زينب بنت جحش‮.. زواج بأمر إلهي

  • 8/12/2016
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حماد قال تعالى‮ وإذ تقول للذي‮ ‬أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي‮ ‬في‮ ‬نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي‮ ‬لا‮ ‬يكون على المؤمنين حرج في‮ ‬أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولا، (‬الأحزاب: 37). كانت تقول عن نفسها‮: ‬زوجني‮ ‬ربي،‮ ‬وكان رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ قد زوجها لمولاه زيد بن حارثة،‮ ‬وبقيت عنده سنين فلم تلد له،‮ ‬وكان إذا جرى بينه وبينها ما‮ ‬يجرى بين الزوجين من خلاف أدلت عليه بسؤددها،‮ ‬وغضت منه بولايته،‮ ‬فلما تكرر الأمر عزم على أن‮ ‬يطلقها وجاء‮ ‬يعلم رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬بعزمه على ذلك،‮ ‬ويشكوها إليه،‮ ‬وكان الله قد أوحى إلى النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬أنه سينكح زينب،‮ ‬وذلك هو ما في‮ ‬نفسه،‮ ‬وكان النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬بالغ‮ ‬في‮ ‬الكتمان،‮ ‬فكان‮ ‬يقول لزيد‮: (‬أمسك عليك زوجك‮)‬،‮ ‬وكان‮ ‬يخشى أن يعيب الناس عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه،‮ ‬وكانوا‮ ‬يتحرجون من أن‮ ‬يتزوج الرجل زوجة دعيه،‮ ‬فأنزل الله‮ ‬يبين الأمر،‮ ‬ويبطل سنن الجاهلية‮: وإذ تقول للذي‮ ‬أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي‮ ‬في‮ ‬نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً‮ ‬زوجناكها لكي‮ ‬لا‮ ‬يكون على المؤمنين حرج في‮ ‬أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً‮ ‬وكان أمر الله مفعولاً (‬الأحزاب: 73). زواج فريد قال ابن العربي: إنما قال‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬لزيد: (أمسك عليك زوجك‮) ‬اختباراً لما عنده من الرغبة فيها أو عنها،‮ ‬فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي‮ ‬نشأت من تعاظمها عليه،‮ ‬أذن له في‮ ‬طلاقها،‮ ‬وبعد أن انقضت عدتها زوجها الله لرسوله لإبطال عادة التبني‮: (‬ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً‮) (‬الأحزاب: 40). ويروي‮ ‬أنس بن مالك فيقول: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬لزيد اذكرها عليّ،‮ ‬وهذا من أبلغ‮ ‬ما وقع في‮ ‬تلك القصة،‮ ‬أن‮ ‬يكون الذي‮ ‬كان زوجها هو الخاطب،‮ ‬لئلا‮ ‬يظن أحد أن ذلك وقع قهراً‮ ‬بغير رضاه،‮ ‬يقول زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب،‮ ‬أبشري،‮ ‬أرسل رسول الله‮ ‬يذكرك،‮ ‬فقالت: ما أنا بصانعة شيئاً‮ ‬حتى أؤامر ربي،‮ ‬فقامت إلى مسجدها،‮ ‬ونزل القرآن،‮ ‬وجاء رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬حتى دخل عليها بغير إذن. وكان زواجها‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنها‮ - ‬بالنبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فريدًا،‮ ‬بلا ولي‮ ‬ولا شاهد،‮ ‬فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين،‮ ‬وكانت تقول للنبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮: (‬أنا أعظم نسائك عليك حقاً أنا خيرهن منكحاً،‮ ‬وأكرمهن سفيراً،‮ ‬وأقربهن رحماً،‮ ‬فزوجنيك الرحمن من فوق عرشه،‮ ‬وكان جبريل هو السفير بذلك،‮ ‬وأنا ابنة عمتك،‮ ‬وليس لك من نسائك قريبة‮ ‬غيري‮).‬ زينب تتباهى شعرت نساء النبي‮ ‬بالغيرة من العروس الجديدة،‮ ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬لم تخف افتخارها بما اختصها الله به،‮ ‬فكانت تقول لهن مباهية‮: (‬زوجكن أهلوكن،‮ ‬وزوجني‮ ‬الله من السماء‮)‬،‮ ‬ولم تكتم زينب‮ ‬غيرتها من عائشة رضي الله عنها،‮ ‬ولا فعلت عائشة،‮ ‬فقد كانت تقول‮: (‬لم تكن واحدة من نساء النبي‮ ‬تناصيني‮ ‬غير زينب‮)‬،‮ ‬والمعنى تنازعني‮ ‬وتباريني،‮ ‬ويروي‮ ‬البخاري‮ ‬في‮ ‬صحيحه عن عائشة‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنها‮ - ‬قالت‮: ‬كان النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬يمكث عند زينب بنت جحش،‮ ‬ويشرب عندها عسلاً،‮ ‬فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فلتقل إني‮ ‬أجد منك ريح مغافير،‮ ‬أكلت مغافير،‮ ‬فدخل على إحداهما،‮ ‬فقالت له ذلك،‮ ‬فقال‮: ‬لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له،‮ ‬فنزلت‮: ‬يا أيها النبي‮ ‬لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي‮ ‬مرضاة أزواجك والله‮ ‬غفور رحيم‮،‮ ‬إلى قوله‮: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير‮.