الحوادث المرورية.. السرعة والجوال يحصدان الأرواح!

  • 2/7/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

دعني أذكر أخي القارئ بما كنت قد بدأت بالكلام عنه الأسبوع الماضي، عنما حدث لدحيم من حادث مروري مروع، أُخذ على إثره إلى المستشفى لإنقاذ حياته وعمل مايلزم. لقد اُعتمد نظام فعال على مستوى العالم في بداية تسعينيات القرن الماضي في التعامل مع الإصابات الشديدة المتعددة وغير المستقرة، عُرف هذا النظام ب «ATLS» أو إنقاذ الحياة المتقدم المساند للإصابات، ووضع له برامج تدريبية متقدمة على مستوى العالم، وذلك لتدريب ذوي العلاقة في مجال الإسعافات. تم تقسيم برنامج إسعاف المصابين إلى أربع مراحل رئيسية تحدد معالم إسعاف المصاب وعلاجه، كالآتي: - المرحلة الأولى: الإسعاف الأولي تبدأ هذه المرحلة في موقع الحادث وتُستكمل في غرفة الطوارىء والإنعاش بالمستشفى. وصل دحيم إلى المستشفى وهو بحالة حرجة قام الفريق الطبي بتنظيف تنظيف مجرى التنفس (الفم والأنف) من جميع الشوائب والانسدادات، وعندما لم يجدوه يتنفس ذاتيا وبمستوى وعي منخفض جدا قاموا بوضع أنبوبة تنفس في قصبته الهوائية ومن ثم وضعه على المنفسة الصناعية. استكمل الفريق الخطوة التالية من الفحص. فقام الفريق بإزالة الملابس، لإعادة تقييم المصاب والتأكد من عدم وجود إصابات أخرى لم تكن ظهرت أثناء الفحص الأولي وذلك بتفقد بقية أجزاء جسمه للتأكد من عدم وجود نزف داخلي أو خارجي وتقييم النزف بالنظر المباشر إلى مكان الإصابة إذا كان خارجيا أو تقييم الدورة الدموية للمصاب (تقييم ضربات القلب والعلامات الحيوية وتشمل النبض وضغط الدم والحرارة) ولون بشرته لمعرفة مستوى النزف الحاصل. - المرحلة الثانية: الإنعاش. تم إنعاش دحيم بإعطائه المحاليل الطبية اللازمة ونقل كميات من الدم تعوضه عما فقده ثم انتقل الفريق الطبي للمرحلة الثالثة. - المرحلة الثالثة: الإسعاف الثانوي فقاموا بتثبيت الكسور الخارجية. وإتمام الفحص الإشعاعي وذلك بعمل مسح كامل لجسد دحيم من خلال عمل الأشعة المقطعية والذي يغني عن تعريض المصاب لخطر تحريكه المتكرر أثناء التصوير الإشعاعي العديد، فتجري عملية الفحص الإشعاعي المقطعي لجميع الأجزاء المطلوبة في وقت واحد دون الحاجة إلى تحريك المصاب أثناء التصوير. تبين من المراحل السابقة أن دحيما يعاني من عدة إصابات خطيره كالتالي: • إصابة بالغة في الرأس: تأتي على قمة الإصابات المرتبطة بحياة المصاب، وتتراوح شدتها بحسب نوعية الحادث وشدته، فهناك الكدمة والجرح الغائر بفروة الرأس، إلى الكسر بالجمجمة، والنزف الحاد بالمخ، وفقدان الوعي. • إصابات بالفقرات العنقية والصدرية والقطنية والعجزية، هناك تقريبا 5% من المصابين بإصابات في الرأس لديهم إصابات في الفقرات، و25% من إصابات الفقرات لديهم إصابات بالرأس، يحدث نصفها تقريبا في منطقة الفقرات العنقية. • إصابات الجهاز التنفسي: تشمل الصدر وما بداخله من القلب والرئتين، وهي من أخطر الإصابات المؤدية إلى الوفاة عندما يؤدي الحادث المروري إلى الإصابة المباشرة في الصدر (القلب والرئتان) وهذا يعرف بالاحتباس الدموي أو انضغاط الرئتين مؤديا إلى صدمة قلبية رئوية حادة والوفاة مباشرة. • كسور بالحوض والساق: حيث يفقد المصاب حياته بسبب النزف الداخلي المتواصل في الحوض وعدم القدرة على وقف النزف، وكذلك كسور الأطراف السفلية والعلوية. فقد يفقد المصاب ما مقداره 3 لترات من الدم في الحوض وحده، و1.5 لتر في كسور الفخذ والساق. أُصيب أخونا دحيم بكسر في الجهة اليسرى من حوضه وساقه اليسرى. • كما عانى دحيم من هبوط حاد في دورته الدموية والتي هي نزيف داخل البطن نتيجة إصابة الكبد والطحال فمثل هذه الإصابات خطيرة قد تتسبب بالوفاة مباشرةً – لا سمح الله - إذا لم يتم التعرف عليها بسرعة والتعامل معها فورا مما نقل دحيم إلى المرحلة الرابعة - المرحلة الرابعة: وهي التدخل الجراحي (عند الحاجة) والملاحظة المستمرة. أُخذ دحيم الى غرفة العمليات وقامت ثلاث فرق جراحية بالعمل عليه محاولة إنقاذ حياته فقام فريق الجراحة العامة بفتح بطنه ووقف النزيف الداخلي