بينما يدلف المدافع الهولندي العملاق ياب ستام إلى مبنى جميل منفصل في ملعب تدريب نادي ريدينغ الإنجليزي، تبدأ الذكريات في التدفق على مخيلته. لم يخطط الهولندي الدولي السابق لطرق مجال التدريب أبدا لكنه سيخوض التجربة مع نادي ريدينغ (فريق الدرجة الأولى الإنجليزي) مستفيدا بما تعلمه من السير أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد، لبناء رؤيته الخاصة. كان الهولندي الذي يصل طوله 192 سم من الركائز الأساسية في مانشستر يونايتد في عهد السير أليكس فيرغسون: قلب دفاع شرس لا يرحم من الطراز القديم. لكن تلك الأيام، التي فاز خلالها ستام بالثلاثية، دوري الأبطال والدوري الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي، في أول موسم له بعد وصوله من بي إس في أيندهوفن في 1998، لا تبدو كذكرى بعيدة جدا في مكان عمله الجديد أيضًا. هناك مقولة للسير أليكس فيرغسون في المطعم الكائن بملعب هوغوود بارك، مركز تدريب نادي ريدينغ الذي يلعب في الدرجة الأولى (الثانية فعليا)، وداخل الملعب هناك نيال كيون، نجل مدافع آرسنال السابق، مارتن كيون، الذي يلعب بصفوف فريق ستام. يقول ستام صاحب الـ44 عاما: «رائع أن أعود إلى إنجلترا، فلطالما استمتعت بالوقت الذي قضيته كلاعب هنا. تلك المباريات التي خضناها ضد آرسنال عندما كان مارتن كيون يلعب بصفوفه، كانت مباريات عظيمة وكانت المنافسة بين الفريقين كبيرة. عرفت أن ابنه يلعب هنا عندما تعاقدت مع النادي لكني لا أتحدث إليه الآن عن والده». سيبقى ستام في الذاكرة طويلا كواحد من أفضل المدافعين في الدوري الممتاز، وإن كنا لا نعرف بعد كيف سيتذكره الناس كمدرب. بعد تعيينه في يونيو (حزيران)، حيث وقع على عقد مدته سنتين خلفا للمدرب المقال برايان ماكديرموت، مع خيار التمديد لعام ثالث، بات ستام رقم 31 من لاعبي يونايتد من عهد فيرغسون الذي يدخل مضمار التدريب. ومع هذا فدخول عالم التدريب لم يكن أمرا مخططا له ولا طبيعيا بالنسبة إلى ستام. ويوضح: «كنت أسمع كثيرًا من الناس يقولون - من الواضح أن هذا اللاعب سيصبح مدربا - لكنني كنت أعتقد أن هذا محض هراء». ويتذكر فترة في مسيرته كلاعب في 2007، بعد موسم مع أياكس، مضيفا: «ليس دائما اللاعب الذي يتكلم كثيرا في غرفة تغيير الملابس يصبح مدربا. هو إحساس تحتاج لتنميته، وهو إحساس بحاجة لأن يستحوذ على اهتمامك تدريجيا. بالطبع عندما تلعب كرة القدم بنفسك يمكن أن تفكر بأنك تريد أن تصبح مدربا، لكن هذا لا يجعل منك مدربا جيدا. كنت لاعبا، وبعد ذلك أردت ألا أفعل أي شيء ذي صلة بكرة القدم لمدة عام، وأن أرى ماذا أريد». بعد اعتزاله، استمتع ستام بوقت مع العائلة، حيث سافر لقضاء العطلات في أنحاء أوروبا وفكر في العمل التلفزيوني والتحليل. ورغم أن السعي لدخول سلك التدريب لم يخطر له ببال أبدا، فما إن دعاه ناديه الأول، بي إي سي زولي لتولي دور مدرب مساعد حيث يعمل يومين أسبوعيا، حتى سارع بتلبية النداء. دخل كثير من زملاء ستام في يونايتد ممن حصدوا الثلاثية، روي كين وتيدي شيرنغهام وغاري نيفيل مجال التدريب قبله. وعن هذا يقول: «قد يبدو هذا غريبا لأنني لعبت مع الكثير من اللاعبين الكبار لكنني لم أكن أظن أبدا أنني سأصير مدربا. ربما كان هناك لاعب واحد كنت أظن أنه سيكون مدربا، هو أولي غونار سولشكاير، لأنه كان دائم الحديث عن كرة القدم لكنني لم أكن أنظر إلى اللاعبين الآخرين بنفس النظرة». كان ريدينغ فريقا بالدرجة الثالثة، ولا يزال يبعد 5 سنوات من