متابعة - صالح القثامي ( صدى ) : نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية تحقيقًا خاصًا وحصريًا كشفت فيه أمام الجمهور الإسرائيلي عن الوحدة المميزة التي تؤمّن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله. ووفقًا للتقرير، تعمل الوحدة التي تضمّ نحو 150 حارسًا بإشراف الأمن الداخلي لوفيق صفا بعدّة دوائر أمنية. غالبًا، يكشف الجمهور فقط الدائرة الأمنية القريبة، المكوّنة من فريق الحراسة الشخصي لنصر الله: نحو 20 حارسًا من ذوي الخبرة والموثوق بهم بقيادة رئيس فريق الحراسة، أبو علي جواد، والذي تم تدريبهم لهذه المهمّة فقط. بقية القوة، في الدائرة الثانية، مكوّنة من نحو 130 رجل أمن داخلي يوفّرون مساعدة في عملية التأمين وقت الظهور في قاعة أو ملعب. يخدم رجال الدائرة الثانية كمراقبين، حراس للبوابات، حراس خفيين بل وقنّاصين على أسطح المنازل، وأضيفت مؤخرًا للدائرة البعيدة قوى الأمن الداخلي للجيش اللبناني أيضًا. تم تعزيز الترتيبات الأمنية حول نصر الله بشكل كبير بعد اغتيال أسامة بن لادن في عام 2011. وأفاد مسؤولون كبار في لبنان بأن نصر الله قد بدّل مكان اختبائه في مربّع الضاحية الجنوبية في بيروت، وأنه قد تم تشديد الحراسة حوله، فإذا كانت تتم مشاهدة حسن نصر الله حتى حرب لبنان الثانية حين يرافقه حارس أو اثنين، فبعدها فإنه يتحرك خارج القبو حين يكون محروسًا عادة بفرقة من الحراس بتشكيل القنفذ. وفي الآونة الأخيرة، مع كثرة التهديدات، فإنه يؤمَّن بحراسة مرافقة ومكثّفة بشكل خاص من خلال حراس قادرين على توليد القوة بواسطة بنادق الاقتحام. كانت إحدى المرات المثيرة للاهتمام ظهور نصر الله خلال الاحتفال بإحياء عاشوراء في حزيران 2011، وهي إحدى المرات القليلة التي تعرّض فيها للجمهور مباشرة. وبمجرّد الخروج من المجمّع الآمن، يتغلّب رئيس أمن نصر الله على الدائرة الداخلية وفقًا لمتطلبات العمل، ويتأكد من تخطيط الدوائر الداعمة بالتوافق مع مكان الموقع والحالة الأمنية المختارة للموقف، هذا ما قاله لصحيفة معاريف عقيد متقاعد في خدمة الاحتياط الذي كان رئيسًا لوحدة حماية شخصيات مهمّة في الجيش الإسرائيلي. في نفس الوقت، يتم إغلاق جميع الشوارع في منطقة الملعب أمام حركة السير منذ الساعة الرابعة صباحًا. وشكّل نحو 20 من حراسه الشخصيين، بقيادة حارسه المرافق أبو علي جواد، مساحة فاصلة على شكل علبة، وقاموا بشقّ طريقهم في الحشود من أجل الوصول إلى منصّة الاحتفال.وانضم إلى تلك الحلقة البشرية أيضًا حراس الأمن الداخلي، الذين يهتمون بتقديم المساعدة في دفع الجمهور المحموم جدّا، من أجل تمكين القوة الأمنية من الوصول إلى الجهة الأمامية من المنصّة، وبدا حراس نصر الله متوتّرين جدًا من الجهد، ولكن على ما يبدو أيضًا، بسبب الخوف على مصيره. واستمرّ ظهور نصر الله لستّ دقائق فقط، من لحظة صعوده إلى المنصّة وحتى تركها، عائدا لأحد الشوارع الجانبية التي تؤدّي إلى القبو الذي جاء منه. وقبل عدّة دقائق من نزوله عن المنصّة شوهد حرّاسه يعانون مما بدا وكأنه مشكلة في الاتصال، بدلالة أنهم جميعهم أزالوا السماعات. أحد مديري عملية الوصول والخروج حدّق أكثر من مرة في السماء، كما لو كان خائفًا من طائرة استطلاع إسرائيلية تحلّق فوق بيروت في نفس الوقت. وقد تمّ اختيار هؤلاء الحرّاس بعناية، وهم يرافقون نصر الله في كل لحظة من حياته. في الشقة التي يختبئ بها نصر الله، مكث كما يبدو بمرافقة دائمة لبعض الحراس المسؤولين عن سلامته الشخصية، هم الوحيدون الذين يبقون مع المحميّ في روتينه اليومي، وأخذ في الحسبان من بنى لنصر الله قبوَهُ سكن حراسه المرافقين له أيضًا، وقد سُخّر هؤلاء الجنود قبل سنوات لهذه المهمّة فقط، وهم يرافقون نصر الله نهارًا وليلا، وربما لا يعيشون حياتهم العادية. يتواجد من بين القائمين على أمن نصر الله، القائد العسكري الأعلى لحزب الله ورئيس العمليات الخاصة، مصطفى بدر الدين، ومستشار الشؤون الاستخباراتية، خليل حارب (حتى 2012)، ورئيس الأمن المركزي ووحدة العلاقات الخارجية، وفيق صفا، ورئيس الفريق الأمني المرافق، أبو علي جواد. وفي لجنة التنسيق أيضًا، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، صفيّ الدين ابن الأربعة والأربعين عامًا، وهو ابن أخت نصر الله ووريثه المرتقب، وهو يقضي ساعات طويلة برفقت، مرافق آخر في القبو هو مساعد نصر الله ومستشاره السياسي المقرّب، حاج حسين الخليل، الذي هو بمثابة شريك له في صلواته اليومية أيضًا.