باستئصال الطحال واصلاح ثقب في الأمعاء وعمل مفاغرة معوية جانبية. وفي نفس الوقت قام جراح المخ والأعصاب بفتح جمجمة دحيم واستخراج الدم المتجمع والضاغط على الجهة اليسرى من الدماغ ووقف النزيف. بينما قام فريق جراحة العظام بتثبيت كسوره حتى تستقر حالته ومن ثم يتمكنوا من إصلاح الكسور المختلفة في أطرافه السفلى فيما بعد. أُدخل دحيم بعد ذلك إلى غرفة العناية المركزة وبقي هناك ثلاثة أشهر تحت الملاحظة المشددة مع رجوعه لغرفة العمليات عدة مرات لإصلاح ما أعطبه الحادث من جسده المسكين. خرج دحيم من العناية المركزة بعد كل هذه الفتره ضعيفاً وهزيلا وغير قادر على إسناد قوامه واحتاج الى الكثير من العلاج الطبيعي والنفسي والجسدي إلى أن أصبح يستطيع المشي بعد مضي تسعة أشهر مرت على صاحبنا وأهله كأنها تسع سنين. ولكن الأمر لم ينته هنا فقد احتاج دحيم إلى وقت أطول حتى استطاع العودة إلى مجتمعه شخصا منتجاً مرةً أخرى. عندما يقع اخوتي القراء حادثٌ مروري مرعب مخلفاً وراءه فاجعة وقتلى ومصابين، فإنه يترك آلاماً نفسية في نفوس الأهل, وكل أب وأم لديهما أبناء في أعمار مختلفة، يستطيع تصور الآثار المؤلمة لمأساة كهذه المأساة، ويستطيع أيضا إدراك حجم فاجعة موت أو إصابة شاب صغير السن، يحمل الكثير من الطموح والآمال لبناء مستقبل مشرق فإذا هي تتبخر فجأة مع فقدانه السيطرة على مركبته. تشير الكثير من تقارير الشرطة إلى أن حادث ما قد وقع بسبب انحراف وقد يكون وقوعه بسبب خلل في المركبة أو نتيجة لوجود خلل في الطريق أو بسبب قيام سائق مجهول يقود بطيش وجنون باعتراض طريق السائق الذي يسير بمركبته في أمان الله, كل هذه الأمور واردة أن تكون إحدى الأسباب, ولكن يبقى عامل السرعة والالتهاء عن الطريق خصوصاً مع وجود ملهيات كثير أهمها الهاتف النقال وما يحمله من تقنية ملهي لمن وقع فريسةً لها وهي الأهم والأخطر، فلولاها لتمكن أي سائق من السيطرة على مقود السيارة عند ظهور طارئ فجائي في الشارع, ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي يتعرض لحادثٍ مروريٍ شخصاً سيئاً، بل قد يكون شخصا حسن السيرة والسلوك وعلى درجة عالية من الأخلاق الحميدة، ولكنه قد يفتقد لبعض مبادىء القيادة الامنة. حيث يجب على قائد المركبة أن يتحلى بالقدر الذي يتلاءم مع دقة الانتباه وأن يلتزم السير على الجهة اليمنى للطريق ما أمكن. وألا يتخطى المركبات السائرة في نفس الاتجاه إلا من الجهة اليسرى وذلك على نحو ما تفصله اللوائح. كما يجب على قائدي جميع المركبات الالتزام بقواعد المرور وآدابه وإتباع إشارات المرور وعلاماته وأوامر الشرطة. ولا تنسى أخي قائد المركبة لبس حزام الأمان فهو يساعد على جلوسك بوضع صحيح أثناء قيادة المركبة ويريح العمود الفقري، فلقد سجلت الإحصائيات المرورية الآثار الإيجابية لاستخدام حزام الأمان في حالة الحوادث، فالتوقف المفاجئ للمركبة بسبب الحادث يعرض الركاب للاندفاع داخل المركبة بسرعة مساوية لسرعة المركبة. ابق عزيزي قائد المركبة حذراً ويقظاً، فالحذر والحيطة وتوقع المخاطر يجب أن يبدأا حتى من قبل الجلوس خلف مقود القيادة، فيجب عليك تهيئة نفسك لمواجهة المخاطر قبل وقوعها وهي عبارة عن تهيئة عقلية وجرد لاحتمالات الخطر وطرق التعامل معها. وفيما يلي بعض الأخطار المحتمل مواجهتها التي قد تسبب أخطارا في الطريق وعلى قائد المركبة معرفة طريقة التعامل معها أو نوع الدفاع الواجب اتباعه لمواجهة هذه المخاطر ومنها: • الشعور بالتعب والنعاس. • ضباب كثيف. • أمطار. • مقابلة سيارة في الجهة الأخرى من الطريق بإنارة شديدة وعالية. • القيادة في طريق جبلي متعرج. • وجود مركبات ثقيلة وكبيرة تتحرك ببطء. • أطفال يلعبون في قارعة الطريق. • عاصفة رملية. • حيوانات تقطع الطريق. إن التزامك عزيزي سائق السيارة بتعليمات المرور واتباع إرشادات الطريق مع الالتزام التام بالسرعة النظامية وتوخي الحذر سيوصلك إلى أهلك سليما معافى بإذن الله ولا تنس ان هناك دائما من ينتظرك ويحرص على سلامتك فاحرص على أن لا تفجعه فيك أو في أحد من أهلك.. والله يحفظنا ويحفظكم من شر الطريق.

مشاركة :