دعا مستشار وزارة التجارة والصناعة للاستثمار الدكتور عبدالله العبيد مستهلكي اللحوم الحمراء إلى تغيير عاداتهم الاستهلاكية للإسهام في تخفيف مشكلة استيراد المملكة اللحوم “الحيّة”. وقال العبيد لـ “الشرق” إن الاستيراد من دول متعددة مشكلة المزمنة، وعزا ذلك إلى عدم توفر الإنتاج المحلي لسد الحاجة. وقال إن معالجة المشكلة تعتمد كُلياً على تثقيف المجتمع وتغيير العادات الاستهلاكية من لحوم الحيوانات الحيّة إلى المبردة والمجمدة. وأضاف الدكتور العبيد الذي شغل وكيل وزارة الزراعة لشؤون الأبحاث والتنمية الزراعية “سابقاً” خلال حديثه لـ “الشرق” أن “تغيير نوع الاستهلاك يعتبر الحل الذي من شأنه أن يجنب المملكة كثيرا من المشكلات مثل المحاجر ونقل الأمراض والأعلاف داخل المملكة، ويقلل حتى من استهلاك الأعلاف المدعومة داخل المملكة والحبوب الأخرى والإضافات العلفية. كما تحدث الدكتور العبيد عن الاستثمار الزراعي الخارجي والدول المناسبة لهذه الاستثمارات، وكذلك الضمانات والتسهيلات التي يمكن أن يحصل عليها المستثمر السعودي في الخارج، كما تطرق إلى عديد من قضايا التجارة والصناعة والاستثمار. طالب بمراجعة قرار منع زراعة القمح وبعض الخضراوات العبيد لـ الشرق: استيراد اللحوم «الحيّة» مشكلة «مزمنة» .. وحلّها تغيير العادات الاستهلاكية الرياض يوسف الكهفي السودان عمق استراتيجي زراعي للمملكة.. والاستثمار فيه مهم مصر لديها احتياج غذائي كبير.. وليست محفزة للاستثمار الزراعي وصف مستشار وزارة التجارة والاستثمار الدكتور عبدالله العبيد مشكلة استيراد المملكة اللحوم «الحيّة» من دول متعددة بـ «المزمنة»، وعزا ذلك إلى عدم توفر الإنتاج المحلي لسد الحاجة. وقال إن معالجة المشكلة تعتمد كُلياً على تثقيف المجتمع وتغيير العادات الاستهلاكية من لحوم الحيوانات الحيّة إلى المبردة والمجمدة. وأضاف الدكتور العبيد الذي شغل وكيل وزارة الزراعة لشؤون الأبحاث والتنمية الزراعية «سابقاً» خلال حديثه لـ «الشرق» أن «تغيير نوع الاستهلاك يعتبر الحل الذي من شأنه أن يجنب المملكة كثيرا من المشكلات مثل المحاجر ونقل الأمراض والأعلاف داخل المملكة، ويقلل حتى من استهلاك الأعلاف المدعومة داخل المملكة والحبوب الأخرى والإضافات العلفية. كما تحدث الدكتور العبيد عن الاستثمار الزراعي الخارجي والدول المناسبة لهذه الاستثمارات، وكذلك الضمانات والتسهيلات التي يمكن أن يحصل عليها المستثمر السعودي في الخارج، كما تطرق إلى عديد من قضايا التجارة والصناعة والاستثمار في سياق الحوار التالي.. فإلى نصه.. الاستثمار في السودان ماذا عن الزيارة التي قام بها مؤخراً وزير الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي في جمهورية السودان البروفسور موسى موسى للمملكة ولقائه وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي من أجل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الثروة الحيوانية وأيضاً في مجال الاستثمار الزراعي في السودان، الذي يتداول أنه سيكون حاضناً لاستثمارات زراعية سعودية ضخمة يُعدّ لها في المستقبل القريب؟ - معظم الاجتماعات التي تتم بمثل هذا النوع هي تأتي لتأكيد التزامات الحكومات، وبالذات الحكومة السودانية، فيما يتعلق بدعم المشاريع التي ترغب أن يُستثمر بها المشاريع الزراعية وتأكيدها على توفير الأراضي والمياه اللازمة لها في الواقع، وفي رأيي لن ينهض القطاع الزراعي في السودان إلا من خلال إجراءات جريئة تستقطب المستثمرين وينتفع بها المواطن السوداني وتنتفع الدول التي تستثمر فيها، السودان لديه موارد مائية وأرضية جيدة ولديه أيدٍ عاملة أجورها رخيصة، ولكن ما ينقص السودان هو الخدمات اللوجستية التي لابد أن تتكامل من خلال مؤسسات التمويل المختلفة المعنية بهذه المشاريع. عمق استراتيجي زراعي تقصد أن هناك عقبات أمام المستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار هناك؟ - أنا أقول إن الاستثمار في السودان مهم جداً، في حال كانت هناك رغبة واضحة وجادة من الحكومة السودانية، ويبدو لي أن التجارب السابقة أقنعت الحكومة السودانية أن تزيل بعض العقبات التي تقف أمام المستثمرين. أنا أؤكد أن السودان عمق استراتيجي زراعي مهم جداً بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فهو بلد الموارد فيه متاحة والخدمة إيجابية للطرفين، ولكن مشكلة أشقائنا السودانيين لم يتحركوا إلا خلال السنوات الأخيرة فيما يتعلق بدعم وتفعيل التنمية الزراعية، لم تكن لديهم القدرة على إقامة مشاريع تنموية كبيرة وبالتالي تركوا المجال لمستثمرين خارجيين وعلى مستوى فردي بسيط دون دعم أو ضمانات أو تسهيلات، فمن وجهة نظري يجب أن يكون الاستثمار على نطاق واسع يفيد البلد ويفيد المستثمر وبلده، خيار المستثمر السعودي للاستثمار في بلد مثل السودان في الوقت الحالي مهم جداً، بحكم العلاقات السياسية الجيدة والقرب الجغرافي فهناك مقومات كثيرة مشجعة. عقبات تواجه المستثمرين برأيك ما العقبة التي كانت تواجه المستثمر السعودي في السودان؟ - تخصيص أراضٍ مناسبة تصل إليها الخدمات، مثل الطرق والمواصلات، الخدمات اللوجستية، ولابد أن تأتي دفعة قوية من الاستثمارات، بمعنى أن لا تكون استثمارات منفردة وصغيرة غير متكاملة، تكون استثمارات قريبة من بعض تستفيد من الخدمات المقدمة لها وممكن أن تكون هناك استثمارات لوجستية من قبل المستثمرين أنفسهم. حقيقة في الماضي كانت هناك عقبات، ولكن أشعر في الوقت الحاضر أن الحكومة السودانية أصبحت تبذل جهدا في إزالة تلك العقبات لأن التجارب السابقة أثبتت لها أنه لا يمكن جذب الاستثمارات دون حوافز ودون تسهيلات أبداً، وهذا ليس في جمهورية السودان وحدها بل في أي مكان أو بلد في العالم، الاستثمار الزراعي ليس استثمارا نادرا، هو موجود في كل دولة، هناك دول كثيرة تملك من المقومات الزراعية الشيء الكثير، ولا تنفرد السودان في مثل هذه المقومات، ولكن من وجهة نظري أرى أن السودان من أفضل المواقع للمستثمرين السعوديين متى ما أدركت الحكومة السودانية أهمية وضع الحوافز لجذبهم. خبرة في الاستثمار هل ترى أن المستثمر السعودي بات يملك خبرة كافية في مجال الاستثمار الزراعي الخارجي؟ - المستثمرون السعوديون اكتسبوا خبرة كبيرة وجيدة أثناء التنمية الزراعية التي حصلت في المملكة خلال الـ 4 عقود الماضية ولديهم رؤوس الأموال اللازمة، السياسات الزراعية المتبعة في المملكة التي قلصت من القطاع الزراعي بالذات الحبوب والأعلاف والخضراوات المكشوفة وقلصت من فرص التصدير للخارج، أعطت المستثمرين السعوديين دفعة قوية للاستثمار في الخارج، إضافة إلى أن هناك شركات سعودية ذات خبرة زراعية جيدة، تريد الاستثمار والاستفادة من خبرتها في هذا المجال.. المملكة قبل 4 أو 5 سنوات أطلقت مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج وكانت جادة في توفير الاحتياجات الغذائية للمملكة من خلال الاستثمار الزراعي في الخارج نظراً لقلة المقومات الزراعية في المملكة، وكان لابد أن يكون هناك تسهيلات لأن الاستثمار الزراعي مرتفع المخاطر، ويختلف عن كثير من الاستثمارات الأخرى، وبدون دعم أو بدون تسهيلات لا أعتقد أنه يتحقق شيء على أرض الواقع. تسهيلات ائتمانية تقصد تسهيلات ائتمانية وجمركية؟ - نعم .. التسهيلات الائتمانية مهمة جداً، قضية تسهيل خروج المعدات الزراعية التي كانت موجودة في المملكة واستخدامها في الخارج هذه نقطة مهمة، لابد من إيجاد حل لها، كثير من تلك المعدات تم توفيرها من خلال قروض صندوق التنمية الزراعية في المملكة، ولابد من إيجاد مخرج لتسهيل خروج تلك المعدات والآليات الزراعية للاستفادة منها في تنفيذ المشاريع في الخارج، إضافة إلى قضية التسهيلات الجمركية فيما بعد، فيما يتعلق بنقل المحاصيل وغيرها، وأيضاً الغطاء السياسي مهم جداً، حيث إن مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي كانت تتضمن ما يسمى باتفاقية تعاون زراعي بين الدول المراد الاستثمار فيها وتحت مظلة الدولة حتى تضمن أن يكون هناك نقل للمحاصيل وأيضاً هناك إعطاء أمان للمستثمرين في مثل هذه الدول ولا تذهب استثماراتهم سدى، الاستثمار الزراعي الخارجي تجربة ناجحة وتتبعها كثير من الدول، فهي من أساليب توفير الأمن الغذائي لكل مجتمع، رغم أنني أرى بأن تجربة المملكة مازالت غير مكتملة، تجربة على استحياء، ليست بالقدر الذي يسد حاجة المملكة بالشكل الكبير. الاستثمار في مصر ولكن هناك تجارب لا يلام فيها المستثمر السعودي.. مثل تجربة الاستثمار في مصر وغيرها من البلدان التي حدثت فيها تغيرات سياسية؟ - أنا لست مع أي مستثمر لا يتجنب الاستثمار في دول ذات احتياج غذائي كبير، مصر على سبيل المثال، أنا لا أعتقد أبداً أنها موقع محفز للاستثمار، في حال كان الهدف منه نقل المنتجات للمملكة، لأنها محتاجة لتلك المنتجات أساساً، وستواجه عقبات في نقلها وتصديرها، أما إذا كان الهدف زيادة التطوير الزراعي والتنمية الزراعية في تلك الدول هذا شيء آخر، مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله تهدف إلى توفير هذه السلع أو المنتجات ونقلها إلى المملكة لتخفيف العبء على الزراعة المحلية وتوفير السلع الاستراتيجية للمملكة. منع زراعة القمح مضى ما يقارب 5 سنوات على قرار منع زراعة بعض المحاصيل الزراعية وأبرزها زراعة القمح بالإضافة إلى منع زراعة المحاصيل الأخرى تدريجياً.. بعد مضي هذه السنوات. كيف تقيّم هذه التجربة؟ - تلك قرارات تم اتخاذها وبعضها أرى أنه لابد أن يُدرَس من أجل تأمين بعض الاحتياجات المحلية من هذه المحاصيل، وأتمنى أن يتم تقييمها بطريقة صحيحة ومنطقية وواقعية وأن تكون مثبتة علمياً، بعيداً عن التشنجات والآراء المضادة، لابد من دراسة قدرة المملكة على استعادة بعض من منتجاتها الزراعية، التي أرى أنها مهمة جداً لكونها إحدى القطاعات الإنتاجية المهمة في الاقتصاد السعودي ومهم جداً أن يكون هناك دعم للقطاع الزراعي لكن وفق استراتيجية واضحة متوازنة بين الموارد المائية والرغبات، القطاع الزراعي مهم، «أُمةً لا تنتج ما تأكل أُمةً ضعيفة» وهذه حقيقة. استيراد الثروة الحيوانية فيما يتعلق بالثروة الحيوانية.. منافذ الاستيراد متعددة، وبين الحين والآخر تصدر وزارة الزراعة والجهات المعنية الأخرى تحذيرات ومنع استيراد من دول متفشية فيها أمراض.. ما السبيل لتقنين كمية الاستيراد وفتح نوافذ جديدة؟ -المملكة تستورد اللحوم من دول كثيرة، وهذه مشكلة مزمنة وأعتقد أنها ستكون طويلة المدى لسبب عدم توفر الإنتاج المحلي لسد الحاجة المحلية ولذلك المملكة سوف تعتمد على الاستيراد بشكل كبير إن لم يعالج الموضوع بشكل جذري، وهو العمل على تثقيف المجتمع وتغيير العادات الاستهلاكية، فيما يتعلق بتغيير نوع الاستيراد من نوعية الحيوانات الحيّة إلى اللحوم المبردة والمجمدة، وهذه طبعا تحتاج توعية وتعاون أفراد المجتمع بشكل عام، اللحوم المبردة والمجمدة أعتقد أنها هي الحل الذي من شأنه أن ُيجنب المملكة كثيرا من المشكلات مثل المحاجر ونقل الأمراض والأعلاف داخل المملكة، وهذا يقلل حتى من استهلاك الأعلاف المدعومة داخل المملكة والحبوب الأخرى والإضافات العلفية، الطلب على الحيوانات الحيّة مرتفع لأن له علاقة طردية مع زيادة السكان وسوف تستمر المملكة معتمدة على الاستيراد، فلابد أن يتغير مفهوم الاستيراد، من استيراد اللحوم الحيّة إلى اللحوم المبردة والمجمدة وهذا بالتأكيد سيجنب المملكة كثيرا من العبء.
مشاركة :