بكين تكسب رهانها وتزيح الولايات المتحدة عن الصدارة

  • 8/3/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكتف الصين بإقامة دورة ألعاب ناجحة بكل المقاييس في 2008، بل استطاعت أيضاً أن تزيح الولايات المتحدة عن عرشها في صدارة الترتيب العام للدورات الأولمبية. نجحت الصين في 2008 عن جدارة في كسب رهانها المتمثل في إزاحة الولايات المتحدة عن عرشها في صدارة الترتيب العام لدورة الالعاب الاولمبية قبل اربع سنوات. ونظمت الصين احدى افضل الالعاب في تاريخ الاولمبياد ان لم يكن انجحها على الاطلاق، حيث جاءت قمة في التنظيم ومليئة بالانجازات التي لا تنسى، وتحديدا ذهبيات السباح الاميركي الفذ مايكل فيلبس وارقامه القياسية السبعة في الاسبوع الاول منها، قبل ان يستأثر العداء الجامايكي اوسين بولت بالاضواء في الاسبوع الثاني ويحرز ثلاث ذهبيات مسقطا الرقم القياسي العالمي فيها ايضا. وأنفقت الدولة المضيفة نحو 28 مليار يورو لتحديث بنيتها التحتية وبناء المرافق الرياضية التي كان تحفتها ملعب "عش الطائر" بهندسته الرائعة، اضافة الى 37 ملعبا اقيمت عليها المنافسات الـ28. وتصدرت الصين الترتيب برصيد 51 ذهبية من أصل 302 وزعت، و21 فضية و28 برونزية، وجاءت الولايات المتحدة ثانية ولها 36 ذهبية و38 فضية و36 برونزية، وروسيا ثالثة ولها 23 ذهبية و21 فضية و29 برونزية. وكانت الصين، التي نظمت الالعاب للمرة الاولى في تاريخها ولثالث مرة في اسيا بعد طوكيو 1964 وسيول 1988، قد حصدت 32 ذهبية في ألعاب اثينا قبل اربع سنوات مقابل 36 للولايات المتحدة التي تربعت على عرش الالعاب في النسخ الثلاث الاخيرة، لكنها استعدت جيدا لالعابها ووضعت برامج خاصة لكي تصل الى هدفها المنشود. تربع الصين على العرش واعتبر وزير الرياضة الصيني ليو بنغ ان ظهور جيل جديد من الرياضيين واختراق هؤلاء رياضات جديدة كان السبب في تربع الصين على عرش الميداليات. وأعرب بنغ عن سعادته بما تحقق في ألعاب بكين، قائلا: "ما حققناه في الأولمبياد دافع قوي جدا للمستقبل"، مشيرا الى ان القادمين الجدد من ابناء بلد المليار حققوا 29 ميدالية ذهبية. وأضاف: "هؤلاء الوافدون اصبحوا القوة الاساسية في نجاح الرياضة الصينية"، معتبرا ان سيطرة الصين حدثت لانها بقيت وفية لرياضات تقليدية بالنسبة لها امثال كرة الطاولة والبادمنتون والغطس ورفع الاثقال والرماية، كما اصبحت اقوى في رياضات اخرى، امثال القوس والنشاب حيث فازت باول ذهبية في تاريخها، اضافة الى التجذيف والمبارزة وغيرها. بولت الأسرع في المقابل، كرس بولت نفسه اسرع واعظم عداء في تاريخ سباقات السرعة بعد فوزه بثلاثة سباقات وإسقاط ارقامها القياسية بشكل مذهل. وجاء بولت الى الألعاب بعدما لفت الانظار من خلال تحطيمه الرقم القياسي العالمي في سباق 100م عندما سجل 19.72 ثانية في لقاء نيويورك الدولي في 31 مايو الماضي. بيد ان بولت غادرها وفي جعبته ثلاث ذهبيات وثلاثة ارقام قياسية عالمية، لانه حطم رقمه القياسي العالمي في سباق 100م وأنزله حتى 9.69 ثوان رغم انه خفف من سرعته في الامتار الاخيرة. ومحا بولت ايضا رقما خرافيا في سباق 200م مسجلا باسم العداء الاميركي الشهير مايكل جونسون امام ناظري الاخير في ملعب "عش الطائر" وامام 90 الف متفرج. وبات اول عداء يجمع بين السباقين السريعين في الالعاب الاولمبية منذ الاميركي الشهير كارل لويس، والتاسع الذي يحقق هذا الانجاز في تاريخ الالعاب الاولمبية بعد الاميركي ارشي هان عام 1904 في سانت لويس، والاميركي رالف كريغ عام 1912 في ستوكهولم، والكندي بيرسي وليامس عام 1928 في امستردام، والاميركي ادي تولان عام 1932 في لوس انجليس، والاميركي جيسي اوينز عام 1936 في برلين، والاميركي بوب مورو عام 1956 في ملبورن، والسوفياتي فاليري بورزوف عام 1972 في ميونيخ، بالاضافة الى لويس. وسجل بولت 19.30 ثانية، قبل ان يقود فريق التتابع 4 مرات 100م للذهبية وتحطيم الرقم القياسي العالمي الصامد منذ اولمبياد برشلونة في حوزة المنتخب الاميركي ليقدم لنفسه احلى هدية عشية عيد ميلاده الثاني والعشرين. وكانت