عندما وصلت مديحة الغوثاني إلى الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) برفقة أسرتها، وهم من اللاجئين السوريين الذين كانوا قد فروا إلى الأردن، كانوا مهيئين لأن يواجهوا رفضًا من ثقافة جديدة وبلد كانوا يخشون أنه لا يرغب في وجودهم. كانوا يعرفون أن كثيرًا من الأميركيين، على غرار دونالد ترامب، يريدون منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. لكن السيدة الغوثاني وزوجها وأبناءهما الأربعة وجدوا بانتظارهم منزلاً مؤثثًا في بالتيمور، بجانب موظف اجتماعي مكلف بمساعدتهم على التعامل مع حياتهم الجديدة – وذلك ضمن مجهود أعلنه الرئيس باراك أوباما في الخريف الماضي ويرمي إلى إعادة توطين 10 آلاف من السوريين الذين شردتهم الحرب في سوريا، بنهاية سبتمبر (أيلول). وبعد بداية بطيئة وفي خضم حالة من الجدل السياسي الشديد، تسير إدارة أوباما على الطريق لبلوغ هذا الهدف وقد تتخطاه، بحسب أرقام كشفت عنها يوم الجمعة. قالت السيدة الغوثاني، 23 عامًا، في مقابلة هذا الأسبوع أجريت معها في مركز لإعادة التوطين تديره لجنة الإنقاذ الدولية: «قيل لنا إننا سنواجه وضعًا بغاية الصعوبة في الولايات المتحدة، لأن الناس لا يحبوننا ولا يريدون التعامل معنا، لكن ما وجدته هو أن الناس أحسنوا استقبالنا. وهم يقضون وقتًا ومجهودًا كبيرين بالفعل لمساعدتنا، والرد على استفساراتنا ومساعدتنا في حياتنا». ويأتي وصول أسرة السيدة الغوثاني ضمن تدفق متزايد للاجئين السوريين – 99 في المائة منهم مسلمون – الذين يصلون في جماعات إلى أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة. وقال مسؤولون بالإدارة الأميركية يوم الجمعة إنه سُمح لـ8,000 لاجئ سوري بدخول الولايات المتحدة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، وهو وضعهم على الطريق لتجاوز هدف استقبال 10,000 من اللاجئين السوريين. ومن خلال شراكات مع وزارات الخارجية والصحة والخدمات الإنسانية، يتلقى هؤلاء اللاجئون جميعهم معاونة من منظمات غير حكومية تعمل على توصيلهم بشبكة دعم محلي لمساعدتهم على العثور على المسكن، والتسجيل للحصول على الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية وإدراج أطفالهم في المدارس. ولجنة الإنقاذ الدولية هي واحدة من 9 منظمات غير ربحية تساعد في إعادة توطين اللاجئين ودمجهم في مجتمعاتهم الجديدة. وتعكس هذه الزيادة تحركًا هادئًا لكنه مكثف من قبل وزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي، ويحثه البيت الأبيض بشكل كبير، لتسريع وتيرة استيعاب اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة. ومن المرجح على ما يبدو أن يؤدي هذا التحرك لزيادة تأجيج النقاش السياسي حول اللاجئين، الذي أصبح موضوعًا محوريًا في الانتخابات الرئاسية. وسبق وأن أثارت آن ريتشارد، مساعدة وزير الخارجية لشؤون السكان والهجرة واللاجئين، شكوكًا حول ما إذا كان من الممكن إدراك هدف قبول 10,000 سوري – وهو جزء من هدف إجمالي بإعادة توطين 85,000 سوري بنهاية هذا العام. وقالت: «تعرضنا للكثير من الضغوط لجلب السوريين، وأننا لم نبذل ما يكفي للجهود لمواجهة هذه الأزمة». وتشمل هذه المهمة مجموعة صارمة من الإجراءات المعنية بالمراقبة والضوابط الأخرى، بجانب جهد متزايد من قبل المنظمات غير الحكومية لتوفير منازل جديدة لأولئك الذين تم قبولهم في الولايات المتحدة. وقالت السيدة ريتشارد في مقابلة: «لدينا أشخاص وجماعات في الولايات المتحدة يطلبون منا جلب الكثير والكثير من اللاجئين من حول العالم، وبعد ذلك نجد أشخاصًا يقولون، (ألا تخشون من أنكم تدخلون إرهابيين إلى البلاد). هذا الأمر يحتاج لأشخاص وموارد. لكن التحدي الأكبر هو أن نتحرك بشكل أسرع من دون أي تقصير على المستوى الأمني». وأضافت: «أشعر بالحزن لتحول اللاجئين إلى قضية سياسية في موسم الانتخابات هذا. لقد أصابني هذا بالصدمة فعلاً». لكن هذا لم يعطل جهود الإدارة حتى الآن باتجاه دمج سريع لتدفق جديد كبير من السوريين على المجتمعات الأميركية. في فبراير (شباط)، وهو تقريبًا التوقيت الذي سمعت به عائلة السيدة الغوثاني بإمكانية تقدمهم بطلب لإعادة التوطين في الولايات المتحدة، بدأت الإدارة تحركًا مدته 3 أشهر لمقابلة ودراسة طلبات اللاجئين السوريين في الأردن. وأجرى موظفو وزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي مقابلات مع 12,000 من المتقدمين بطلبات لجوء. كما وتوسعت العمليات في إسطنبول وبيروت ولبنان وإربيل في العراق، لفحص عدد أكبر من الحالات السورية. وقال جيه جونسون وزير الأمن الداخلي هذا الأسبوع: «أضفنا بالفعل ضوابط أمنية إلى العملية. كما أضفنا الكثير من الموارد من أجل الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها بالنسبة إلى أزمة اللاجئين العالمية». وقال ليون رودريجيز، مدير إدارة الجمارك والهجرية الأميركية، إن عملية التدقيق تشمل ما يسميه المسؤولون «المراجعة السورية المعززة»، والتي تتضمن وحدات لرصد عمليات الاحتيال ووحدات من أجهزة الأمن القومي، بجانب إجراءات تدقيق استخباراتية تشمل فحص شبكات التواصل الاجتماعي. وقال السيد رودريجيز إن 7 في المائة من السوريين المتقدمين بطلبات لجوء أخفقوا في تخطي هذه الإجراءات ومنعوا من الدخول، فيما تم تعليق 13 في المائة من الطلبات الأخرى بسبب مخاوف بشأن مصداقيتها. وبحسب الأرقام التي نشرتها وزارة الخارجية، فإن الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين استقروا في ميتشغن وكاليفورنيا وأريزونا وتكساس، فيما توزعت البقية على جميع الولايات منطقة شمال غربي المحيط الهادي إلى نيو إنجلاند عدا نحو 12 ولاية.
مشاركة :