أكد قانونيون أن ظاهرة الابتزاز الإلكتروني التي انتشرت بالمجتمع في الآونة الأخيرة أصبحت آفة كبيرة يجب معالجتها بشتى الطرق، بخلاف تغليظ العقوبة الجنائية، لأنها قد ينتج عنها تدمير الحالات المتعرضة ذلك وموتها. وأشاروا لـ«^» إلى أن التكنولوجيا الحديثة استغلتها بعض النفوس المريضة لاستقطاب الشباب والفتيات حديثي السن، من خلال مواقع التواصل الوهمية كمواقع الزواج وغيرها ومن ثم تتم عملية الابتزاز سواء بالمال أو طلب أعمال منافية للآداب. وبين القانونيون أن تشديد العقوبة على المدانين ليس حلا كافيا، ويجب عمل حملات توعية ونشر الثقافة القانونية بين الفئات المستهدفة، من خلال برنامج شامل تتعاون فيه الوزارات المعنية كوزارة التعليم ووسائل الإعلام وكذلك الآباء، لمنع وصول هذا الخطر الجسيم لأبناء المجتمع. وكشفوا أن معظم الحالات بالمحكمة تكون ناتجة عن بيع جوالات أو تصليحها، ويقوم بعض الأشخاص باستغلال ما عليها من بيانات في طرق الابتزاز المختلفة، بالإضافة إلى ذلك عبر الشات الإلكتروني من قبل بعض الحسابات الوهمية لفتيات يستدرجون الشباب، وبعدها يقومون بابتزازهم ماديا. من جهته، قال سعادة الشيخ ثاني بن علي آل ثاني المحامي: إن الانترنت أصبح ساحة كبيرة لارتكاب العديد من الجرائم الاقتصادية والأخلاقية، وقد أطلق على هذه الجرائم بشكل عام مسمى الجريمة الإلكترونية، وقد عرفها قانون الجرائم الإلكتروني القطري بأنها أي فعل ينطوي تحت استخدام وسيلة تقنية المعلومات أو نظام معلوماتي أو الشبكة المعلوماتية، بطريقة غير مشروعة بما يخالف أحكام القانون. وأضاف أن من صور الجريمة الإلكترونية الجرائم الأخلاقية، وهي تلك النوعية من الجرائم التي تتضمن العدوان على القيم الأخلاقية المتعارف عليها في النظم الاجتماعية والاقتصادية، وتقوم هذه الجرائم على استخدام الإنترنت، ومن تلك الجرائم ما يعرف بالابتزاز الإلكتروني، الذي يعتمد على قيام المبتز بالحصول على معلومات إلكترونية أو بيانات أو تسجيلات صوتية أو مرئية لشخص آخر، وتهديده بنشرها، ليدفعه للاستجابة لما يطلبه منه. وأردف سعاته، أن الابتزاز الإلكتروني أصبح ظاهرة منتشرة بشكل كبير في الفضاء الإلكتروني، ومن الممكن أن تحدث هذه الظاهرة عن طريق أفراد أو عصابات متخصصة، يتم من خلالها استهداف أشخاص بشكل عشوائي ومنظم، وأصبحت تدر ربحاً كبيراً، في مقابل أن إمكانية الإمساك بالمجرم ضعيفة ويمكنه الإفلات بجريمته، وساعد على انتشار تلك الجرائم عدم تقدير الضحية لعواقب التواصل مع أشخاص مجهولين في الفضاء الرحب الافتراضي، وعدم أخذ الحيطة والحذر، والانسياق خلف أوهام غير حقيقية في الواقع يخدع بها نفسه. وكشف أن أغلب ضحايا تلك الجريمة هم ممن دون سن ال25 عاما، من هواة التعارف والتواصل عبر الإنترنت، الذي يقوم المبتز من خلاله باستدراج ضحيته ليتمكن من الحصول على صور خاصة له في أوضاع مشينة، أو إجراء محادثة معه تتضمن ألفاظا غير أخلاقية، ليقوم بعد ذلك بتهديده، إما للحصول على منفعة جنسية أو مادية. وأكد سعادته، أن المشرع القطري سعى إلى محاربة هذه الأنواع من الجرائم، وضمن قانون الجرائم الإلكترونية رقم 14 لسنة 2014 تحديداً لها، وفرض لها عقوبة مغلظة تصل إلى السجن ثلاث سنوات والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، مضيفا أن القانون عَدد الصور المختلفة التي يمكن أن تمارس من خلالها تلك الجريمة، وذلك في المواد 4 و8 و9 من قانون الجرائم الإلكترونية، فجاءت المادة الرابعة لتجرم كل من التقط أو اعترض أو تنصت عمداً، دون وجه حق، على أية بيانات مرسلة عبر الشبكة المعلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، أو على بيانات المرور، وذهبت المادة الثامنة إلى معاقبة جريمة إفساد الأخلاق، التي حددتها في التعدي على أي من المبادئ أو القيم الاجتماعية، أو نشر أخبار أو صور أو تسجيلات صوتية أو مرئية تتصل بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأشخاص، ولو كانت صحيحة، أو تعدى على الغير بالسب أو القذف، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات. وأشار