الألعاب ايضا مسرحا لتألق العداء الاثيوبي كينينيسا بيكيلي الذي بات خامس عداء في تاريخ الالعاب يجمع بين ذهبيتي سباقي 5 آلاف و10 الاف م، بعد التشيكوسلوفاكي الشهير اميل زاتوبيك في هلسنكي عام 1952 والسوفياتي فلاديمير كوتس في ملبورن عام 1956 والفنلندي لاس فيرين عامي 1972 و1976 في ميونيخ ومونتريال على التوالي ومواطنه ميروتس يفتر عام 1980 في موسكو. وكان بيكيلي قد حاول تحقيق الانجاز في اولمبياد اثينا قبل اربع سنوات، فنال ذهبية 10 آلاف م، لكن المغربي الفذ هشام الكروج منعه من تحقيق الثنائية، فاكتفى بالمركز الثاني. وحذت حذوه مواطنته الشهيرة تيرونيش ديبابا فجمعت هي الاخرى ذهبيتي السباقين الطويلين كما فعلت في بطولة العالم في هلسنكي عام 2005. وكانت ديبابا قد أحرزت ذهبية سباق 10 آلاف م في اثينا قبل اربع سنوات لكنها اكتفت ببرونزية السباق القصير. منتخب الأحلام وتربع منتخب الاحلام الاميركي مجددا على العرش الاولمبي، وأحرز ذهبيته الثالثة عشرة في مشاركته السادسة عشرة بفوزه على نظيره الاسباني بطل العالم 118-107. واستعاد المنتخب الاميركي مجددا تفوقه الاولمبي وهذه المرة بقيادة مدرب جامعة ديوك مايك كريشفسكي ولاعب لوس انجلس ليكرز كوبي براينت الذي كان يخوض اول مشاركة له مع منتخب بلاده والمخضرم جيسون كيد صانع العاب دالاس مافريكس الذي نال ذهبيته الثانية، لانه كان مشاركا في سيدني 2000، اضافة الى لاعبين أخفقوا في "اثينا 2004" ومونديال اليابان 2006، وهم الثلاثي ليبرون جيمس (كيلفلاند كافالييرز) ودواين وايد (ميامي هيت) وكارميلو انطوني (دنفر ناغتس). وذكر منتخب بكين 2008 بمنتخب الاحلام بنسخاته الثلاث الاولى ونجومها مثل مايكل جوردان وماجيك جونسون ولاري بيرد وكلايد دريكسلر (الاول) وشاكيل اونيل وحكيم اولادجوان وغرانت هيل (الثاني) وكيفن غارنيت وراي الن وفينس كارتر وغاري بايتون (الثالث)، لانه اكتسح منافسيه الواحد تلو الاخر وتجاوز حاجز المئة نقطة في 6 مباريات من اصل 8 خاضها في العاصمة الصينية. فيلبس «ابن بالتيمور» سيد المياه سيبقى تاريخ 17 أغسطس 2008 محفورا في ذاكرة الدورات الأولمبية الصيفية. ففي اليوم التاسع من المنافسات وبعد فوزه بسبعة ألقاب وتحطيمه ستة ارقام عالمية، أحرز السباح الاميركي مايكل فيلبس ذهب سباق التتابع 4 مرات 100م متنوعة مع افضل توقيت. ودخل فيلبس التاريخ محرزا ذهبيته الثامنة في غضون اسبوع وهو لم يتجاوز الثالثة والعشرين. وبفضل القابه الثمانية في "بكين 2008" بعد الستة التي جمعها في "اثينا 2004" فضلا عن ميداليتين فضيتين، فإن فيلبس حطم الرقم السابق لمواطنيه السباح مارك سبتيز والعداء كارل لويس والعداء الفنلندي بافو نورمي ولاعبة الجمباز السوفياتية لاريسا لا تينينا (9 ذهبيات). وكان التحدي الاكبر اطلقه فيلبس "ابن بالتيمور" بعد اضاءة شعلة الألعاب، حين وعد بتخطي رقم سبيتز (7 ذهبيات في دورة ميونيخ 1972). وكي يحقق وعوده، بدأ فيلبس بسباق الـ400م متنوعة، مسجلا 4.03.84 د، ومحطما رقمه العالمي 4.05.25 د الذي سجله في 29 يونيو 2008 خلال التجارب الاميركية المؤهلة للاولمبياد في اوماها (ولاية نبراسكا)، وكانت المرة الثامنة التي ينسخ فيها رقم السباق. قطف فيلبس الحبة الاولى من عنقود الانتصارات تحت انظار الرئيس الاميركي جورج بوش الابن، ودمعت عيناه وهو يقف على منصة الفوز، ثم قال: "احيانا تنسون ان الفوز في الالعاب الاولمبية يبقى لحظة لا تنسى عند اي رياضي". ولأن هذا السباق الذي اقيم نهار الاحد (10 اغسطس) يتطلب الكثير من الجهد، قرر فيلبس عدم ادراجه في برنامجه الاولمبي المقبل. لذا، خلال ظهوره الاول والاخير في هذا السباق في النهائي الاول له في بكين، اراد تدعيم الرقم القياسي الذي يحمله منذ عام 2002، وهذا ما فعله، علما انه كان قد فاز في اثينا مسجلا 4.08.26 د. وأحرز فيلبس الذهبية الثانية مع المنتخب الاميركي في سباق التتابع 4 مرات 100م حرة في 11 اغسطس، مسجلا رقما عالميا جديدا مقداره 3.08.24 د (الرقم السابق 3.12.23 د سجله المنتخب الاميركي في نصف النهائي).

مشاركة :