سمير عطا الله: ميثاق لا قرار فقط

  • 2/6/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز حول معاقبة من يعتدي من السعوديين على أمن سواه في الخارج، يجب أن يتحول إلى ميثاق تعمل به الدول الأخرى.. فالخارجون للقتال في كل مكان، لا يأتون من السعودية وحدها، بل لهم منابع كثيرة. ولا يمكن أيضا النظر إلى القرار بوصفه خطوة منفردة، وإنما بوصفه واحدا من مجموعة مبادئ وضعها الملك عبد الله بن عبد العزيز على أساس أن تتحول إلى نهج دولي، كان أولها إنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب، وثانيها إقامة مؤسسة حوار الحضارات. وكان المقصود بالمبادرات الثلاث أن تتحول إلى تجمع دولي، ليس فقط لمكافحة الإرهاب المتفلت حول العالم، وإنما أيضا لإنشاء سبل التوعية والبناء المشترك وتطوير السعي المتبادل نحو عالم أكثر عدلا وطمأنينة. هذه سياسة عامة وليست قرارا منفصلا. ومن ضمن هذه السياسة كان بيان مفتي المملكة قبل أشهر حول تحريم القتل الانتحاري واستباحة الدماء والأرواح في أي مكان وكيفما اتفق. ومثل هذه السياسات الشجاعة والنبيلة، ليست مسؤولية السعودية وحدها، بل هي مبادرة تاريخية يجب أن تنضم إليها الدول المعنية من إندونيسيا إلى اليمن، ولو اختلفت القوانين أو تراوحت في تفاوتها. ولا ندري أي دولة ليست معنية في عالم اليوم؛ من روسيا إلى أميركا ومن لبنان إلى بورما. وقد كان اللبنانيون يظنون أن لديهم من العنف والرعب ما يكفي وليسوا في حاجة إلى النسف الانتحاري، فإذا بهم يرون الانتحاريين وقد تركوا رؤوسهم المقطوعة على الطرقات، ومعها طبعا أشلاء ضحاياهم. مثل هذه العدوى - كما سماها عبد الرحمن الراشد - لا توفِّر أحدا، وغالبا ما ترتد على صانعيها ومروِّجيها والساكتين عنها.. ودمى الموت لا تعرف غالبا من يحرِّكها ولماذا.. واليقظة ليست مسؤولية الدول وحدها، بل هي دعوة عامة يشارك فيها الواعون وذوو النوايا الحسنة من الناس جميعا. تجاوز الملك عبد الله بن عبد العزيز، في خطواته السياسية كلها، الأفق المحلي أو الإقليمي للقرار. لم تعد هناك دولة معزولة عن أخرى.. ها نحن نرى انعكاسات الكارثة السورية تترابط مع أزمة أوكرانيا، ولا نعرف إن كانت البراميل السوفياتية القديمة سوف تلقى على مدنها أيضا، لكننا نعرف أن ملايين (صح) الأوكرانيين ماتوا على أيدي الروس فيما كانت موسكو تبحث عن مصالحها بين الجثث والموتى جوعا. لذلك، لا يتوقَّعنَّ أحد أن يرف جفن الرفيق بوتين لصور المجاعات في سوريا، أو جفن وزيره.. حتى التماسيح تدمع أحيانا.

مشاركة :