شهدت أسعار النفط سنة حافلة بالأحداث خلال 2016. فقد بدأت الأسعار باتجاه نزولي إلى أدنى مستوى عند 28 دولاراً أمريكياً للبرميل في أواخر يناير/ كانون الثاني بسبب المخاوف من تباطؤ النمو العالمي ومخاطر انخفاض قيمة العملة في الصين. ثم انتعشت إلى حوالي 50 دولاراً أمريكياً للبرميل بحلول منتصف العام، لتعتدل لاحقاً إلى متوسط السعر للسنة حتى الآن والبالغ 42 دولاراً أمريكياً للبرميل. وفي ظل عملية إعادة التوازن الحالية في سوق النفط والتي جاءت أقوى من المتوقع، فقد قمنا بمراجعة تقديراتنا، وعليه فإننا نتوقع الآن أن تكون الأسعار بمتوسط 44.7 دولار أمريكي للبرميل في عام 2016، بارتفاع عن تقديرنا السابق الذي كان 40.8 دولار أمريكي للبرميل. وفيما يلي ذلك، نتوقع أن يؤدي استمرار عملية إعادة التوازن في سوق النفط إلى رفع الأسعار إلى متوسط 55% في 2017 (بارتفاع عن تقديرنا السابق 51.3 دولار أمريكي للبرميل) و57.9% في عام 2018 (بارتفاع عن تقديرنا السابق 56.0 دولاراً أمريكياً للبرميل). وقد كانت عملية إعادة التوازن في سوق النفط أقوى من المتوقع. ففي جانب الطلب، تتوقع وكالة الطاقة الدولية حالياً نمو الطلب العالمي إلى 1.4 مليون برميل في اليوم في عام 2016، أي أعلى من توقعاتها السابقة التي كانت 1.2 مليون برميل في اليوم. والمحرك الرئيسي لهذا النمو القوي في الطلب هو الأسواق الناشئة، وخاصة الصين وبقية الاقتصادات الآسيوية الناشئة. وعلاوة على ذلك، يتواصل الطلب المرتفع من أوروبا بالرغم من تفاقم عدم اليقين، جراء تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. ومن شأن هذا الطلب الإضافي أن يساعد على التخلص من بعض فائض المعروض في السوق الذي قدرته وكالة الطاقة الدولية بمقدار 1.7 مليون برميل في اليوم في 2015. تغيرات العرض والطلب ظل منتجو النفط ذي التكلفة العالية في الولايات المتحدة يقلصون إنتاجهم باستمرار منذ شهر إبريل/ نيسان 2015. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن ينخفض الإنتاج في الولايات المتحدة بواقع 0.5 مليون برميل في اليوم في 2016. لكن استعادة توازن المعروض لم تكن بسبب الولايات المتحدة حصراً. فمن المتوقع أيضاً أن يقلص منتجون آخرون خارج أوبك مثل الصين وكولومبيا من إنتاجهما في عام 2016. وسيقابل ذلك بالإنتاج الإضافي من إيران عقب رفع العقوبات في يناير الماضي. كما من المتوقع أن تقدم دول أخرى في أوبك على رفع إنتاجها هذا العام في إطار التنافس على الحصص السوقية.ومن المتوقع أن تكون الزيادة في المعروض معتدلة، ويتم تقليص فائض المعروض في السوق إلى 0.5 مليون برميل بفضل النمو القوي للطلب، ما سيؤدي إلى متوسط أسعار 44.7 دولار للبرميل في 2016. وفي 2017، من المتوقع أن يتم استهلاك الفائض البسيط المتبقي في السوق بشكل كامل، بالرغم من ارتفاع المعروض من المنتجين الرئيسيين في العالم، وذلك بفضل الطلب الإضافي الذي من المتوقع أن يبلغ 1.3 مليون برميل في اليوم أي قريباً من نطاقه للنمو طويل الأمد، ما سيكون كافياً لاستيعاب كل المعروض المتبقي والجديد. ومن شأن اكتمال عملية إعادة التوازن دعم ارتفاع أسعار النفط التي نتوقع أن تبلغ متوسط 55 دولاراً أمريكياً للبرميل في 2017. تكلفة المنتجين في المدى المتوسط، سيتم تحديد أسعار النفط بناءً على تكلفة المنتجين الهامشيين، وهم شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية في هذه الحالة. ويقدر خبراء النفط حالياً أن هذه التكلفة تبلغ 60 دولاراً للبرميل، لذلك فإننا نتوقع تحولاً تدريجياً في أسعار النفط نحو هذا المستوى، وهو ما سيؤدي إلى متوسط أسعار يبلغ 58 دولاراً للبرميل في عام 2018. ويمكن القول إن ثورة النفط الصخري قد أحدثت تغيرات كبيرة في مجال النفط، لكنها لم تغير الطبيعة الجوهرية للنفط كسوق. فعندما تكون الأسواق متخمة بالمعروض وتنخفض الأسعار، تميل الأسواق للتكيف من خلال قناتين. أولاً، يبدأ منتجو السلع عالية التكلفة في الخروج من السوق، حيث تصبح أعمالهم غير مربحة. ثانياً، يشجع انخفاض الأسعار على زيادة الاستهلاك، الأمر الذي يدعم ارتفاع الأسعار. وتؤثر هذه العوامل على سوق النفط في الوقت الراهن، وهي تتقدم بوتيرة أسرع مما كان يعتقد في السابق. وذلك لا يعني العودة إلى الأسعار التي تتجاوز حدود المئة دولار للبرميل خلال عدة سنوات قادمة، لكن من المُرجح أن تصل الأسعار إلى 60 دولاراً للبرميل في المدى المتوسط.
مشاركة :