تتجه السعودية إلى تسريع البت في قضايا ضحايا الحوادث الإرهابية، وفقًا لمسؤول في وزارة العدل. وقال عبد الرحمن بن عبد الواحد بن نوح، وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة «حثت الدوائر القضائية على سرعة البت في قضايا ضحايا الإرهاب، ودعمت المحاكم المتخصصة بالعدد الكافي من القضاة»، مشيرًا إلى أنها تعمل على ذلك «حتى لو اقتضى الحال تكليف الدوائر القضائية بالعمل خارج وقت الدوام الرسمي، للإسراع في إنهاء قضايا الحوادث الإرهابية». وأشار ابن نوح إلى أن مجلس الشورى يدرس حاليًا مشروع «نظام شهيد»، الذي يهدف إلى حفظ حقوق ضحايا الحوادث الإرهابية. وقال: «ينظم مشروع (نظام شهيد) المزايا والخصائص لضحايا الحوادث الإرهابية من رجال الأمن، ويحدد المبالغ التي تصرف لهم ولذويهم، ويشتمل على كثير من المزايا المالية والوظيفية لضحايا تلك الحوادث وأبنائهم وزوجاتهم وأسرهم، كما ينص على إشراك مؤسسات المجتمع المدني في تقديم الدعم اللازم والممكن لضحايا تلك الحوادث». ولفت إلى أن السعودية شرعت في حزمة من الإجراءات القانونية والمؤسسية لدعم ضحايا الأعمال الإرهابية الواقعة على أرضها، وبما يسهل لهم عملية التقاضي وتوفير الحماية، وتعويض الضحايا عما مسهم من ضرر جراء تلك الأعمال الشنيعة. وعن تجربة الوزارة في إنشاء قضاء متخصص لمحاكمة مرتكبي الأعمال الإرهابية، أشار وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية إلى أن هذه المحكمة بعد مزاولة اختصاصها شهدت تميزا نوعيا في عملها، وأداؤها انعكس بشكلٍ إيجابي على منجزات المحكمة في أدائها لمهماتها السامية في دفع الإرهاب ومحاكمة المتهمين به، ومن شأن تخصيص القضاء للحوادث الإرهابية أن يعين ضحايا الحادث الإرهابي على المطالبة بحقوقهم. وتطرق ابن نوح إلى تمكين ضحايا العمليات الإرهابية من المطالبة بالقصاص، مشددًا على أن القصاص ليس مقصورًا على القصاص في النفس وحسب، كما يعتقد بعض الضحايا، بل للمجني عليه في الحوادث الإرهابية إذا أصيب إصابة دون القتل، كأن يفقد شيئا من أعضائه أو أطرافه، أن يطالب بالقصاص من الجاني، فإذا فقد عضوًا من الأعضاء مثل العين جاز له المطالبة بالاقتصاص من مرتكب الحادث الإرهابي. وكذلك الجروح يقتص فيها من الجاني ما أمكن، إذا أمن الحيف والجور، بحيث لا يصيب الجاني أكثر من جنايته، أما الأطراف فضابط القصاص فيها أن كل طرف له مفصل معلوم، مثل المرفق، والكوع، ففيه القصاص، وما لا مفصل له فلا قصاص فيه، لأنه يمكن المماثلة في الأول دون الثاني، فيقتص ممن قطع الأصبع من أصلها، أو قطع اليد من الكوع أو المرفق، أو قطع الرجل من المفصل، أو فقء العين، أو جذع الأنف، أو قطع الأذن، أو قلع السن، ونحو ذلك. وحول تمكين ضحايا الإرهاب من المطالبة بالديات، قال ابن نوح: «قد لا يكون لدى ضحية العملية الإرهابية الرغبة في المطالبة بالقصاص، ففي هذه الحالة لا يضيع حقه هدرًا، بل يجيز له القضاء المطالبة بالدية»، مشيرًا إلى القرار الصادر سابقًا من الهيئة العامة للمحكمة العليا، والمتضمن أن تكون دية الخطأ ثلاثمائة ألف ريال سعودي، ودية العمد أربعمائة ألف ريال سعودي، وأن تكون دية ما دون النفس من الأعضاء والمنافع والشجاج بنسبة ما ذكر في دية العمد والخطأ. ورغم شناعة جرم الإرهاب وتمويله، وما يتسبب فيه من مفاسد وأضرار في النفس والمال والمنشآت والمنجزات، فإن النظام القضائي بالسعودية يؤكد العدل مع متهمي هذا الجرم ومموليه. وشرح وكيل وزارة العدل ذلك بأن الأنظمة المتعلقة نصت على التعامل مع الإرهاب ومموليه بتطبيق أعلى معايير العدالة أثناء التحقيق معهم ومحاكمتهم، فالمتهم في قضايا الإرهاب وتمويله يتمتع بدرجات التقاضي المتاحة كافة (الدرجة الأولى، ودرجة الاستئناف)، كما تخضع الأحكام الصادرة لسلطة مراقبة المحكمة العليا. وتنص المادة الثامنة من نظام جرائم الإرهاب وتمويله على أن «تتولى المحكمة الجزائية المتخصصة الفصل في الجرائم المنصوص عليها في النظام، ودعاوى إلغاء القرارات ودعاوى التعويض المتعلقة بتطبيق هذا النظام، وتستأنف أحكامها لدى محكمة الاستئناف المتخصصة، ويجوز الاعتراض على أحكامها أمام دائرة متخصصة في المحكمة العليا». كما نصت المادة العاشرة من النظام ذاته على أنه «يحق لكل متهم في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام أن يستعين بمحام ممارس للدفاع عنه، قبل رفع الدعوى إلى المحكمة بوقت كاف، تقدره جهة التحقيق». وذكر وكيل وزارة العدل للشؤون القضائية أنه إذا كان المتهم في قضايا الإرهاب وتمويله لا يستطيع توكيل محام للدفاع عنه، تؤمن وزارة العدل محاميا ممارسا يتولى الدفاع عنه إذا أراد ذلك. كما تطرق إلى الجانب المعنوي والنفسي في دعم ضحايا الإرهاب، مشيرًا إلى أن منها زيارات كبار المسؤولين في الدولة لضحايا الحوادث الإرهابية، وتسيير الحملات الميدانية التعريفية بـ«شهداء» الواجب من ضحايا العمليات الإرهابية، وإنشاء الأوقاف لهم، والتثقيف الإعلامي والبحثي في موضوعات الإرهاب وجرائمه وتمويله، والتوعية العدلية، ومشاركات وزارة العدل في المؤتمرات والاجتماعات وورش العمل الداخلية والخارجية المتعلقة بضحايا الحوادث الإرهابية.
مشاركة :