سعادة الشيخ ثاني بن على آل ثاني إلى المادة التاسعة من القانون، التي جاءت لتجرم جريمة الابتزاز الإلكتروني، وحددتها بأنها استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في تهديد أو ابتزاز شخص، لحمله على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويحد من السيطرة على هذه الجرائم المعضلة سببان مهمان هما: قلة وعي المستخدمين، وبالمقابل تطور تكنولوجي هائل، ولا تزال الخطوات التي تحاصر هذه المشكلة دون المستوى، فأي شيء يتم عرضه عبر الإنترنت لا يمكن إزالته. وبين أنه لمواجهة تلك الجرائم لا يجب الاكتفاء بتغليظ العقوبات عليها، لكن يجب العمل على نشر الثقافة القانونية بين الفئات المستهدفة فيها، وأن يكون ذلك من خلال برنامج شامل تتعاون فيه الوزارات المعنية كوزارة التعليم ووسائل الإعلام وذلك لوصول رسالة التوعية لجميع أفراد المجتمع، مضيفا أنه هناك دورا هاما لتواصل أولياء الأمور مع الأبناء، ومعرفة مع من يتواصلون، وإرشادهم وتعريفهم بخطورة الدخول في مواقع التعارف، وعدم الاستجابة بإرسال صور أو معلومات شخصية يمكن أن تستغل ضدهم يوماً ما، وأن يكون النصح والإرشاد بعيداً عن الشدة والعنف، وتعزيز الثقة بالنفس وغرس القيم الروحية والدينية والعادات والتقاليد في نفوس الأبناء. وتابع: كما يجب أن يبادر من يتعرض لمثل هذه الجرائم إلى إبلاغ أجهزة الأمن، للتمكن من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمواجهة تلك الجرائم، فلا شك أن عدم الإبلاغ يزيد من طمع المجرم، ويجعله يكرر جريمته وهو في مأمن من العقاب، مؤكدا أن أهم إجراء يجب أخذه قبل كل ذلك هو استخدام برامج وأنظمة الأمن الإلكتروني بين مستخدمي الإنترنت، لعدم تمكين هؤلاء المجرمين من الوصول إلى البيانات والمعلومات والصور التي تسهل لهم ارتكاب الجريمة. من جانبه قال الخبير القانوني محمد راشد المناعي: في الآونة الأخيرة انتشرت قضايا الابتزاز الإلكتروني التي تهدد أمن وسلامة الأسر، وهي نوع من الجرائم الإلكترونية الحديثة، وتطل برأسها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي يستغلها البعض للإيقاع بالفتيات صغيرات السن. كذلك يتم اصطياد الشباب من قبل بعض العصابات المتخصصة، التي تعمل من خارج الدولة وترمي بسهامها نحو شباب بغرض جني الأموال بطرق خبيثة، عن طريق استغلال فتيات يمثلن دور الحب والهيام للشباب. وأضاف أن جريمة الابتزاز الإلكتروني أصبحت شائعة في المجتمعات العربية، خاصة بعد تطور التكنولوجيا واللهاث وراء الأوهام من قبل بعض الشباب، كالبحث عن عمل أو التزاوج عبر مواقع التواصل الإلكتروني التي تفننت في السيطرة على أفكار بعض شبابنا اليوم. وتابع: أن هذه الجريمة البشعة أصبحت آفة تصيب المجتمعات، وينتج عنها نتائج خطيرة قد تصل إلى موت الضحية أو تدميرها نفسيا، مشيرا إلى أن أغلب المتضررين من الابتزاز الإلكتروني هم من العنصر النسائي. وأشار المناعي إلى أنه في حال التعرض لحالات الابتزاز الإلكتروني لا يتم الرد على المبتز نهائيا، سواء بالتعدي عليه بالسب والقذف أو الإهانة، وأن يتم إبلاغ الجهات المعنية بذلك، وأن يثق الشخص في أن الجهات المختصة سوف تأخذ حقه بالقانون، وأن يكون الفرد لديه الشجاعة بالإبلاغ والتواصل مع أهل الحكمة والمختصين. وأوضح المناعي أن أغلب قضايا الابتزاز التي تتداول بالمحكمة تكون متعلقة باستغلال بعض النفوس المريضة صورا خاصة لإحدى الفتيات للابتزاز، وتكون ناتجة عن بيع جوالات أو تصليحها، ويكون ذلك بدون علم الكثير، ومن ثم يتم الاتصال بالمجني عليهم وابتزازهم، وقضت المحكمة في العديد من هذه القضايا، ولهذا يجب تكثيف حملات التفتيش من قبل الجهات المختصة على محلات الجوالات والتشديد عليهم لمنع تلك الجرائم. ودعا الخبير القانوني إلى أن يستخدم الشباب التكنولوجيا الحديثة في البناء والتطور وخدمة المجتمع، والابتعاد عن العلاقات المشوهة التي قد ينتج عنها أضرار جسيمة تضر بهم وبمستقبلهم، وأن يتم مراقبة الأبناء بشكل متواصل من قبل الآباء.;
مشاركة :