اعترفت إيران بتكبدها ضحايا مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في حلب. وأعلن المسؤولون حتى الآن، في خضم الهجوم الأخير في جنوب غربي حلب، عن مقتل خمسة من الجنود الإيرانيين. وقال البيان إن المقاتلين الإيرانيين الخمسة قتلوا في حلب على أيدي «الإرهابيين التكفيريين» (ويستخدم النظام الإيراني الحاكم هذا التوصيف إزاء كافة قوات المعارضة السنية وليس مع المتطرفين منهم فحسب). وتابع المسؤولون الإيرانيون تصريحهم بأن الجنود لقوا مصرعهم أثناء تأدية المهام الموكلة إليهم. كما أعلن عن مقتل طبيب من قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني يوم الثالث من أغسطس (آب) الحالي. وأعلن أحد قادة الحرس الثوري في نفس اليوم عن مقتل أحد قادة شعبة (فاطميون) الأفغان في سوريا. وأعلن المسؤولون أيضًا عن مقتل محارب قديم من أردبيل من الذين شاركوا في الحرب الإيرانية - العراقية في الأول من أغسطس الحالي، والذي كان عضوا في قوات الباسيج شبه العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني. وتقول صحيفة «لونغ وور جورنال» إن صورا ظهرت لمراسم استقبال الجرحى والمصابين على مواقع التواصل الاجتماعي الموالية لقوات الحرس الثوري الإيراني في الأول من أغسطس، وهي الصور الخاصة برائد من قوات الحرس كان قائدا لكتيبة الإمام الحسين رقم 102 والمتمركزة في هاراند من أعمال محافظة أصفهان الإيرانية. ولقي مقاتل من جنود الحرس الثوري الإيراني مصرعه أيضًا يوم 31 يوليو (تموز) الماضي، وهو من وحدة متمركزة في إقليم البرز الإيراني، والذي أعلن عن وفاته في اليوم التالي لمصرعه. ولقي الملازم الثالث محمد مرادي بالجيش الإيراني مصرعه كذلك في حلب يوم الأول من أغسطس. وتفيد التقارير الواردة بوقوع قتال عنيف للسيطرة على كلية المدفعية في حلب الواقعة إلى جنوب غربي المدينة. وقبيل انتقاله للقتال في سوريا كان الملازم مرادي يخدم في المجموعة 22 مدفعية في إقليم شاه رضا في محافظة أصفهان. ويلفت أمير توماج وهو باحث في (معهد الديمقراطية)، إلى أن مصرع ضابط المدفعية الإيراني يشير إلى أن عناصر من الجيش النظامي الإيراني مستمرة في التدفق إلى الداخل السوري كجزء من الحملة العسكرية التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني هناك. وقد أكد قادة الجيش الإيراني علانية في أبريل (نيسان) الماضي عن انتشار القوات الخاصة التابعة للجيش الإيراني في سوريا، بعد أسابيع من التلميحات والتصريحات عن استعداد الجانب الإيراني توفير الخدمات العسكرية داخل سوريا. وتعرضت القوات الخاصة الإيرانية للهزيمة في أولى معاركها الكبرى في حلب على أيدي مقاتلي تنظيم جبهة النصرة، وهو ذراع تنظيم القاعدة هناك، والذي أصبح يحمل الآن اسم جبهة فتح الشام. وقد اعترفت إيران بمقتل سبعة من عناصر القوات الخاصة بالجيش الإيراني في أبريل الماضي. وبدعم من القوات الجوية الروسية، نجحت قوات الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات المدعومة من إيران، وبعض الحلفاء الآخرين، من تطويق مدينة حلب خلال الأسبوع الماضي. وفي أوائل يوليو، شنت القوات الموالية للنظام السوري الحاكم عملية عسكرية تهدف إلى ربط القوات من شمال وغرب المدينة عند طريق كاستيلو، وهو آخر طرق الإمدادات لدى قوات