‬ منافسة محتدمة وكانت تحتدم المنافسة بينهن حتى في‮ ‬حضرته‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬وقد روى مسلم في‮ ‬صحيحه أن عائشة‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنها‮ - ‬قالت‮: ‬أرسل أزواج النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فاطمة بنت رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬إلى النبي‮ ‬فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي‮ ‬في‮ ‬مرطي،‮ ‬فأذن لها،‮ ‬فقالت‮: ‬يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني‮ ‬إليك‮ ‬يسألنك العدل في‮ ‬ابنة أبي‮ ‬قحافة،‮ ‬تقول عائشة‮: ‬وأنا ساكتة،‮ ‬فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم‮: ‬أي‮ ‬بنية ألست تحبين ما أحب؟ فقالت‮: ‬بلى‮. ‬قال‮: ‬فأحبي‮ ‬هذه‮. ‬قالت عائشة‮: ‬فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فرجعت إلى أزواج النبي‮ ‬فأخبرتهن بالذي‮ ‬قالت،‮ ‬وبالذي‮ ‬قال لها رسول الله،‮ ‬فقلن لها‮: ‬ما نراك أغنيت عنا من شيء،‮ ‬فارجعي‮ ‬إلى رسول الله فقولي‮ ‬له إن أزواجك‮ ‬ينشدنك العدل في‮ ‬ابنة أبي‮ ‬قحافة،‮ ‬فقالت فاطمة‮: ‬والله لا أكلمه فيها أبداً،‮ ‬قالت عائشة‮: ‬فأرسل أزواج النبي‮ ‬زينب بنت جحش وهي‮ ‬التي‮ ‬كانت تساميني‮ ‬منهن في‮ ‬المنزلة عند رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬ولم أر امرأة قط خيراً‮ ‬في‮ ‬الدين من زينب،‮ ‬وأتقى لله وأصدق حديثاً،‮ ‬وأوصل للرحم،‮ ‬وأعظم صدقة،‮ ‬وأشد ابتذالاً‮ ‬لنفسها في‮ ‬العمل الذي‮ ‬تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى،‮ ‬ما عدا سورة من حد كانت فيها،‮ ‬تسرع منها الفيئة،‮ ‬قالت‮: ‬فاستأذنت على رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬وهو مع عائشة في‮ ‬مرطها على الحالة التي‮ ‬دخلت فاطمة عليها وهو بها،‮ ‬فأذن لها رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فقالت‮: ‬يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني‮ ‬إليك‮ ‬يسألنك العدل في‮ ‬ابنة أبي‮ ‬قحافة،‮ ‬قالت‮: ‬ثم وقعت بي،‮ ‬فاستطالت عليّ،‮ ‬وأنا أرقب رسول الله،‮ ‬وأرقب طرفه،‮ ‬هل‮ ‬يأذن لي‮ ‬فيها؟ قالت‮: ‬فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬لا‮ ‬يكره أن أنتصر،‮ ‬قالت‮: ‬فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها،‮ ‬فتبسم رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬وقال‮: ‬إنها ابنة أبي‮ ‬بكر‮.‬ موقف مشهود ورغم ذلك كان لزينب موقف مشهود في‮ ‬حادثة الإفك،‮ ‬التي‮ ‬تناول فيها المنافقون أم المؤمنين عائشة‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنها‮ - ‬بإفكهم المبين،‮ ‬وشهدت عائشة بموقف زينب هذا،‮ ‬قالت‮: ‬وكان رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬يسأل زينب بنت جحش عن أمري،‮ ‬فقال‮: ‬يا زينب،‮ ‬ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت‮: ‬يا رسول الله،‮ ‬أحمي‮ ‬سمعي‮ ‬وبصري،‮ ‬ما علمت إلا خيراً‮. ‬قالت عائشة‮: ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬كانت تساميني‮ ‬من أزواج رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فعصمها الله بالورع،‮ ‬وطفقت أختها حمنة تحارب لها،‮ ‬فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك‮.‬ عاشت أم المؤمنين زينب بنت جحش مع النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬خمس سنوات،‮ ‬وعاشت بعده عشر سنوات،‮ ‬وكانت أولى نساء النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬لحوقاً‮ ‬به،‮ ‬روت أم المؤمنين عائشة‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنها‮ - ‬أن النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬قال لأزواجه‮: ‬يتبعني‮ ‬أطولكن‮ ‬يداً،‮ ‬فكنا إذا اجتمعنا في‮ ‬بيت إحدانا بعد النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬نمد أيدينا في‮ ‬الجدار نتطاول،‮ ‬فلم نزل نفعل ذلك،‮ ‬حتى توفيت زينب بنت جحش،‮ ‬ولم تكن أطولنا،‮ ‬فعرفنا حينئذ أن النبي‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬إنما أراد بطول اليد الصدقة،‮ ‬قالت‮: ‬وكانت زينب امرأة صناع اليد،‮ ‬فكانت تدبغ،‮ ‬وتخرز،‮ ‬وتتصدق في‮ ‬سبيل الله،‮ ‬وكانت هي‮ ‬أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله‮ - ‬صلى الله عليه وسلم‮ - ‬فكانت البشرى لها،‮ ‬توفيت في‮ ‬سنة عشرين،‮ ‬وصلى عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‮ - ‬رضي‮ ‬الله عنه‮ - ‬ودفنت بالبقيع‮.‬

مشاركة :