محمد هاني عطوي شخصية الممثلة تشارليز ثيرون تتشابه كثيراً مع الدور الذي تؤديه في فيلم الوجه الأخير، فهي تلتزم حتى 200% في معارك إنسانية، كما هي الحال في أفلامها، بل إن صاحبة الوجه الإعلاني لعطر ديور أعشق تحافظ على شخصيتها وملامحها كونها نجمة وأيقونة جمال، خرجت للتو من العصر الذهبي لهوليوود. من غرفتها الفاخرة في ذلك القصر الذي يقبع في مرتفعات هوليوود، بدأت هذه النجمة تتحدث عن التزامها ب إفريقيا حيث أسست مشروع التوعية بإفريقيا في العام 2006 لمحاربة الإيدز، كما تحدثت عن طفليها بالتبني، جاكسون 4 سنوات، وأوغيست فتاة انضمت إلى الأسرة في الصيف الماضي، وتحدثت عن الوجه الأخير، الفيلم الذي صورته مع زوجها السابق شون بن. في هذا الحوار الذي أجرته معها مجلة إيل الفرنسية، تعطيك تشارليز ثيرون الانطباع بأنها امرأة قوية ومتوازنة ومتحررة، بل وربما ينتهي بك الأمر بالاقتناع بأنك أمام شخصية عادية للغاية، لو لم تكن تمارس هذا العمل غير العادي : التمثيل، لاسيما أفلامها المدهشة فهي منذ بداية مسيرتها، واصلت اختيار الأدوار الأكثر تطرفاً، والأكثر إثارة للقلق كظهورها في دور سفاحة في الوحش في العام 2003، والذي زادت من أجله وزنها 15 كيلو، وحاولت تقبيح شكلها قدر الإمكان، علماً بأن هذا الدور أكسبها جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عام 2004، وصولاً إلى ماد ماكس وغضب الطريق في العام الماضي، حيث ظهرت حليقة الرأس وذات ذراع مبتورة، كما لو أن هذه الشخصيات المجنونة قد سمحت لها بأن تصحح مناطق الظلال الأكثر عتمة في مسيرتها الفنية. وإلى ما قالته في الحوار: * في السينما تجسدين شخصيات متطرفة، ربما تتجاوزين فيها الحدود، بينما في حملات ديور الدعائية تجسدين مخلوقة شقراء فائقة الجمال. فإلى أي امرأة تشعرين أنك أقرب؟ - أزعم بأنني أمثل كل الشخصيات لأنني أعتقد أن النساء هن كل هذه الشخصيات في الوقت نفسه. ومن الخطأ أن نعتقد أنه لا يمكننا أن نكون إلّا شخصاً واحداً، كأم أو امرأة فاتنة، ربة منزل أو فتاة تعمل.. النساء عانين الكثير في الماضي، لأنهن وضعن في خانة ضيقة جداً، بينما هن مثل الرجال، يمتلكن وجوهاً متعددة. * في بداية حياتك المهنية ابتعدت عن أن تكوني عارضة لكنك اليوم مع ديور، وكأنك تضطلعين جيداً بهذا الدور كمروجة إعلانية وامرأة تفخر بجمالها. فما الذي تغير بالنسبة لك؟ - يجب أن نتذكر أنه عندما بدأت، لم يكن هناك عارضات أصبحن ممثلات. وكان ذلك أمراً غير محمود البتة من قبل الآخرين. وإذا كان قد حدث ذلك، فأظنه حدث مع فتيات بلا موهبة، وأنهن استغللن جمالهن ليصبحن ممثلات. ولذلك حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن دور العارضة، لأكون قادرة على فرض نفسي كممثلة. ولحسن الحظ، تغيرت الأمور كثيراً خلال عشر سنوات، ولم تعد هناك مثل هذه الحدود. ومن دواعي سروري أن أكون مروجة لعطر ديور. * وبعد مضي عشر سنوات كيف هي هذه العلاقة؟ - إنها علاقة أسرية، إذ لا يمكنك العمل مع أناس طوال هذه الفترة، من دون إقامة علاقات مبنية على الثقة معهم، ودون الشعور بأنهم جزء من فريق. خلال الحملات الدعائية للعطر الذي يحكي قصة، وهو أمر مهم جداً بالنسبة لي، بنينا روابط قوية وحقيقية، جعلتني أشعر بالراحة. وفي النهاية تكون قد أديت عملاً مع أناس تنظر إليهم كأصدقاء. * يقول البعض إنك بعيدة المنال، ومتحفظة وكتومة جداً. فكيف تعيشين كممثلة، شعور الاستعراض والتباهي بجسدك وطولك الفاره في أفلامك؟ - أنا لا أتباهى بجسدي في الأفلام بل ألعب دوراً. وهناك سوء فهم شائع، بأن الممثلة يجب أن تكشف عن سوأتها. لا أعتقد ذلك، وإذا كنت لا أقدم قطعة من حياتي الخاصة للجمهور، فهذا من أجل الحفاظ على سلامة توازني العقلي. فأنا أريد أن أعود إلى البيت مساء وأشعر بأن جزءاً مني لا يزال سراً لم يمسه أحد. * ماذا أضافت لك السينما؟ - لعب الأدوار بالنسبة لي، كان دائماً وسيلة لاكتشاف حالة الإنس ان. فمن خلال الأدوار نصل إلى معرفة للوجود لا تسمح لنا بها الحياة العادية. وهذه هي الحال في جميع الفنون، حيث نصل إلى مستويات من الوعي، تتجاوز التجربة اليومية. * قلت مرة إنك في بداياتك كنت تحلمين برؤية اسمك على لوحة في شارع الغروب.. فبماذا تشعرين اليوم؟ - أنا قلت ذلك؟ لا أعتقد! لقد كان حلمي الأكبر في ذلك الوقت أن أنجح في فني. وأنا أعرف الكثير من الممثلين الذين لم ينجحوا حتى الآن، فاضطروا للعمل في وظائف أخرى. إنه أمر صعب جداً لذا أشعر بأنني محظوظة للغاية. * كيف تشعرين بعدما حققت رغباتك، وما الذي يحفزك على المضي قدماً؟ - دائماً الفكرة نفسها، وهي رواية القصص. أجد نفسي راوية أكثر من ممثلة سواء عندما أجسد شخصية أو عند إنتاج الأفلام من خلال شركتي الخاصة. وأعتقد أن المشاركة في خلق قصة تحركني، تجعلني أفكر، وتجعل الحياة أكثر إثارة، ولا شيء أفضل من ذلك. * يقولون إنك قريبة بشكل خاص من والدتك. فما هو دورها في حياتك؟ - إنه دور رئيسي، فنحن نلتقي دائماً ونناقش المواضيع كافة، ولكن هذا لا يعني أننا نتفق في كل شيء! إنها شخصة قوية جداً، عاقلة وتشعرك بالأمان. تحب الناس، وهي قادرة على الاستيقاظ في الخامسة صباحاً كي تمارس رياضة المشي لمسافات طويلة مع الأصدقاء. إنه أمر يدهشني حقاً، كما أنها لا تخشى من حزم حقيبتها بين عشية وضحاها لمرافقتي لمدة ثلاثة أشهر لتصوير فيلم في المجر مثلاً وممارسة دور مربية الأطفال! * تبنيت طفلين في السنوات الأخيرة، فماذا تغير في حياتك؟ - كل شيء تغير، لقد بذلت الكثير من أجل أن أصبح أماً، وهذا ما أردته بحماسة منذ فترة طويلة، والأمر ليس من السهولة بمكان، حتى عندما نكون من المشاهير. ولكن عندما أمسكت بأولادي بين ذراعي، تجاوز هذا الشعور حد السعادة، وكل ما كنت أتوقعه. اليوم أصبح هذا مصدر فرح يومي لي، إنه أقوى من أي شيء آخر، بل وأقوى من مسيرتي الفنية كلها. عندما تتبنى طفلاً يجب أن يكون ذلك دون دوافع خفية. وإذا كنت قد بدأت في هذا، فلأنني كنت على قناعة تامة بأنني قادرة على الوفاء بدوري كأم، وإعطاء أولادي كل الحب والاهتمام الذي يحتاجونه. تعلمت منذ زمن طويل أننا لا نتحكم في كل شيء في الحياة، ولذا تكيفت مع الأمر وأنا إنسانة براغماتية. * في أحدث فيلم لك مع شون بن الوجه الأخير تجسدين امرأة تعمل في منظمة غير حكومية في إفريقيا. فهل هذا الدور قريب من خبرتك كنجمة ناشطة؟ - ليس حقاً. فأنا شخصية مهتمة بالفعل في المجال الإنساني. ومع مشروع التوعية بإفريقيا، أحاول بتواضع أن أحيط نفسي بأشخاص من ذوي الخبرة، وأتعلم قدر الإمكان عن المناطق التي أتدخل فيها، وأصل إلى الميدان لفهم حقيقة ما يحدث هناك. * في هذا الفيلم، الشخصيتان متحابتان، ولكن لكل منهما رؤية لعملهما لدرجة أنها تكون سبباً في انفصالهما. - الشخصية التي أجسدها تعتقد أن مشاكل الفقر يجب أن تحل على نطاق واسع، وكلياً، في حين أن الطبيب الذي يجسد شخصيته خافيير بارديم، يجد حاجة لمساعدة الناس على حدة، وفي ما وراء القضايا الإنسانية في الفيلم، نجد أن الاختلافات في القناعة تؤدي إلى أنماط تخصنا جميعاً. فنحن أحياناً نحب بحماس شخص ما، ولكن عالمنا، ومعتقداتنا تتعارض تماماً معه. * أنت شخصية ملتزمة جداً، تعملين في محاربة الإيدز والعنف الجنسي في إفريقيا، وفي المقابل تطالبين بتحقيق المساواة بين الجنسين؟ - إنها شخصيتي، أنا إنسانة ناشطة جداً تحب التفاعل والانخراط بقوة في القضايا المهمة. وحتى لو لم أكن مشهورة فأنا من النوع الذي يكتب لنائبه! لقد نشأت في بيئة وظروف فيها ظلم كبير، وهو التمييز العنصري. عندما ترى ما رأيت في طفولتي في جنوب إفريقيا، لا يمكن للمرء إلّا أن يشعر بالقلق، وبأنه معني بهذا الأمر.
مشاركة :