الصعود إلى الممتاز في عهد ستيف كوبيل، عندما غادر ستام إنجلترا بطريقة سيئة للانضمام إلى لاتسيو الإيطالي في 2001. كان ستام بحاجة إلى كثير من العمل قبل أن يتوجه لإجراء مقابلة في ريدينغ، ويعترف بأنه قرأ عن أيام مجد الفريق وأسوأ فتراته، وكذلك استشارة بني جلدته رونالد كويمان وغوس هيدينك قبل تولي المهمة. يعتبر ستام المدرب هيدنيك واحدا من أكثر الرجال تأثيرا على مسيرته، بجانب فيرغسون وديك أدفوكات وثيو دي يونغ، مدربه الأول في نادي زولي. ويقول ستام: «كان هيدنيك مهما جدا بالنسبة لي لأنه مدرب يجيد التعامل مع الجميع وكانت علاقته جيدة جدا باللاعبين. يعامل الفريق ككل بطريقة جيدة ويعطي اللاعبين ما يحتاجونه ليعملوا بشكل جماعي. ما تعلمته من فيرغسون هو كيفية بناء فريق. كمدرب أنت بحاجة لأن تكون لديك رؤيتك الخاصة وأن تعرف ماذا تريد أن تفعله مع الفريق. أنت بحاجة لأن تكون لديك مجموعة من اللاعبين بصفات معينة، وأن تشكل أسلوب اللعب الخاص بك، وأعتقد أن فيرغسون كان جيدا جدا في هذا». ويمضي قائلا: «لم يكن فيرغسون ينظر إلى الأسماء لأنك ترى كثيرا من المدربين يشترون لاعبين من أصحاب الأسماء الكبيرة لأنهم يعتقدون أنهم سيؤدون المطلوب. كان فيرغسون من نوعية المدربين الذين يهتمون بصفات اللاعب الذي يحتاجه في مكان معين في وقت معين، كان مدربا من الطراز العالمي في هذا الشأن. وأعتقد أن هذا النهج حقق له الكثير من الألقاب في ذلك الوقت». فاز مانشستر يونايتد بلقب واحد كبير هو كأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي منذ تقاعد فيرغسون في 2013. يبدو ستام في حالة استرخاء كبير خلال إجابته على الأسئلة حول ناديه السابق، خلال المقابلة التي استغرقت نصف ساعة ويقول: «بالطبع، كان الجميع في حالة ترقب لما يمكن للمدرب الجديد (ديفيد مويز) أن يفعله، هل سينجح، وهل سيتمكن من تقديم نفس المستوى من كرة القدم واللاعبين كما فعل فيرغسون؟ لكن ينبغي أن يعرف الجميع أن هذه مهمة من الصعب جدا إنجازها. عانى النادي بعد ذلك لبعض الوقت، لكنه أدى بشكل جيد في النهاية وتقدم لمراكز أعلى في جدول الدوري. جاء لويس فان غال كذلك، وكان لدى الجميع أمل مع توليه تدريب النادي، لكنك تعرف مدى الصعوبة التي يواجهها مدرب يحاول الفوز بلقب الدوري من جديد. وتدريب يونايتد مهمة صعبة، والآن تولى المسؤولية جوزيه مورينهو، والكل يتوقع الكثير منه. عاد النادي للإنفاق من جديد، وربما الكثير من الأموال لاستقدام لاعبين رفيعي المستوى، ومن ثم يأمل المشجعون بأن ينجح في استعادة الألقاب من جديد». يجز الهولندي على أسنانه عندما يرد ذكر زلاتان إبراهيموفيتش، المهاجم السويدي الذي اشتبك معه في الدوري الإيطالي الممتاز قبل عقد من الزمن، والذي سيقود هجوم يونايتد هذا العام. يقول بابتسامة: «ربما كان يشعر بالإثارة لأنه يلعب ضدي لأنني كنت أكبر منه. كلاعب، فإنه تطور كثيرا وبات من الأسماء الكبيرة. يعرف الجميع قدراته. لم يكن اسم إبراهيموفيتش كبيرا كما هو الآن، لكن بالنسبة لي، كمدافع، كان من الجيد دائما أن ألعب ضد هذه النوعية من اللاعبين، كان تحديا رائعا». يدرك ستام تماما التحدي الذي ينتظره مع ريدينغ، الذي بدأ موسمه على ملعبه في مواجهة بريستون يوم السبت. كان سريعا في وضع بصمته على فريق كان دون مستوى التوقعات الموسم الماضي، حيث احتل المركز 17 في الدرجة الثانية. دعم فريقه صفوفه بالتعاقد مع جون سويفت، لاعب وسط منتخب إنجلترا تحت 21 عاما، قادما من