وينبغي ملاحظة أن القبو الشخصي لنصر الله هو مكان مجزّأ بشكل كبير، ومعظم مسؤولي حزب الله، بل الكثير من أبناء عائلة نصر الله نفسه، لا يسمح لهم بالبقاء فيه. ويحرص نصر الله في السنوات الأخيرة على الظهور أمام الجمهور في الأعياد والأحداث الكبرى. وتتم إقامة مناسبات ظهوره عادةً في واحد من موقعين ثابتَيْن، واللذين صممت لهما خطة تأمين مسبقًا: مجمّع سيّد الشهداء المغلق والذي في مربّع الضاحية، وملعب الرعية؛ وهو ملعب كرة قدم يتواجد على مسافة نصف كيلومتر من مركز الضاحية، والذي تحوّل إلى نوع من ساحات الاحتشاد من أجل استقبال أحمدي نجاد في تشرين الأول عام 2010، لدى زيارته التاريخية إلى لبنان. وقد تم تحديد مدّة ظهور نصر الله أمام الجمهور كما يبدو وفقا لأهمية المناسبة وللمعلومات الاستخباراتية التي تُجمع بخصوص درجة التهديدات في تلك اللحظة. وقد كان ظهوره خارج القبو متمثلا بأحداث ذات أهمية تتراوح بين بضع دقائق وساعة كاملة. ويبذل النظام الأمني لنصر الله اهتمامًا بالمظهر الخارجي الذي يبرزه فريق التأمين، ويبدو التأمين متناغمًا ومدارًا عادةً بواسطة شخص معيّن. اللباس مميّز ومثير للإعجاب، ويستخدم من أجل إضفاء صورة وطنية على النظام الأمني، جاهز للمعركة وقوي، يشكل كل ذلك جزءًا من الردع. ويهدف توحيد الزيّ أيضًا إلى الكشف عند وقوع حادث، وأحيانًا من خلال وسم الدائرة الثانية بقبّعات سوداء واقية المخصّصة لرجال الأمن الداخلي التابعين لوفيق صفا. في مثل هذه الأحداث يكون جميع الفريق مستعدّا لأقصى حدّ ومتوتّرًا بشكل ليس عاديًا. أكثر من مرة، هناك صور ليست مجاملة لنصر الله وحراسه وهم يتصبّبون عرقًا، خصوصًا بسبب السترة الواقية الضاغطة ولكن أيضًا في ضوء تهديد حياة المحميّ. في حالة نصر الله، الذي يقف على رأس تنظيم إرهابي، فإن التهديد يأتي من إسرائيل، المملكة العربية السعودية بل ومن الولايات المتحدة. وقد أضيفت إلى أولئك مؤخرًا تهديدات داخلية، من مجموعة جهادية لبنانية تعمل بدعم من القاعدة والمعارضة السورية. في الكثير من الصور يمكن أن نرى بأنّ حراس نصر الله يستخدمون سترات واقية كيفلر، لهدف مزدوج: من أجل مواصلة العمل في حالة الإصابة، وفي المقابل ليُشكّلون جدارًا حيًّا يفصل بين خطّ النار وبين نصر الله. وقد زُوّد الحراس أيضًا بسمّاعات رأس، يتلقّون من خلالها التحديثات والتوجيهات من الأعلى، ويمكنهم تلقي وإرسال رسائل حول تحديد علامات مشبوهة أو غير طبيعية واحتمال وصول تعليمات لترتيبات النجاة في أي وقت. غالبًا، يخطب نصر الله وهو خلف منصّة محميّة. وحين لا تكون هناك منصّة، ينضمّ إلى دائرة المرافقين له أيضًا حارس مزوّد بحقيبة “كيفلر”، وهي حقيبة خاصّة تُفتح عند وجود محاولة اغتيال وتستخدم كستار أوسع يمكّن المحميّ من الخروج. ويستخدم ستار الـ “كيفلر” كجدار يحمي من الرصاص وشظايا الانفجار، لتوفير الحماية لنصر الله في حال حصول محاولة اغتيال التي تتطلّب إنقاذه تحت إطلاق النار. وقد ظهر النموذج الذي شوهد بيد حارس نصر الله في الآونة الأخيرة أيضًا في مرات الظهور العلنية الأولى للرئيس حسن روحاني، وليس مصادفة: أن تقدّم إيران منذ سنوات لحزب الله، ومؤخرًا للأسد، مراقبة عن كثب من قبل خبراء في النظام الأمني من الحرس الثوري، وقد أرسل قائد الحرس، العقيد إبراهيم الجعبري، إلى دمشق مع اندلاع الحرب الأهلية من أجل تنسيق الترتيبات الأمنية للأجهزة الإيرانية، ولأجهزة حزب الله في سوريا.
مشاركة :