مخاوف في أوروبا من تفشّي أزمة المصارف الإيطاليّة

  • 8/12/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في أعقاب تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفي معزل عن انعكاساته حتى الآن، ظهرت تباشير أزمة مالية حادة في القطاع المصرفي في إيطاليا، يُخشى في حال تفجّرها أن تسبب أزمة مالية جديدة في أوروبا تعمّق الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ العام 2008. وتشهد الأسهم والسندات وصكوك التأمينات المالية في إيطاليا تدهوراً متواصلاً في قيمتها، بعدما تبيّن أن خُمْس سندات القروض لا تزال سندات عفنة لم يجر التخلص منها بعد، ما قد يؤدي إلى انتقال الكارثة التي تزعزع النظام المصرفي الإيطالي إلى كل أوروبا. وبعد سعي رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينتسي، الذي يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية كبيرة، إلى تهدئة مخاوف المودعين، مشيراً «إلى أن المشكلة لا تكمن في إيطاليا بقدر ما تكمن في أوروبا ككل»، أكد أن المشكلة الفعلية لا تكمن في القروض الإيطالية، بل في «القيمة المالية الوسطية المتفق عليها بين عدد من المصارف» والمعروفة باسم «داريفايت». وأكدت «الوكالة الألمانية للأنباء» (دي بي أ) أن رينتسي «عنى بكلامه مصارف ألمانية معيّنة»، مشيرة إلى أن القمة الأوروبية التي عُقدت مطلع الشهر الماضي، رفضت طلب الأخير دفع 40 بليون يورو للمصارف الإيطالية لتعزيز رأسمالها وتثبيت وضعها. ويُذكر أن إنقاذ الحكومات للمصارف بات ممنوعاً وفق النظام الأوروبي الجديد الذي بدأ تطبيقه أخيراً، وينص على تقديم مثل هذا الدعم فقط في حال نفّذ القائمون على المصارف إصلاحات هيكلية فيها تضمن تعزيز رأسمالها ذاتياً، وعزّزوا القطاع المصرفي وقدرته على إعادة الأموال المستدانة، واستخدموا طاقاته المالية العائدة إليه والى كبار المستثمرين فيه قبل وضع أي برنامج إنقاذ أوروبي. وتبيّن أخيراً، تراكم لقروض وسندات قيمتها 360 بليون يورو في المصارف الإيطالية، أي ثُلث إجمالي القروض الرديئة الموجودة في منطقة اليورو، وسط انعدام قدرة زبائن كثر حصلوا عليها على إعادة تسديدها. ويعاني الكثير من المصارف المحلية في إيطاليا من هذه المشكلة، تحديداً نتيجة سوء إدارة توزيع القروض. وينظر مراقبو المصرف المركزي الأوروبي إلى الأمر بحذر شديد، ويطالبون المصارف المعنية بالتخلص سريعاً من هذه القروض، خصوصاً ثالث أكبر مصرف في إيطاليا «بانكا دي مونتي داي باشي دي سيينا» الذي يقف في عين العاصفة مع 47 بليون يورو من القروض الرديئة. ورأى خبراء مال أن مشكلة إيطاليا قد تصبح أخطر على أوروبا من قرار خروج بريطانيا. والواضح أن التخلص من هذه القروض ممكن فقط من خلال بيعها من جانب المصارف بخسارة واضحة، وإلغاء المستحقات المترتبة على الزبائن. لكن تنفيذ قرار كهذا غير ممكن في ظل غياب الأموال المرصودة لمثل هذه الحالات، على رغم زيادة رأس المال المصرفي مرات بطلب من المصرف المركزي الأوروبي، وكذلك عمليات الإنقاذ المالي للدول المعنية منذ أزمة عام 2008، ما ينطبق تحديداً على المصرف الإيطالي «أونيكريديت» الذي يعتقد خبراء أن «في حال تعرضه لهزة ما، فسيهتز معه النظام المالي العالمي». وكان رينتسي نفى «وجود حرب مصرفية بين إيطاليا وألمانيا»، مشيراً إلى أن «عدداً من المصارف الإيطالية ما زال يعاني، ويحتاج بالتالي إلى تصحيح وضعه مثل عدد من المصارف الألمانية أيضاً»، من دون أن يشير بالاسم إلى مصرف «دويتشه بنك» الذي يعاني صعوبات. وبعدما لفت إلى أن أوروبا «تحتاج بعد الاستفتاء البريطاني إلى التعامل بمنطق إيجابي»، شدّد على أن إيطاليا «ليست مريضة أوروبا». وأضاف: «صحيح أنها كانت هكذا في الماضي ولكن ليس الآن، وفي إمكاننا أن نُنجز مع الدول الأخرى عملاً جيداً، بشرط توافر الاحترام الواجب تجاه إيطاليا، ولا يتوجب استحداث حروب مع ألمانيا، بل نُطالب بأن تحترم ألمانيا بلدنا». واعتبر وزير الاقتصاد الإيطالي بيير كارلو بادوان، أن «تدخل الدولة غير ضروري لدعم المصارف الإيطالية، لكن الحكومة ستركز على إجراءات تهدف إلى إعادة هيكلتها».

مشاركة :