يكافح مقدم البرامج والعروض الأميركي دين عبيد الله منذ خمس عشر سنة، الأفكار النمطية السلبية السائدة عن الإسلام متسلحاً بالسخرية، في مهمة باتت ضرورية أكثر من أي وقت مضى في ظل السباق الرئاسي الأميركي الحالي. على غرار كثير من المسلمين الأميركيين، تغيرت حياة دين عبيد الله في ذلك اليوم الشهير من أيام العام 2001. ويقول: «قبل الحادي عشر من أيلول، كنت مصنفاً ضمن غالبية الأميركيين، البيض... ولكن بعد الهجمات صرت من الأقلية». عبيد الله أميركي من أب فلسطيني وأم إيطالية ولد في نيوجيرسي ونشأ فيها، وهو محام سابق اختار أن يتحول إلى العروض والبرامج ليحمل من خلالها قضايا المسلمين الأميركيين. ويقول: «لا أحد يخطر بباله أنني عربي أو مسلم، لم يحدث ذلك معي قط»، لكن التعرض للترهيب يدفع المرء إما إلى التخفي أو إلى رفع هويته والنضال من أجل الجماعة التي ينتمي إليها». يتخذ النضال مع عبيدالله أشكالاً مبتكرة، من العروض الى الوثائقيات والبرامج الإذاعية، وغيرها من المنابر التي يمكن أن يوصل رسالته من خلالها، متسلحاً دائماً بالسخرية. في العام 2103 طغى على المشهد الإعلامي العالمي ظهور تنظيم «داعش» المتشدد، وجعل ذلك من عمل عبيد الله أكثر ضرورة لمواجهة التنميط الذي يعاني منه المسلمون في الولايات المتحدة. يقول عبيد الله: «الذين لا يعرفون شيئاً هنا ويرون كل ما يرونه في الإعلام عن داعش وتنظيم القاعدة، لا يخطر ببالهم أننا أشخاص ظريفون، سيظنون فقط أننا جئنا لقتلهم». واليوم، وفي ظل الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، يبدو أن عمل عبيدالله صار أكثر أهمية من أي وقت مضى. ففي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اقترح المرشح دونالد ترامب منع المسلمين من دخول الأراضي الأميركية، وقال في آذار (مارس) الماضي: «أظن أن الإسلام يكرهنا». إزاء ذلك، يشعر المسلمون الأميركيون اليوم أنهم «محاصرون وحدهم، وأن لا أحد يهتم بهم»، بحسب عبيدالله. ولمعرفة ما يعاني منه المسلمون الأميركيون، تكفي قراءة بعض الرسائل التي يتلقاها مقدم البرامج والعروض هذا البالغ من العمر 46 سنة. فقد خاطبه أحد المتصلين ببرنامجه الإذاعي وقال له: «أنت تعلم في قرارة نفسك أن ترامب سيفوز، وحينها سيكون عليك أن تخفي خيبتك... سيحصل ذلك وسيلقى بك في مكان ما». في العام 2012، توجه عبيد الله إلى بعض الولايات الجنوبية التي تعد الأكثر محافظة، لعرض فيلمه الوثائقي الساخر «المسلمون قادمون». وهناك لم يتوان البعض عن أن يصرخوا بوجهه «عد إلى بلدك»، لكنه لم يتلق أي تهديد. إلا أنه يتخوف من أن تكون الأمور انحدرت إلى ما هو أسوأ حالياً. هذا القلق لا يخيفه ولا يدفعه إلى الانكفاء، بل إلى مزيد من النشاط بين البرامج التلفزيونية والحلقات الإذاعية، ليلفت الأنظار ويغير المفاهيم. ويوضح: «أنا لا أناضل من أجل المسلمين، وإنما من أجل القيم الأميركية، لفكرة أن يعامل الناس بالعدل». ويضيف: «أرفص أن يترك أحد مثل دونالد ترامب يغير ثوابت هذا البلد». يترقب عبيد الله بقلق، على غرار كثير من المسلمين الأميركيين، مآل العملية الانتخابية التي ستجري في الخريف المقبل. ويقول للناخبين الديموقراطيين: «اذهبوا واقترعوا... لا أريد أن ينتهي بي الأمر في معسكر اعتقال».
مشاركة :