للطاقة لـ "الاقتصادية": إن شركات الطاقة مطالبة بالتغلب على صعوبات السوق بالعمل على تعزيز نجاحاتها وتطوير نظم الإنتاج وزيادة الاكتشافات ذات القيمة العالية وتفعيل القدرة على مواصلة تعزيز التنافسية خاصة فى المشروعات الصعبة والمكلفة مثل الإنتاج من المياه العميقة. وأضاف أنه فى هذا الإطار تمكنت "شل" من تحقيق اكتشاف جديد في المياه العميقة للخليج الأمريكى فى المكسيك، مشيرا إلى أن الموارد التقديرية القابلة للاسترداد بشكل مبدئى من هذا البئر المعروف باسم "فورت سمتر" تقدر بأكثر من 125 مليون برميل من النفط المكافئ. وأشار إلى أن منطقة البئر تحظى باكتشافات مهمة ومتتالية وتقوم "شل" بالدور الرئيس فى هذا المجال، منوها بأن مجموع الموارد التي أضافها التنقيب والاستكشاف في خليج المكسيك تحت قيادة "شل "بلغ منذ عام 2010 نحو 1.3 مليار برميل من النفط المكافئ. وأوضح أن "شل" تولي أهمية كبير لتنمية الإنتاج من المياه العميقة حول العالم وهو الأمر الذي يشكل أولوية خاصة لتحقيق النمو فى الشركة وتنتج "شل" حاليا نحو 600 ألف برميل نفط مكافئ يوميا ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 900 ألف برميل نفط مكافئ يوميا بحلول عام 2020. من جانبه، قال سبنسر دال كبير الاقتصاديين فى شركة بريتيش بتروليوم "بي بي" العالمية للطاقة لـ"الاقتصادية": إن الاستثمارات النفطية تواجه دون شك حالة من الانكماش ستؤثر في المعروض النفطي العالمي فى السنوات المقبلة وستقود إلى انحسار حالة تخمة المعروض الحالية. وأشار إلى أن الإحصائيات تؤكد أن الاستثمار في مشروعات النفط والغاز قد انخفضت بنحو 160 مليار دولار فى العام الماضي 2015 وهو أكبر انخفاض منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، منوها إلى أن الإنفاق الرأسمالي قد استمر في الانخفاض بشكل حاد هذا العام أيضا. وشدد على أن انخفاض مستويات الاستثمار ينتقص حتما من نمو المعروض في المستقبل، مشيرا إلى أن القضية الرئيسة على مدى السنوات القليلة القادمة هو تأثير ذلك الانخفاض في الإنفاق الرأسمالي لديها على نمو الناتج في المستقبل، مؤكدا أن الخطر أن هذا سيكون سببا في ارتفاعات سعرية مفرطة فى سوق النفط. وأضاف أن الوضع الراهن فى سوق النفط أقرب إلى استعادة التوازن نتيجة الجمع بين النمو القوي في الطلب وزيادة فى إنتاج "أوبك" مع تقلص نسبى في الإمدادات من خارج أوبك، ما جعل سوق النفط تقطع شوطا جيدا نحو استعادة التعافي إلا أن تأثير العوامل الجيوسياسية ووفرة الإمدادات بسبب تسابق المنتجين على الحصص السوقية يجعل التحسن بطيئا نسبيا. وقال أوسكار أنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط بالغرفة الفيدرالية النمساوية لـ"الاقتصادية": إن هناك جهودا مكثفة يبذلها كبار المنتجين فى الشرق الأوسط للتغلب على الاضطرابات السياسية واستعادة مستويات جيدة من الإنتاج، خاصة فى العراق التي تشهد نموا متلاحقا فى صادرات الجنوب وفى ليبيا التي اعلنت عن خطة لرفع الصادرات إلى 900 ألف برميل يوميا بدلا من 300 ألف برميل حاليا ومقابل أكثر من 1.5 مليون برميل قبل 2011. وأشار إلى وجود محاولات جيدة لتأمين المنشآت النفطية فى ليبيا ونيجيريا والأخيرة نجحت فى زيادة الصادرات على الرغم من استمرار الاعتداءات فى دلتا النيجر منوها إلى أن استعادة مستويات مرتفعة من الصادرات فى دول أوبك سيعوض كثيرا من الانخفاضات من دول خارج أوبك وسيؤمن الإمدادات فى ضوء توقعات بنمو واسع لمستويات الطلب فى المرحلة المقبلة. وقال إن النفط الصخرى الأمريكي يحاول العودة إلى حلبة المنافسة بعد وصول سعر البرميل إلى نحو 50 دولارا ولكن عودة الانخفاضات السعرية ستمثل مزيدا من الضغوط على هذا الإنتاج الذي يسابق الزمن لتخفيض نفقات التشغيل. وكان الإنتاج الزائد من النفط الخام وموجة من المنتجات المكررة العوامل الرئيسية التي أثرت على النفط. وعلى مدار تعاملات شهر تموز (يوليو) الماضي انخفضت أسعار النفط بأكثر من 14 في المائة، بعد تجدد مخاوف تخمة المعروض العالمي، خاصة مع عودة الإنتاج فى كندا لمستوياته الطبيعية، واستمرار ضخ منظمة أوبك لمستويات قياسية من الإنتاج خاصة مع تسارع الإنتاج الإيراني، وتعافي الإنتاج فى نيجيريا بعد كبح هجمات المتشددين فى دلتا النيجر. وقالت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة إن منصات الحفر في الولايات المتحدة زادت بمقدار ثلاث منصات، إلى إجمالي 374 منصة،فى خامس زيادة أسبوعية على التوالي، وهو أعلى مستوى للمنصات منذ الأسبوع المنتهي 25 آذار (مارس) الماضي. وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الأربعاء ارتفاع إنتاج النفط فى البلاد بمقدار 21 ألف برميل للأسبوع المنتهي 22 تموز (يوليو) الماضي إلي إجمالي 8.52 مليون برميل يوميا، فى ثالث زيادة أسبوعية على التوالي. ومع استمرار ارتفاع منصات الحفر والتنقيب فى مناطق حقول النفط الصخري، فمن المتوقع أن يواصل الإنتاج الأمريكي ارتفاعه للأسبوع الرابع على التوالي. من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 38.97 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 39.79 دولار للبرميل فى اليوم السابق. وقال التقرير اليومى لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس: إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق سادس انخفاض له على التوالي وأن السلة بقت تحت 40 دولارا للبرميل لليوم الثانى على التوالي وقد خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة بما سجلته فى منتصف شهر تموز (يوليو) الماضي، الذي بلغ 43.24 دولار للبرميل.

مشاركة :