اقتحمت الشرطة التركية أمس (الأربعاء) مكاتب هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية (توبيتاك)؛ لتوسع بذلك إطار التحقيقات مع أتباع فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة المتهم من قبل السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) الماضي في تركيا. وقالت مصادر أمنية: إنه «تم اعتقال عدد كبير من العاملين بالهيئة خلال المداهمات». في الوقت نفسه، قالت السلطات التركية: إنها «ألقت القبض على 11 عنصرا من المنتمين لما يسمى بـ(منظمة «فتح لله غولن) في إسطنبول، وبحوزتهم 3.5 مليون ليرة تركية (أكثر من مليون دولار)، وسندات وشيكات بقيمة خمسين مليون ليرة تركية (نحو 17 مليون دولار)، ووثائق حول متابعة عمليات التبرعات للمنظمة». وبحسب مصادر أمنية، تم القبض على هذه العناصر في عمليات دهم لعدد من المساكن في مناطق مختلفة بإسطنبول، فيما تمكنت فرق مكافحة التهريب من توقيف مراد كليج، مسؤول جمع التبرعات في محافظتي تكيرداغ وكيركلار إيلي، شمال غربي تركيا، في سيارة قرب جسر شهداء 15 يوليو (البسفور سابقا). وصادرت قوات الأمن أموالا كانت بحوزة الموقوفين، بلغت 3.5 مليون ليرة تركية (أكثر من مليون دولار) وسندات وشيكات بقيمة خمسين مليون ليرة تركية (نحو 17 مليون دولار). وفى إطار حملة الاعتقالات التي تقوم بها السلطات الأمنية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، أصدرت النيابة العامة أمرا بإلقاء القبض على 18 محاميا من أعضاء جمعية الأناضول للقانون في مدينة قيصري وسط تركيا. وقامت وحدات مديرية شعبة التهريب والجرائم المنظمة بمداهمة منازل المحامين المطلوبين، واعتقلت 15 منهم، فيما لم تتمكن من الوصول إلى الثلاثة الآخرين، ولا تزال عمليات البحث جارية عن منازل وأماكن عملهم. وطالت حملة تطهير المؤسسات التركية جميع جوانب الحياة في تركيا، بما فيها كرة القدم؛ إذ قرر الاتحاد التركي لكرة القدم إقالة العشرات من العاملين فيه، بما في ذلك بعض الحكام. وأقال اتحاد كرة القدم أكثر من 100 مسؤول، بينهم حكام ومساعدو حكام ومسؤولون إداريون. وقال الاتحاد في بيان «يعتبر اتحادنا أنه من الضروري إقالة هؤلاء الأشخاص، ومن بينهم عدد من الحكام ومساعدي الحكام على مستوى المحافظات والمستوى الوطني، وأعضاء لجنة التحكيم في المحافظات، والمراقبين على مستوى المحافظات والمستوى الوطني». وأنهى الاتحاد ارتباطه بـ11 شخصا آخرين. ولم يكشف البيان عن مزيد من التفاصيل، إلا أن صحيفة «حرييت» قالت: إن «أحد الحكام المقالين شارك في بطولة الدوري الممتاز»، من دون أن تكشف عن اسمه. واستقال جميع أعضاء اللجان التابعة لاتحاد كرة القدم التركي في عطلة نهاية الأسبوع للسماح بعملية «تفتيش أمني» تهدف للتأكد من عدم صلتهم بحركة غولن. وأعلن ماريو جوميز، مهاجم نادي بشكتاش، استقالته بسبب الوضع السياسي. وتعرض أكثر من 60 ألف شخص في الجيش والقضاء والحكومة ومجال العمل الأكاديمي والتعليم والإعلام وقطاعات أخرى، إما لوقف العمل أو الاستجواب للاشتباه في صلاتهم بغولن المقيم في أميركا منذ عام 1998. وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الحصيلة النهائية لحملات التصفية والتطهير حتى مساء أول من أمس (الثلاثاء)، قائلا إنه «تم اتخاذ إجراءات بحق 62 ألفا و10 أشخاص. تم توقيف 58 ألفا و611 شخصا من بينهم، وإقالة 3 آلاف و499 آخرين». في الوقت نفسه، جدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس أمام المؤتمر الاستثنائي لهيئة الشؤون الدينية حول الانقلاب العسكري، عزم الدولة التركية على متابعة تطهير مؤسساتها من وجود عناصر الكيان الموازي، مؤكدا أن الدولة لن تتسامح مع من يستمر في العمل مع هذه المنظمة «الإرهابية»، موضحا أنه لن يتم التهاون حتى مع الطبقة التي كانوا يصفونها بالطبقة الدنيا التي تتبع المنظمة بهدف تعلّم العلوم الدينية منها. وتابع إردوغان أنه «لولا التدابير التي اتخذناها عقب عمليات 17 - 25 ديسمبر (كانون الأول) 2013 (تحقيقات الفساد والرشوة الكبرى في تركيا التي طالت وزراء ومسؤولين في حكومة إردوغان في ذلك الوقت)، وعلى الأخص في الجهاز القضائي لكان من الممكن ألا تقتصر المحاولة الانقلابية على مجموعة إرهابية مسلحة في القوات المسلحة، لربما واجهنا تهديدا أكبر يشارك فيه عناصر من الشرطة والقضاء وكبار موظفي الدولة». وقال إردوغان: إن «مرحلة التشكيك بإرهابية (الكيان الموازي) انتهت تمامًا، وبدأت مرحلة مكافحتها». وأضاف: «للأسف ما زال هناك البعض غير مؤمن بحقيقة الكيان الموازي، وما زال هناك من ينظر ولا يستطيع رؤية الحقيقة، بعد الآن انتهت مرحلة التشكيك، وبدأت مرحلة المكافحة». واعتبر إردوغان أن تركيا كانت مسرحا للكثير من الأحداث خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأن محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت منتصف يوليو الماضي، كانت الأكثر دموية وجرأة. وذكر إردوغان أن من أهم خصائص منظمة الكيان الموازي الإرهابية التي تهدد بقاء الأمة والدولة التركية، إظهار نفسها على أنها مؤسسة تهتم بشؤون الدين والتعليم، مشيرا إلى أن تعاظم قوة هذه المنظمة داخل تركيا منذ 40 عاما، يعود إلى هذه الخاصية. أما على صعيد التحقيقات مع العسكريين المشاركين في محاولة الانقلاب، أقر النقيب طيار حسين تورك، أحد المتورطين في قصف البرلمان ومقر القمر الاصطناعي التركي (توركسات) ليلة محاولة الانقلاب بالاتهامات الموجهة إليه خلال إدلائه بإفادته، قائلا: «نفّذت الأوامر التي تم تكليفي بها لاعتقادي أنها تتوافق مع القانون وصادرة من داخل السلطة».
مشاركة :