المعارضة في المدينة. وأكد الحرس الثوري الإيراني مصرع خمسة من جنوده خلال سير العملية العسكرية المشار إليها، ومن بينهم رائدان في الجيش سقطا يوم 13 يوليو . كما لقي ما لا يقل عن 42 من عناصر الميليشيات الأفغانية والباكستانية مصرعهم خلال الشهر الماضي، مع مقتل العشرات من الجنود الآخرين قبل 21 يوليو. وتمكنت قوات النظام، ووحدات الحماية الشعبية الكردية، إلى جانب القوات الروسية من شن آخر الهجمات المسجلة خلال الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن استكمال تطويق مدينة حلب. لعبت قوات الحرس الثوري الإيراني الدور الأساسي في استكمال حصار حلب في فبراير (شباط) الماضي، حيث تمكنت من قطع طريق إمدادات قوات المعارضة مع تركيا بمعاونة قوات الحماية الشعبية الكردية، والقوات الروسية، والميليشيات المدعومة من إيران بما في ذلك عناصر ما يسمى «حزب الله» اللبناني، والميليشيات الشيعية العراقية، وشعبة الفاطميون الأفغان، وما يسمى بـ«قوات الدفاع الوطني السوري». ودفع الحرس الثوري الإيراني بالمزيد من قواته البرية في تلك العملية التي أسفرت عن مصرع 40 من ضباط وجنود الحرس من بينهم ضباط برتب كبيرة حتى مستوى العميد. ويفضل الحرس الثوري الإيراني الاعتماد على الوكلاء الأجانب في توفير جنود المشاة داخل سوريا والذين يوفر لهم ضباط الحرس الثوري المشورة العسكرية وقيادة العمليات، على الرغم من أن القيادة العليا للحرس الإيراني لم تتردد في الدفع بقواتها البرية النظامية كلما لزم الأمر. ويؤكد التدخل العسكري الإيراني في حلب على الأهمية الاستراتيجية للمدينة بالنسبة للنظام في طهران. ويؤكد أمير توماجو، أن النجاح المحتمل لجيش الفتح في كسر الحصار المضروب حول المدينة، سيشكل انتكاسة كبرى من الناحية العسكرية، ولكن إيران وحلفاءها مصرين على تحقيق النصر في حلب، أو على أدنى تقدير الوصول إلى الحل السياسي عبر الوسائل العسكرية. وخسرت قوات الحرس الثوري الإيرانية في 6 مايو (أيار) الماضي، مدينة «خان طومان» السورية التي تقع استراتيجيا على مقربة من طريق حلب – دمشق جنوب غربي حلب في معركة أمام «جيش الفتح»؛ وهو تحالف من الجماعات المعارضة. وبعدها نشرت جبهة النصرة، وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتشددة مقطع فيديو للهجوم وتداعياته على وسائل التواصل الاجتماعي، تضمن صورا للأسرى والجثث. وحظي ذلك الهجوم باهتمام واسع النطاق في إيران؛ حيث وصف بعض المراقبين ذلك الحدث بأنه أسوأ خسارة يتعرض لها الحرس الثوري في الحرب السورية. ووفقًا لتقرير غير مؤكد نشره الموقع الإيراني «جام نيوز»، ونقلته الشقيقة مجلة «المجلة» الشهر الماضي، قتل 80 مقاتلا من الموالين للحكومة بما في ذلك أعضاء في «لواء الفاطميين» الأفغاني، وما يسمى «حزب الله» اللبناني، والحرس الثوري. ويظهر مقطع فيديو بثته شبكات التواصل الاجتماعي عددا كبيرا من الأفغان والإيرانيين وربما بعض مقاتلي ما يسمى «حزب الله» بين القتلى. كما أعلنت أيضًا «حركة النجباء»، وهي الحركة الشيعية العراقية التي تدعمها إيران عن مقتل 11 عضوا من أعضائها في الهجوم. كما انتشرت رسالة كان يتم تبادلها بين الأفغان المحاصرين في خان طومان نظرًا إلى نهايتها المنذرة: «إن شاء الله سنكون من الشهداء وليس من الأسرى».
مشاركة :