تشيلسي، والمهاجمين جوزيف مينديز وياكو مايتي، من لوهافر وباريس سان جيرمان على الترتيب، إضافة إلى الثنائي الهولندي روي بيرينز وجوي فان دين بيرغ، والأخير من لاعبي الوسط الأقوياء ويشبهه ستام بروي كين. وبالطبع سيمنح كريس غونتر وأوليفر نوروود، اللذين لعبا في يورو 2016، مع منتخبي ويلز وآيرلندا الشمالية على الترتيب، ومهاجم بورنموث، يان كيرموغانت، فريقه خبرة مهمة. يقول ستام: «علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا. لا أحد يمكن أن يتوقع أن يحقق ريدينغ الصعود الموسم القادم أو أن يصل إلى مرحلة الصعود من المباريات الحاسمة. هبط أستون فيلا، ونيوكاسيل ونوريتش والكثير من الأندية الكبرى الأخرى لتتنافس معنا في هذه البطولة، سيكون رائعا لو وصلنا إلى أعلى 10 مراكز، لكن حتى هذا سيكون مهمة صعبة». ورغم الاضطرابات التي حدثت في السنوات الماضية، تظل الورقة الرابحة ل ريدينغ هي أكاديمية الناشئين التي تعد من الطراز الأول، والتي ستشارك بفريق في بطولة كأس الدوري بعد عودتها هذا الموسم. كان آخر المتخرجين من هذه الأكاديمية هو أرون تشيبولا، الذي بيع إلى استون فيلا في الصيف، لكن جيك كوبر وجوردان أوبيتا وجوش باريت يشكلون نواة جديدة للفريق الأول بعد تميزهم في الأكاديمية. ساعد إيمون دولان، الذي خسر معركته مع السرطان في يونيو كل هؤلاء اللاعبين كمدرب لأكاديمية الناشئين، وكذلك غولفي سيغوردسون وشين لونغ، اللذين شقا طريقهما منذ ذلك الوقت. ولتكريم التركة الهائلة التي تركها دولان بعد 12 عاما من العمل في ريدينغ، أعلن النادي مؤخرا اعتزامه تغيير اسم المدرج الشمالي ليحمل اسمه. يقول ستام: «أن نفعل شيئا خاصا من أجله هو أمر طيب للغاية. أكاديمية الناشئين مهمة جدا لناد مثل ريدينغ، لأننا لا نملك القوة المالية في اللحظة الراهنة مثل الأندية الكبرى مثل نيوكاسيل، لشراء لاعبين كبار لمحاولة الفوز بالدوري. نريد الاعتماد على لاعبي الأكاديمية داخل الفريق الأول. ونأمل أن نتمكن من المحافظة على استمراريتها كما كانت وأن نحصل على الكثير من اللاعبين الموهوبين لتدعيم الفريق الأول. أتمنى أن نستمتع برؤيتهم وهم يلعبون، ومن يدري ماذا سيحدث بعد ذلك». ياب ستام في سطور > تاريخ الميلاد: 17/7/ 1972 (هولندا) > المركز: قلب دفاع > مسيرته: بدأ ستام مشواره مع فريق زولي الهولندي وشارك معه في 32 مباراة وأحرز هدفًا واحدًا. انتقل إلى نادي كامبور عام 1993 ولعب معه موسمين ثم انضم في عام 1995 لنادي فيليم 2 وفي العام التالي انتقل إلى نادي أيندهوفن حيث سطع نجمه وأصبح صخرة دفاع المنتخب الهولندي. لعب ستام مع أيندهوفن حتى عام 1998 وشارك معه في 76 مباراة أحرز خلالهم 11 هدفًا ثم بعد ذلك انضم لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي. قضى 3 مواسم في الدوري الإنجليزي كان أهمها الأول الذي حصد فيه الثلاثية التاريخية (دوري وكأس إنجلترا ودوري أبطال أوروبا). بعد دخوله في إشكال مع إدارة يونايتد الفنية انتقل إلى نادي لاتسيو الإيطالي عام 2001 ولعب معه الأخير حتى عام 2004 قبل أن يتركه لينضم لميلان «البطل حينها» واستمر معه حتى عام 2006. أنهى مسيرته في نادي أياكس أمستردام في عام 2006. > مشاركاته الدولية بدأ مشواره مع المنتخب الهولندي عام 1996 واستمر ركيزة خط الدفاع حتى عام 2004، مشاركا في 67 مباراة دولية سجل فيها 3 أهداف. شارك في مونديال فرنسا عام 1998 الذي حصد فيه المنتخب الهولندي المركز الرابع، و«يورو 2000».
مشاركة :