ينشغل مقاتلو «مجلس منبج العسكري» منذ أيام بعمليات خاصة ينفذونها بمسعى لتحرير أكبر عدد من المدنيين الذين يحاصرهم تنظيم داعش في حي السرب في مدينة منبج، وهو آخر جيب من المنتظر أن تقتحمه القوات الكردية الخاصة بمكافحة الإرهاب YAT قبل منتصف الشهر الحالي للإعلان عندها عن السيطرة على كامل المدينة. وكشفت نوروز كوباني، من المكتب الإعلامي لوحدات حماية المرأة YPJ عن احتجاز 150 عنصرا من التنظيم المتطرف نحو 2000 مدني في حي السرب الواقع على طريق جرابلس داخل منبج، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وصول «قوات الاقتحام الخاصة بمكافحة الإرهاب» يوم الاثنين والتي ستعمد بدعم من التحالف الدولي إلى اقتحام الحي لوضع حد نهائي لآخر جيب للتنظيم داخل المدينة. وتضم هذه القوات «نخبة من وحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية المدربة على يد التحالف الدولي»، بحسب نوروز التي اعتبرت أنّه لن يكون أمام عناصر التنظيم إلا «الموت قتلا أو الوقوع بالأسر»، مرجحة أن «يتم تحرير منبج بالكامل قبل منتصف الشهر الحالي». وتتحدث نوروز عن وجود «كتيبة خاصة من الأجانب الذين يلتحقون بقواتنا ومنهم أميركيين وفرنسيين ومن جنسيات أخرى شاركوا بحملة الشدادي وتل أبيض والخأبور واستشهد عدد منهم، أسترالي وأميركي ومصري»، لافتة إلى أن هؤلاء يشاركون كذلك بحملة منبج التي انطلقت في 31 مايو (أيار) الماضي. بدوره، لفت مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ناصر الحاج منصور إلى وجود جيوب لـ«داعش» في مركز المدينة وشمالها على مساحة لا تتعدى الـ10 في المائة من مجمل مساحة منبج، مشيرا إلى أن التنظيم «يتخذ من المدنيين دروعا بشرية وهو يقتل كل من يحاول الفرار، وقد قتل حتى الساعة نحو 10 أشخاص». وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»: «عمليات إنقاذ المدنيين مستمرة وهي عمليات نوعية نقوم بها نسعى من خلالها لفتح فجوات وممرات آمنة تسمح بفرارهم بعدما لم تلق المبادرة التي تقدمنا بها أخيرا لجهة السماح بخروج عناصر التنظيم مقابل السماح بإجلاء المدنيين والإفراج عن السجناء آذانا صاغية لديه». واعتبر منصور أنه «لا إمكانية لتحديد موعد انتهاء العمليات العسكرية في منبج بالكامل وإعلانها محررة»، لافتا إلى أن ذلك «مرتبط تماما بالقدرة على تأمين حماية المدنيين. وعن مرحلة ما بعد السيطرة على المدينة، أوضح منصور أن قوات مجلس منبج العسكري ستتولى حماية المدنيين والدفاع عنها، فيما يتولى مجلس منبج المدني إدارتها، على أن يتم إنشاء مجلس جديد يضم الفعاليات الاجتماعية والسياسية للمدينة. ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن مصدر عسكري من «قوات سوريا الديمقراطية» أن «عناصر تنظيم داعش باتوا يسيطرون فقط على أجزاء المربع الأمني الذي يوجد فيه مركز الحسبة ومعهد البنات الشرعي والمركز الثقافي ومشفى الأمل، إضافة إلى حيين فقط في الجهة الشمالية وهما السرب والجورة ومدرسة الزراعة التي تقع على طريق جرابلس»، لافتة إلى أن «الاشتباكات حاليا تتمركز على أطراف حيي الجورة والسرب، مع تحلق لطيران التحالف الدولي». وأشار أحد مقاتلي مجلس منبج العسكري إلى أنه «لا يزال هناك عدد كبير من المدنيين محاصرين لدى تنظيم داعش في حي السرب، ويحاول مجلس منبج العسكري تحريرهم»، موضحًا أن التنظيم المتطرف «منع الغذاء عنهم، والمدنيين الباقين في المنطقة يعتمدون على غذاء سبق أن أمنوه قبل حصار المدينة». وفي تقرير عرضته قناة «سي إن إن» الأميركية من داخل منبج، ظهر داميان، وهو مقاتل فرنسي في «قوات سوريا الديمقراطية» يقول إنه جاء ليقاتل عناصر «داعش»، «لأنهم موجودون في فرنسا أيضًا، ولأنهم عدو مشترك. إنهم عدو لنا في فرنسا أيضا». كما تحدث مراسل القناة إلى مقاتل آخر من «سوريا الديمقراطية» عرض أمام الكاميرا عددا من القنابل والألغام، وقال إن عناصر «داعش» كانوا يستخدمون في الغالب «ألغامًا مصنوعة يدويًا، ولأننا حاصرناهم لم تتبق أي مواد صناعية. لم يبق عندهم شيء. حتى إنهم استخدموا أباريق الشاي لصناعة الألغام. وهذا أيضًا حزام من أجل المواد المتفجرة.. يضعون الحزام المليء بالمتفجرات حول أنفسهم». وتُعد منبج مركزًا استراتيجيًا ولوجيستيًا لـ«داعش»، فهي تقع تقريبًا في المنتصف بين الحدود التركية ومدينة الرقة التي أعلنها التنظيم عاصمة له. لذلك تعني السيطرة على البلدة تضييق الخناق على الإمدادات من الأسلحة والمقاتلين إلى التنظيم المتطرف.
مشاركة :